الرئيسية » الهدهد » من المسؤول عن فتْكِ فيروس كورونا بالتونسيين؟

من المسؤول عن فتْكِ فيروس كورونا بالتونسيين؟

وطن- خرجت الأمور عن السيطرة، وراح آلاف التونسيين ضحية فيروس كورونا فكوفيد 19، وخسر آلاف آخرون موارد رزقهم، بينم لا يزال عشرات الآلاف يعانون كوابيس وتبعات إصاباتهم السابقة بهذا الفيروس الذي حوّل تونس النابضة بالحياة إلى مدن أشباح، لا يطيب فيها العيش مثلما كانت سابقا.

16845 شخصا فقدوا حياتهم، بينما تفشّى الفيروس في أجساد 519 ألف تونسي منذ بداية الجائحة، بينهم أكثر من 100 ألف في الأسبوعين الأخيرين، في وقت، لا يزال المسؤولون والقادة السياسيون يتقاذفون الاتهامات، ويتلذذون بمشاهدة أنين العائلات ونحيبهم على فلذات أكبادهم، وكأن شيء لم لكن.

تونس، ذلك البلد الذي كان يفتخر العام الماضي في مثل هذا التوقيت بالذات، بتغلّبه على فيروس كورونا وتحكّمه في انتشار العدوى بفضل تظافر جهود الجميع، صار يستغيث اليوم علّه يظفر بمساعدات دولية قد تعجّل بانفراج الأزمة التي خرجت عن السيطرة ولا حلول لها في الأفق، سوى بالتسريع في نسق التلقيح قبل انهيار المنظومة الصحية بصفة رسمية.

(فيروس كورونا).. من أوصل التونسيين إلى هذا الحال

لكن، يبقى السؤال الأهم اليوم، من أوصل البلاد والعباد إلى هذا الحال غير المسبوق على جميع الأصعدة؟

كثيرة هي الأسباب التي تدفعنا لتوجيه الاتهامات لكل الطبقة السياسية في تونس بلا استثناء، ابتداء من رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ الذي رجّح رد الاعتبار والروح الثأرية على أرواح التونسيين، وصولا لـ”ترويكا الشغب “الذي يحكم تونس اليوم، وهم كل من رئيس الجمهورية قيس سعيد، و رئيس البرلمان راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة هشام المشيشي.

توجيه الاتهام لرئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ، أسبابه عديدة ولا يسع المقال ذكرها كلّها، فالحركة الصبيانية التي قام بها بإقالة وزير الصحة المنتمي لحركة النهضة عبد اللطيف المكي بعد أن سحبت الحركة ثقتها منه بسبب شبهات فساد، لن تمحى من سيرته الذاتية ومن أذهان التونسيين.

إقالة المكي في 16 من شهر يوليو 2020، لم تكن الخطأ الوحيد الذي اقترفه الفخفاخ، فتعيين وزير الشؤون الاجتماعية السابق، الحبيب كشو خلفا له، لتولّي الإشراف على الوزارة لأكثر من شهر ونصف بالتزامن مع عودة تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات بفيروس كورونا، لخبط جميع الاستراتيجيات الوطنية التي تم تطبيقها سابقا، قبل أن يتم تعيين الوزير الحالي فوزي المهدي لتولي الوزارة الحساسة.

لن نتحدث عن فوزي المهدي، فلا يختلف اثنين أنه أفشل وزير صحة عرفته تونس بعد 14 يناير، بل سنواصل حديثنا عن  “ترويكا الشغب”، الذي حرم التونسيين من الإحساس بالطمأنينة والسكينة والراحة النفسية، منذ أكثر من 9 أشهر، راح خلالها آلاف التونسيين ضحايا خلافات سياسية ضيّقة، بين مشروعين سياسيين متضادين، الأول قائم على شيطنة الأحزاب ومحاولة طمسها وحل البرلمان وإنشاء منظومة حكم قذّافية شاذة يقودها قيّس سعيّد، والثاني قائم على المناورة والتكتيك ومحاولة عزل المعارضين والخروج بأكبر مكاسب سياسية، ويقوده راشد الغنوشي.

قيس سعيد، الرئيس التونسي الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في العام 2019، بفضل تصويت نحو 3 ملايين تونسي له، ظنّ أن بإمكانه تعيين رئيس حكومة موال له، يتحكّم فيه من القصر، فاختار هشام المشيشي، ولكن تكتيك الغنوشي وحنكته من خلال نجاحه السابق في استقطاب يوسف الشاهد في مرحلة أولى بهدف عزل الرئيس الراحل السابق الباجي قائد السبسي سياسيا، منعا سعيّد من تحقيق غايته، لتبدأ فصول جديدة من الحرب السياسية بين الرجلين، انتهت بارتماء المشيشي في أحضان الائتلاف الحكومي الذي منحه ثقته.

أشهر طويلة من الخلافات بين الرئاسات الثلاث، فشلت خلالها تونس في التموقع على الساحة الدبلوماسية العربية والعالمية، وقرارات ارتجالية للجنة علمية وطبية يعوز كثير من أعضائها الأهلية والكفاءة وتحرّكهم الحسابات السياسية الضيّقة، ووضع اقتصادي واجتماعي صعب، كل هذا وأكثر، عجّل بخروج الوضع عن السيطرة، واستفحال الفيروس في أجساد التونسيين، الذين باتوا اليوم عاجزين عن إيجاد سرير إنعاش أو جهاز أوكسجين قد ينقذ حياتهم.

في خضم كل هذا، لا تزال القرارات الارتجالية وتسجيل النقاط السياسية تحرّك المشهد السياسي الداخلي، فترى الجميع يسارعون اليوم لطلب المعونة من الدول الشقيقة والصديقة، وفور حصولهم عليها، يخرجون على الشعب نافخين صدورهم، وكل واحد منهم يتفاخر بأن له السبق والفضل، في وصول جرعات من اللقاحات، أو وحدات أوكسجين، كان يمكن أن لا نستحقها إذا ما جلس الجميع على طاولة الحوار قبل أشهر، وغلّبوا مصلحة الشعب على مصالحهم الشخصية والحزبية الضيّقة.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.