الرئيسية » تحرر الكلام » نحن نؤيد قطر ، ليس لأنها الأضعف ! ولكن لأنها على الحق والصدق

نحن نؤيد قطر ، ليس لأنها الأضعف ! ولكن لأنها على الحق والصدق

إزاء المواقف المتفاوتة لمتابعي الأزمة الخليجية ، قد يظن البعض وهماً أن من يدعم قطر يفعل ذلك لأنها الدولة الضعيفة في مواجهة عدد من الدول القوية ، ولكن واقع الحال أن قطر ليست دولة ضعيفة ، بل هي أقوى ممن هم في مواجهتها ، وهي تملك عناصر ومقدرات ومكنات الدولة القوية المتوازنة التي سبق أن أوضحناها ببعض التفصيل في مقال سابق ، وقوة الدولة ليست في ضخامة عناصرها المادية ، لكن أهم مرتكزات قوة الدولة على مر الزمن هو في استقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي . 

وتجّلت قوة عنصر الاستقرار الشامل في دولة قطر في امتصاص صدمة فجائية المواجهة ، وفي ميزة سرعة التأقلم مع واقعٍ حالٍ غير متوقع وغير محسوب ، وفي تكتل دول قوية إقليمياً وعالمياً خلف قطر مع قناعتها بموقفها الفكري وسلوكها الدولي ، وفي احتشاد وتكتل رأي عام مناصر ومؤيد لا يمكن إغفال قوته وتأثيره محلياً وإقليمياً وعالمياً .

يضاف إلى ما تقدم الموقف الموضوعي المنهجي لقطر من القضية الجوهرية محل الخلاف ، وهي “أن قطر تزعزع استقرار دول الخليج وتدعم الإرهاب” إذ لم يثبت حتى الآن بأدلة مقنعة مثبتة وموثقة ما يمكن أن يدين قطر فيما نُسب إليها من دعاوى ، وهاتان القضيتان يمكن أن يُنسب القيام بسلوكاتهما إلى غير قطر ، وسوف نوضح ذلك تفصيلاً في مقال مستقل نظراً لأهمية القضيتين وارتباطهما العضوي بأحداث وتطورات خطيرة داخلياً وإقليمياً وعالمياً .

وما يقفز إلى الذهن سريعاً في هذا الصدد هو أن الأزمة تفجرت بشكل فجائي ومباشر دون مقدمات ، وكان يمكن لمثل هذه الخلافات أن يتم احتواؤها والسيطرة عليها داخل الهيكل التنظيمي الذي يُدعى “مجلس التعاون الخليجي” ولا زلنا حتى هذه اللحظة لم نضع أيدينا على نقاط خلاف جوهرية يمكن أن تصل بالأمور سريعاً إلى ما وصلت إليه ، ولكن يبدو أن المسألة كانت في عداد درامة “صنع حدث كي يقود إلى فعل أو سلوك مبيت ومخطط” على سبيل النكاية والكيدية !!

ولا يزال السؤال الملح هو لماذا أصّر خصوم قطر أن يبددوا آمال الشرفاء من أبناء الأمتين العربية والإسلامية ويتمادوا في الخصومة إلى درجة الفجور ، ولماذ صمموا على أن يقطّعوا أرحامهم ، وأن لا يرقبوا في بني جلدتهم إلّاً ولا ذمة ؟؟!!

إن تحليل تطورات الأزمة يضع أيدينا بشكل أكيد على عنصرين مهمين هما : الأول عنصر التبييت والمكر ، والثاني عنصر الكيدية والنكاية ، ولكن هل كان يمكن أن يحدث ذلك مع قطر إذا كانت دولة تابعة منكسرة وغير مؤثرة في محيطها وفي العالم ، لو كانت قطر هكذا لما كان ثمة ما يدعو إلى مثل هذا الجهد الجهيد من أجل الإضرار المادي والمعنوي بها !!

لقد أجبرنا الموقف القطري المتوازن والمنهجي والهادئ وغير الجانح إلى الصخب والمثلية في التعامل كما أجبر غيرنا على أن نؤيد ذلك الموقف ونسجل إعجابنا به ، لأن قطر امتثلت قول الخالق العظيم “وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين” (النحل 126) وقد اختارت قطر الصبر ، ليس للضعف ولكن لأن فيه الخير !! 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.