الرئيسية » تحرر الكلام » السبسي ومرزوق والسيرة شبه المحرمّة.. البورقيبيون الجدد وسياسة إغراق البلاد العاجزة

السبسي ومرزوق والسيرة شبه المحرمّة.. البورقيبيون الجدد وسياسة إغراق البلاد العاجزة

17 سنة  منذ وفاة حبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية وتشهد البلاد منذ تولي حزب “نداء تونس” السلطة في البلاد،إثر انتخابات تشريعية ورئاسية أوصلت الباجي قايد السبسي إلى قصر قرطاج، إحياء لذكرى وفاة “زعيم” كان السبسي من المنقلبين عليه؛ فالسبسي الذي جعل من بورقيبة والبورقيبة أهم شعار لحملته الإنتخابية لم يزر بورقيبة بعد إنقلاب 07 نوفمبر 1987 ولم يحضر جنازته، فهل إحياء ذكرى وفاة بورقيبة هي من قبيل “التكفير عن الذنب” أم مواصلة لرفع شعارات تُغطي حجم الفشل في إدارة البلاد أم هو الحنين لحقبة تارخية ظن الكثيرون أنها ذهبت بذهاب “زعيمها”؟

مات مؤسس ما يُسمى بـ “الجمهورية الأولى” وحتى لا نخون التاريخ؛ مؤسس “الدكتاتورية الأولى”؛  ففترة حكمه كانت حقبة سوداء على الصعدين السياسي والحقوقي؛ حيث كرّس دولة الحزب أو حزب الدولة وفصّل الدستور على قامته “القصيرة” ثم لبس جُبّة الرئاسة مدى الحياة، وفي محاكم “أمن الدولة” كان تصدر أحكام السجن والإعدام للمعارضين بمختلف أطيافهم.

حقبة يخالها المتأمل من بعيد أنّها طُويت بما لها وبما عليها، إلاّ أن تونس ما بعد ثورة 17 ديسمبرـ كانون الأوّل 2010 لم تُبارح ثمانينات القرن الماضي، أزمة اقتصادية تكاد تعصف بما تبقى من “الجمهورية الأولى” وحراك اجتماعي يعيد إلى الذاكرة “انتفاضة الخبز” وكيف تواجها سلطة اليوم بنفس أساليب سلطة الأمس وكأن هذه من تلك !! ؛ وعود ومفاوضات صورية ثم قمع بآلة البوليس.

وكأن كلمة بورقيبة “نرجعو وين كنّا” التي قالها عقب أحداث “انتفاضة الخبز” تصف حال تونس مابعد الثورة؛ أزمات حادة على جميع الأصعيدة كتلك التي شهدتها البلاد في أواخر سنوات حكم بورقيبة العجاف.

سياسيا؛ نداء تونس “الحزب الحاكم” صار كقنبلة انشطارية فخخت المسار الإنتقالي في البلاد وفجرت التسريبات الصوتية لإجتماعات قياداته بحضور المدير التنفيذي للحزب وابن الرئيس، حافظ قايد السبسي، حقيقة أطماع هذا الحزب السلطوية وفضحت التداخل بين الحزب والدولة وبين الدولة والعائلة..في مشهد يذكر ببورقيبة وحبيب بورقيبة الإبن والذي يزعم كثيرٌ من المتحمسين لبورقيبة أنّه عائلته كانت بعيدة عن السلطة ولو كان هذا الإدعاء صحيحا لما تقلّد بورقيبة الإبن مناصب سياسية عدّة؛ فمن سفير بواشنطن، روما ثم باريس إلى وزير للخارجية، فالعدل ونهاية بمستشار خاص لوالده.

هذه العلاقة بين العائلة والحزب والدولة لخصها قول حافظ قايد السبسي في إحدى التسريبات الصوتية: “مادام العجوز (يعني الباجي قايد السبسي) في القصر فالإنتخابات البلدية مضمونة”، هكذا قال أمام قيادات حزبه وهكذا صرّح أمام نوّاب للشعب دون أن ينكر أحدهم أو أن يطلب توضيحا !!

اقتصاديا؛ البلاد تعيش أزمة اقتصادية خانقة حيث تراجعت كل المؤشرات الإقتصادية؛ فنسبة النمو لسنة 2017 لم تتجاوز الـ 1 % ولكن خبراء اقتصاديين أكدوا أن النسبة كانت سلبية وفي آخر تقرير للبنك المركزي التونسي سجل الميزان التجاري خلال الشهرين الأوليين لسنة 2017 عجزا تجاوز 2.5 مليار دينار مقابل 1.35 مليار دينار في نفس الفترة من سنة 2016.

الأزمة الإقتصادية خلقت بدورها أزمة اجتماعية نتيجة ارتفاع نسبة البطالة والفقر، حيث تشهد ولاية تطاوين بالجنوب التونسي احتجاجات منذ أسبوعين والتحقت بها ولاية الكاف في الشمال الغربي.

احتججات تُذكر بأحداث “انتفاضة الخبز” ذات جانفي – كانون الثاتي سنة 1984.

تونس ما بعد ثورة 17 ديسمبرـ كانون الأوّل 2010 تعيش في العهد البورقيبي بمنواله التنموي الإقتصادي، وبسياسته التعليمية والتربوية وبفكره السياسي وحتى بـ “رجال” تلك الحقبة؛ فرئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي كان وزيرا للداخلية ثم للدفاع ولليوم يقلد بورقيبة في هيئته، في نظّارته الشمسية وحتى في “فبحيثُ” تلك الكلمة الشهيرة التي طالما كررها بورقيبة في برنامج “توجهات الرئيس” خلال توليه حكم “الجمهورية الأولى”.

فترة يصح تسميتها بـ “تجربة المجرّب”، فسياسات وخيارات العهد البورقيبي التي أوصلت البلاد إلى ماهي عليه اليوم يظن الباجي قايد السبسي أنّها الخلاص.

فيما يظن محسن مرزوق “الحالم بالحكم” أن بورقيبة ورقة رابحة ستدخله قصر قرطاج، كما الحال مع السبسي، أو قصر الحكومة بالقصبة على أقل تقدير.

الصورة اليوم في تونس احياء لذكرى الموتى ووقوف على أطلال حكم 31 سنة جاءت سفينة ثورة 17 ديسمبر- كانون الأول 2010 لترحل بعيدا عن رسمه الذي أضحى بنيانا خربا تنعق فيه غربان تلك الحقبة إلاّ أن رياح “الثورة المضادة” جرت بما بم تشتهيه السُفنُ.

الصورة اليوم في تونس غابت عنها ألوان الثورة وحضرت صور “الزعيم الجديد” في مدينة المنستير الساحلية وسُمعت أصوات الجوقات والتصفيق والهتافات وكأنّ عجلة الزمان عادت إلى ثمانينات القرن الماضي، وكأنّ بورقيبة العجوز في السلطة العاجزة.. تُرى كم من حالم بتلاوة بيان 07 نوفمبر يقبل يد “الزعيم الجديد” صباح مساء!!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.