الرئيسية » تحرر الكلام » جيران وغرباء

جيران وغرباء

ماذا يعني أن أتوجه إلى منزل بِداخِله جُثة لرجل في الخمسين من عمره أثناء عملي في جهاز الأمن العام في إحدى مناطق عمان الغربية متعفنه وببداية تحلل ومضى على وفاة صاحبها ما يُقارب الثلاثة أسابيع كما أخبرني الطبيب الشرعي وبعد الإستفسار من الجيران عن ذويه إكتشفت أن شقيقه يُقيم في العمارة المقابلةِ له ولا يعلم عن موته شيء مع العلم أن المتوفى كان أعزباً ويقيم لوحده وسؤالي هنا متى آخر مره شاهده شقيقه وقام بتفقده وزيارته أو دعاه لتناول الطعام في بيته أو حتى إتصل به هاتفياً ….؟

ماذا يعني أن يُغادر أحدهم وعائلته شقته في عمان متوجهاً لزيارة أهله في إحدى محافظات الشمال مساء الخميس ليعود مساء السبت لِيَجِد أن شقته مسروقة وجاره الذي يسكن في شقةٍ مقابلةٍ له لا يعلم شيء عنها بالرغم أن السرقه تمت من خلال خلع وكسر الباب الرئيسي للشقه .

في جعبتي الكثير من القصص الحقيقيةِ ولكن أكتفي بهاتين للدلاله على أن هناك شرخاً عميق جداً في علاقاتنا الإجتماعيةِ وروابطها الإنسانيه سببه فِكر متخلف نشأ عن ما يسمى بالمدنيةِ الحديثه فتجد أحدهم يأتي من القريةِ أو الباديةِ ليسكن في عمان ويترك هناك أخلاقه وتربيته لِيبدأ بإعطاء التعليمات لزوجته وأبنائه بعدم الإختلاط والتَواصل وتبادل الزيارات مع الجيران ولا حتى رد السلام والتحيةِ عليهم فأصبحت علاقاتنا بارده وبلا حميميةٍ فأصابت هذه العدوى الجميع ولا أبرئ نفسي منها فأصبح الواحد منا لا يلتقي بجاره إلا بعد شهور وفقط أمام المصعد أو في كراج العمارةِ .

الآن ماذا يُضيرنا لوعدنا لأخلاق القريةِ والبادية وأحياء المدينة الفاضلة التي كنا نعيش بها ونقوم ما بين الفترة والأخرى بدعوة جيراننا إلى منازلنا وتبادل الزيارات وخاصة الساكنين الجدد للتعرف عليهم وزيادة التآلف لتحل محل الجفاء والبرود الذي ينتاب الأنفس ونستطيع من خلالها الإطمئنان إلى قلوب بعضنا وزيادة الوِد فنعيش كأسرةٍ واحدةٍ خوفنا وحزننا وفرحنا واحد ومن خلال ذلك نستطيع كسر الحاجز الوهمي الذي بنيناه بسوء الظن بالآخر والجار لِتلتقي القلوب والأرواح نستطيع من خلالها أن نتجرأ لنخبر جيراننا أننا متوجهين لمكان ما وسنغيب لفتره قد تطول أو تقصر لِيكونوا هم عوناً لنا على متابعة منازلنا وحمايتها من السرقةِ ومن دخول غريب إليها أو حتى ما المانع ان نترك نسخه إحتياطيه من مفاتيح منازلنا لديهم وممن نثق فيهم ليتصرفوا في حالة حدوث أمر طارئ لا قدر الله في غيابنا وخاصه مع هذه الرداءةِ في مواد البناء المستعمله من تمديدات صحيه وأسلاك كهربائيةٍ من الممكن في حال حدوث خلل بسيط قد تدمر بيوتنا وتحرق محتويات منازلنا .

الآن لابُد من إعادة الحميميةِ وإحيائها في قلوب الجيران من جديد لنعود كما كنا مترابطين جميعنا إخوةً إن غاب أحدهم نسأل عنه ونحتفظ بأرقام هواتفهم لنطمئن عليهم وما أجمل أن تعود عادة الإهداء من طعام وخلافه لزيادة المحبه والأهم من ذلك هو حسن الظن بالجميع .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.