الرئيسية » تحرر الكلام » لماذا اختار الإعلام السعودي عدم الحديث عن دعوة تنظيم الدولة الإسلامية لقتل علماء المملكة؟

لماذا اختار الإعلام السعودي عدم الحديث عن دعوة تنظيم الدولة الإسلامية لقتل علماء المملكة؟

اختار الإعلام السعودي بقسميه المكتوب والمرئي، التعتيم على الإصدار الجديد لتنظيم الدولة والذي حمل عنوان “عملاء لا علماء”،  بسبب دعوته الصريحة إلى تصفية وقتل من أسماهم “علماء السلاطين وحمير العلم”.

إصدار التنظيم الأخير، ركز بالخصوص على دعاة الفضائيات السعوديين على غرار محمد العريفي و عائض القرني وعبد العزيز الفوزان، إضافة إلى مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ، متهما إياهم بالتملق لـ”الطواغيت” والربح المالي من خلال فتاوى تدعم الحرب التي يشنها التحالف الدولي على “الدولة الإسلامية” بمشاركة الدول الإسلامية السنية.

يعلم المتابعون لما يصدره التنظيم دوريا، أن التشهير بعلماء السنة ممن أدانوا إعلان الخلافة في العراق سنة 2014 وتصدوا لفكره ونعتوا أصحابه بالخوارج، ليس جديدا، حيث سبق أن ورد ذلك في عدة إصدارات سابقة للتنظيم، لكن اللافت في الإصدار الأخير، هي تقنية المونتاج العالية من خلال اختيار مقتطفات من خطب وكلام الشيوخ ومحاولة تفنيدها بالأدلة وإبراز مكامن التناقض بين أقوالهم والنصوص الدينية (قرآن و أحاديث).

المتحدثون في إصدار التنظيم، وكان أبرزهم أبو عمر اللبناني، كالوا الاتهامات بالعمالة للتحالف الغربي “الصليبي” لمشايخ السعودية كونهم دعموا بفتاواهم مشاركة السعودية في الحرب على الدولة الإسلامية، بالإضافة لمرافقة بعضهم للطيارين وتشجيعهم قبل الإقلاع بطائراتهم لشن الغارات الجوية على المسلمين، كما وصف الإصدار الحكام المشاركين في التحالف الدولي بـ”الطواغيت”، والعلماء الذين أجازوا أعمالهم بالمنافقين المكدسين للأموال والمتمتعين بحياة البذخ والثراء الفاحش دون أن “يوخزوا بشوكة في سبيل الله”.

الدعوة إلى الاستهداف لم تقتصر على مشايخ الدين السعوديين، إذ أظهر الإصدار شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب في مقتطف يمدح بوذا و الديانة البوذية بالتزامن مع تمرير مشاهد لضحايا أعمال العنف في ميانمار من الروهينغا، كما أظهر الفيديو مفتي تونس عثمان بطيخ والداعية المغربي محمد الفيزازي ودعاة بالإضافة إلى يوسف القرضاوي وعلي الجفري المعترف بـ”حبه لليهود وإدانته لاحتلالهم”، كما أفرد الشريط حيزا هاما لعلماء المسلمين في الغرب منتقدا دعواتهم لوجوب احترام قوانين دول الإقامة وهو ما اعتبره ناقضا لعقيدة الولاء و البراء وتمييعا للدين، ما يطرح سؤالا هاما لماذا اختار تنظيم الدولة في هذا التوقيت بالذات إعلان الحرب على مشايخ السنة.

جزء من الإجابة ببساطة، هو لأن الحرب ضده في العراق وسوريا تأخذ منعطفا خطيرا و حاسما، فكل ما ازدادت الحملة ضده قسوة ازدادت ردة فعل التنظيم قسوة و تطرفا.

إن خطورة الإصدار الجديد تكمن في سهولة استهداف مشايخ السنة كونهم يؤمون المصلين ويعقدون اللقاءات الجماهيرية ويلقون المحاضرات أمام الحشود وبالتالي فإن تخطيط أي “ذئب منفرد” لتصفية أحدهم ليس بتلك الصعوبة، كما أنه من المؤكد أن كل من ورد اسمه أو صورته من شيوخ الفضائيات ومفتيي الديار في الدول الإسلامية يتحسس رقبته خوفا من استجابة المستجيبين لدعوة القتل غير المسبوقة والمؤكد أيضا أن إجراءات الحراسة الشخصية حولهم سيتم تكثيفها كما أن ظهورهم الجماهيري سيقل إلى أن تمر العاصفة.

من جهته، اختار إعلام المملكة تجنب الإشارة إلى الإصدار، بهدف التعتيم الإعلامي، وذلك للإيحاء بعدم أهمية الرسالة التحريضية، في حين يرى مراقبون آخرون أن المسؤولين استشعروا خطر أن تلقى الدعوة بالقتل استجابة ويتم تنفيذ اغتيال أحد من وقعت تسميتهم في الشريط، وهو ما يمكن أن يشعر الباقين بالرعب والخوف من أن يلقوا نفس المصير، ما قد يسفر في نهاية المطاف عن عدم دعم الحملة العسكرية على تنظيم الدولة، و بذلك يكون التنظيم قد حقق أحد أهدافه البارزة “من لم يسكته القتل ألجمه الخوف”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.