الرئيسية » تحرر الكلام » الاحتفال بالفلسفة وحكمة تنظيم المهرجان

الاحتفال بالفلسفة وحكمة تنظيم المهرجان

” من له المشروعية لكي يضع حدودا أمام حق الإنسان في الفلسفة ؟ وهل يجوز له من وجهة نظر حقوقية أن يفعل ذلك؟ ألا ينبغي أن نذهب وفق خط مستقيم باتجاه الفلسفة؟ “1[1]

كتاب لزومية العود على بدء أو استراتيجيات فلسفية ، الفصل التاسع: الحق العالمي في التفلسف، ص231.

لم تصدر المبادرة ضمن الفعل الابداعي الذي يتنزل صلب الشأن الثقافي في تونس بتقديم مقترح حول تنظيم “أيام قرطاج الفلسفية” تبعا للتقليد الذي اشتهرت به تونس عربيا وإفريقيا وعالميا بتنظيمها لأيام قرطاج في المسرح والسينما والشعر. من فراغ وبطريقة فوقية وانما بعد نقاش جدي ومداولة متروية. والحق أن هذا التوجه العقلاني يبدو مفيدا جدا في زمن اللاّيقين وتصاعد الاضطرابات الفكرية والخلط بين المفاهيم ويستمد مشروعيته من عراقة الاشتغال بالفلسفة في بلدنا منذ قرطاج مرورا بالمدرسة القيروانية وجامع الزيتونة المعمور وتواصلا لجهد العلامة عبد الرحمان بن خلدون ووقوفا عند المصلح خير الدين. صحيح أن الفلسفة جزء من الحياة الثقافية للمجتمع ونبراسه الهادي من أجل تحصيل الوعي وتهذيب الذوق وصحيح أنها تدرب على الحكمة وتشجع على حسن استخدام العقل بصورة منهجية نقدية وبلوغ الاستنارة ولكن قيمتها الحقيقية تكمن في خروجها إلى الفضاء العام وانتفاع المواطنين بثمراتها وقدراتها على إقناع غير المختصين والتأثير الايجابي في المثقفين الموجودين خارجها والحائزين على فلسفتهم الخاصة بهم. من هذا المنطلق تتوسط الفلسفة رواق الحكمة وحديقة الثقافة وتتزين بالأدب على مستوى العبارة وتنهل من العلوم والأساطير من ناحية المنهج والمصدر وتضع الدين ضمن المصلحة الواقعية والعقل السديد. لا ينكر أحد الإشعاع الذي حققه التونسيون في المجال الفلسفي تدريسا وترجمة وتأليفا لعمق اطلاعهم على خزائن التراث العربي والإسلامي من العلوم والفنون والآداب ولإلمامهم المرضي بمكاسب الحداثة الغربية وإجادة اللغات ومواكبتهم للثورات الفكرية والتجديدات المنهجية ومتابعتهم الدقيقة للنزعات ما بعد الحديثة. على هذا النحو يبدو من المشروع بناء المشترك الفكري للعائلة الفلسفية في تونس لكي يعمل على التقريب بين الاتجاهات والمدارس وذلك بالحرص على بعث أيام قرطاج الفلسفية ضمن أنشطة مدينة الثقافة تكون مفتوحة لكل فاعل ومهتم وباحث ومريد للحكمة قصد التشجيع على الفكر النير ضمن يوم وطني للفلسفة

“إن ما ينبغي الاحتراس منه انه إذا لم تنظر المؤسسة إلى الفلسفة بعيون الاحترام والتبجيل وان لم تعمل الجهات الرسمية على صيانة الحق العالمي في التفلسف فانه ستتلقفها شرائح المهمشين العاطلين وسيجعلونها سلاحهم من اجل الثورة وتحد فيها حركية المجتمع تعبيرا عنها وليأتين زمن جميل يرد فيها الناس الاعتبار للعقل وللفلسفة دون أي تحفظات وأي اختزالات”،2[2] فمتى يتحقق المطلب وترى الفكرة النور؟

الإحالات والهوامش:

1- زهير الخويلدي، لزومية العود على بدء أو استراتيجيات فلسفية ، طبعة أولى، تونس 2007، ص231

2-  د زهير الخويلدي، لزومية العود على بدء أو استراتيجيات فلسفية، نفس المصدر، ص254

. كاتب فلسفي

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.