الرئيسية » تحرر الكلام » العبور الكبير لطائر الفينيق

العبور الكبير لطائر الفينيق

وطن- سوف يذكر التاريخ أن السادس من سبتمبر عام 2021 هو يوم العبور الكبير لستة فدائيين من جنس طائر الفينيق الفلسطيني، ويوما لبعث الروح للثورة الفلسطينية بعد ما أصابها من عطب بعد استشهاد ملهمها وقائدها، حيث نجحوا بقهر سجنهم وسجانهم واخترقوا الأرض وعبروا نحو حريتهم في مشهد سريالي حتى أعظم أفلام هوليود لم تستطع تصويره.

لقد كانت عملية “العبور”، وليس الهروب كما يطلق عليها البعض، من سجن جلبوع المحصن بالجدران الاسمنتية العالية وبأحدث التكنولوجية الأمنية في المراقبة، ومحاط بكاميرات ومجسات وأبراج مراقبة عالية ويجلس فيها السجانون ويراقبون كل شيء يتحرك داخله وخارجه، والمحصن بأشد المراقبة البشرية والحيوانية (الكلاب البوليسية)، حيث يأتي السجان كل ربع ساعة ليراقب الموجودين داخل الغرفة، ويقوم هذا السجان بحصي عدد الأسرى ثلاث مرات، وكل أسبوع هناك جولة لضباط الأمن والاستخبارات ومدير السجن في الأقسام، وكل ثلاث شهور يتم تفتيش القسم تفتيشا كاملا حيث يتم إخراج جميع محتوياته وافراغه بالكامل، وكل 6 شهور يتم نقل الاسرى إلى أقسام أخرى حتى لا يتم التخطيط لأي عملية هروب، ناهيك عن صعوبة المنطقة المحيطة من حيث التضاريس الجغرافية كالجبال والسهول وهي مكشوفة تماما، كانت هذه العملية بمثابة كسر منظومة أمنية إسرائيلية متكاملة أدت الى خروج 6 من أسرى الحرية.

عملية هروب الأسرى من سجن جلبوع

بالتأكيد فإن عملية كهذه ما كانت لتنجح لولا التخطيط والتدريب والتنظيم، بسرية مطلقة رغم كل المنظومة الأمنية داخل المعتقل، وما كانت لتنجح لو أن منفذيها كانوا أغبياء أو جبناء او حتى عجولين، فمن قرر تنظيم هذه العملية لم يجلس ليقول ربما ولعل وسوف ولو ولما وكيف…قرروا أن يحاولوا فعل لكسر جدران معتقلهم، ونجحوا، وهنا يجب أن يكون نجاحاهم درسا للكل الفلسطيني وخاصة فصائله المنقسمة والمنفصلة عن الواقع، أن قوموا وتعانقوا وتحابوا واتحدوا وانتفضوا وكفاكم انقساما وانفصالا أدمى قضيتكم وجعلها خارج السياسة الدولية بعد أن كانت محور كل القضايا العالمية والإقليمية والعربية. أن قوموا وإلتحقوا بركب أبناء شعبكم في مقاومته للمحتل الغاصب، وأن قوموا وانتفضوا وانفضوا الغبار عن سلاحكم، كل سلاحكم السياسي والعسكري والأمني، وأعيدوا للبندقية حركتها، بعد أن كادت أن تهترئ من الصدأ، ومن الرطوبة التي أصابتها نتيجة إهمالها.

العبور الكبير

مهما كانت نتيجة عملية العبور الكبير سواء بالوصول إلى مكان آمن خارج الوطن، أو بالاعتقال او الاستشهاد، فإن هذا العبور قد فعل فعله في شعبنا وفصائله وزرع ثقافة ثورية في قلوب الناس التي دخلها الفرح بعد سنوات الحزن الطويلة بفعل الانقسام الفلسطيني وتبعاته السياسية والاجتماعية.

المطلوب هو شحن الحالة الوطنية حتى تكون هذه العملية بمثابة حادثة الدهس التي اشعلت أهم انتفاضة في تاريخ شعبنا من 1987 حتى 1993، ويجب ان تؤسس هذه العملية البطولية لما هو أكبر وأشمل بكثير في مسار القضية الفلسطينية والتي هي بأمس الحاجة لإعادة ترتيب سياساتها وتكتياكات واستراتيجيات عملها.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.