لماذا تسعى السعودية للحصول على الجزر في هذا التوقيت؟!

قال الكاتب المصريّ أحمد كامل البحيري إن الساحتين السياسية والشعبية شهدتا حالةً من الجدل غير المبسوق حول الأبعاد القانونية والتاريخية والجغرافية للجزر المصرية (تيران وصنافير)، ولكن ظل التساؤل الأهم “لماذا في هذا التوقيت يتم عقد اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية؟”، هو ما دفع البعض لطرح العديد من علامات الاستفهام حول أبعاد الاتفاق.

 

وأوضح “البحيري” في مقالةٍ له أنّه منذ وصول الملك سلمان بن عبد العزيز لحكم المملكة، وبدئه في تطبيق إعادة هيكلة صيغة الحكم في المملكة بالدفع بالجيل الثاني من أبناء “عبد العزيز” إلى سدة الحكم وإعادة ترتيب أروقة القصر الملكي ومراكز الحكم بالمملكة، فتم الإطاحة بالحرس القديم في الديوان الملكي والعديد من أمراء المناطق وبعض الأجهزة السيادية، بعزل رئيس الديوان الملكي وتعيين رئيس جديد لجهاز المخابرات السعودي (لأول مرة من خارج الأسرة الحاكمة)، وتمكين بعض الأمراء المحسوبين على ما يسمى باأسرة (السدريون) للعديد من المناصب الحكومية، فتم تعيين الأمير محمد بن نايف ولي ولي للعهد، ثم جاءت المرحلة الثانية من إعادة الهيكلة أو بالأحرى إعادة رسم خريطة الحكم في المملكة بمحاولة إتاحة المجال (لجوهر) عملية الترسيم (الأمير محمد بن سلمان)، بتصعيد الأمير محمد بن نايف لمنصب ولي العهد (ليس بهدف أن يكون البديل للحكم)، ولكن بهدف إتاحة المجال لتصعيد الأمير محمد بن سلمان ولي ولي للعهد، ولكن موازين القوى داخل المملكة أصعب من إعادة ترسمها بشكل سهل فتم الإبقاء على الأمير متعب بن عبدالله وزير للحرس الجمهوري “القوة العسكرية الأقوى”، داخل المملكة واحتفظ الأمير محمد بن نايف بمنصب وزير الداخلية، ودفع الأخير بوكيل وزارة الداخلية لمنصب رئيس جهاز المخابرات بالمملكة، شكل ذلك تحديًا أمام الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع.

 

وتابع: “قبل الاستغراق في التفاصيل، يطرح القارئ تساؤلًا: ما هي علاقة تلك التفاصيل بموضوع الجزر؟”.

 

ويقول الكاتب: “بالنظر في مشهد توقيع الاتفاق نجد ممثل الجانب المصري هو رئيس الوزراء “شريف اسماعيل”، ومن الجانب السعودي “الامير محمد بن سلمان”، وما هي المشكلة؟ فمن حيث الشكل يقابل منصب رئيس الوزراء في مصر ولي العهد في المملكة وليس منصب ولي ولي العهد، وتوقيع الأمير محمد بن سلمان على الاتفاق يعزز من نفوذ الأمير وشعبيته داخل المملكة، وبشكل مبسط، وبالنظر في دور الأمير محمد بن سلمان نجد اتساع دوره ما بين قائد المهمة في اليمن واللاعب الرئيسي في تشكيل “التحالف العربي العسكري في اليمن” ومؤسس”الحلف الإسلامي العسكري”، والمشرف على الأزمة السورية، ومنسق العلاقات الامنية بل والسياسية مع العديد من دول المنطقة، ومهندس المصالحة المحتملة بين مصر وتركيا، والمشرف علي ملف التفاوض مع حزب التجمع من أجل الاصلاح (الجناح السياسي للإخوان المسلمين) في اليمن، ومع تأزم العديد من الملفات وخصوصا الملف اليمني، سعى الأمير محمد بن سلمان لتحقيق انتصار بإعلانه التوصل لاتفاق مع مصر حول الجزيرتين (تيران وصنافير).

 

ويقول “البحيري” إنّ تراجع اهتمام الولايات المتحدة الامريكية بمنطقة الشرق الاوسط منذ وصل الرئيس اوباما لسدة الحكم، في وقت تتزايد حدة الصراع بالمنطقة سواء كانت صراعات داخل دول الاقليم (اليمن- سوريا- ليبا، نموذج)، او صراعات اقليمية (ايران – السعودية)، ومع تنامي حدة الصراعات الاقليمية وخصوصا ما بين المملكة العربية السعودية وايران والتي انعكست على مجمل الصراعات داخل الدول بالمنطقة علي خلفية توقيع الاتفاق النووي بين (ايران ومجموعة 5+1)، وحدوث شبة انفراجة وتحسن نسبي في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة الامريكية وايران وفي المقابل تراجع الدور الامريكي في المنطقة بدات المملكة العربية السعودية السعي لاعادة ترتيب العلاقات الامنية في المنطقة طبقا لمهددات الامن القومي للمملكة وهي علي النحو التالي المهدد الاول: ايران، المهدد الثاني: الكتائب المسلحة الشيعية، المهدد الثالث: الجماعات المسلحة السنية “داعش”، فاولويات المهددات الامنية لدي المملكة العربية السعودية تقترب بشدة من مهددات الامن لدي تركيا واسرائيل، وهو ما دفع المملكة العربية السعودية لاعادة صياغة الاوضاع الامنية في المنطقة.

 

ويعزز هذا التحرك –بحسب الكاتب- تزايد الفجوة في العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية و اسرائيل منذ اكثر من خمس سنوات وهو ما جعل البعض داخل الولايات المتحدة الامريكية بل والمجموعة الاوروبية ان تطرح مصطلح (العبء الاسرائيلي)، تجاة المصالح الامريكية، وهو ما دفع “اسرائيل” للبحث عن بدائل امنة في الاقليم.

 

وبحسب “البحيري” ياتي نفس التساؤل من القارئ ما هي علاقة تلك التفاصيل بموضوع الجزر؟ استاذن القارئ ان نكمل الفقرة الاخيرة.

 

يعلن الرئيس الامريكي “اوباما”، امام الكونجرس باعادة صياغة شكل المعونة العسكرية لمصر بداية من عام 2018، للتحول من معونة عسكرية للاسلحة الثقيلة، لمعونة عسكرية لاسلحة مكافحة الارهاب، ويتزامن ذلك مع اعلان الولايات المتحدة الامريكية رغبتها في تقليل اعداد القوات الامريكية المنوط بها حفظ السلام في سيناء والتي تقدر ب (700) جندي امريكي، واستبدال تمركز تلك القوات وخصوصا في شمال سيناء باجهزة ومعدات للمراقبة سواء عبر الجو بالمسح الجوي او عبر اجهزة ثابتة في بعض المناطق علي الحدود مع الارض المحتلة للمراقبة، والابقاء علي عدد محدود من تلك القوات لا يتجاوز 25%، يتم الدفع بهم في جنوب سيناء.

 

فالحديث عن خفض عدد القوات الامريكية المشاركة في حفظ السلام في سيناء وانسحابها من شمال سيناء واعادة الانتشار والتمركز والاتفاق علي صيغة جديدة في الجزر يتطلب اعادة صياغة الملاحق الامنية لاتفاقية” كامب ديفيد”، والتي يتم الاتفاق عليها الان، ومن جانب اخر طرحت الولايات المتحدة الامريكية منذ عام تقريبا الدفع بقوات امريكية بالتعاون مع الاردن واسرائيل والمملكة السعودية ومصر لحفظ امن البحر الاحمر.

 

ويورد الكاتب ملاحظةً تتعلق بوصول الامير محمد بن سلمان المملكة الاردنية في اعقاب التوقيع علي الاتفاق مع مصر.

 

ويقول الكاتب إنّه يحق للقارئ هنا ان يطرح التساؤل المشروع ما هي علاقة تلك التفاصيل بموضوع الجزر؟

 

إن أزمة الجزر المصرية (تيران وصنافير)، ترتبط وبشكل مباشر باعادة صياغة الترتيبات الامنية في المنطقة من حيث توسيع قاعدة ما يسمي (السلام) مع (اسرائيل)، واعادة صياغة التحالفات العسكرية في المنطقة بالاعتماد علي دول المنطقة وليس الاعتماد علي الولايات المتحدة الامريكية، وحتى يتحقق ذلك لابد من منفذ مباشر لبعض دول فتكون سوريا منفذ لتركيا، وتكون الجزر المصرية منفذ لاسرائيل.بحسب “البحيري”

 

وفي النهاية تأتي تساؤلات عدة: هل اولويات مهددات الامن القومي المصري تتفق مع اولويات المهددات الامنية للمملكة العربية السعودية؟، حيث يعتقد ان تلك النقطة هي جوهر الازمة التي يمكن ان تحدد ملامح التصور السعودي في المنطقة، يضاف الى ذلك الموقف (الاسرائيلي) تجاه تصور المملكة العربية السعودية الامني؟ وما هي مخرجات اللقاءات والاتصالات بين الجانبين علي مدار عام؟ وما هي ملامح الملحق الامني الجديد بين “اسرائيل” ومصر ، هذا كله ما يمكن ان نجيب عليه لاحقا،. تحت عنوان (ما لم يقوله الرئيس والمعارضة حول الجزر المصرية)، اذا كان في العمر بقية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى