الرئيسية » تحرر الكلام » درس سقوط حلب

درس سقوط حلب

النار تأكل في قلبي، لا يغذيها إلا العجز عن نصرة أهلنا في حلب، ولا يؤججها إلا الخذلان الذي وجدته هذة المدينة العزيزة على قلب كل مسلم وكل عربي، الصور تنهمر علينا كالصواعق، التي تنير لنا الحقائق لبرهة، ولكنها لا تترك إلا الحرائق المدمرة في قلب أي إنسان.

حكامنا شركاء في هذة الجريمة إما بالصمت المتخاذل وإما بالتواطؤ الخسيس، فالبعض منهم يرى أن الوضع السوري يعتبر بمثابة فزاعة مثالية لأي شعب يجن في عقله ويطالب بالحرية، والبعض الأخر يهدد شعبه بصورة مباشرة عن طريق إعلامه الذي يقول في كل مناسبة: “أليس الفقر أفضل من أن نصبح كسوريا”، وأخرون أختاروا الصمت المطبق المتجاهل وكأن الأمر لا يعنيهم تماما.

الفصائل المقاتلة التي عول عليها الجميع في نصرة الشعب السوري، كانت صاحبة النصيب الأكبر في الخذلان، ففي خضم الكارثة وجدنا صراعات صبيانية بين هذة الفصائل،(قتال متبادل اعتقالات) وأسباب هذة الصراعات إن لم تكن واضحة جدا، إلا أن الواضح أنها أسباب أبعد ما تكون عن مصلحة الشعب السوري، وبالطبع مصلحة الدين الذي يرى بعضهم في نفسه أنه حامي حماه.

الأهداف الكبيرة الهلامية الغير محددة كانت هي االسبب الرئيسي في وجود هذا الخلل البنيوي في الثورة السورية، لا أعرف لما لم يجتمع كل الثوار تحت لواء واحد، ألا يكفيهم أن يجتمعوا على هدف القضاء على الطغيان والدكتاتورية الأسديه التي حكمت وطنهم لعقود، وبعد ذلك يتركوا أمر الأيدولوجيا التي ستنبني عليها الدولة السورية فيما بعد الطاغية في يد الشعب السوري كله يختار منها ما يشاء.

يجب على كل الثوار أن ينسلخوا -ولو مؤقتا- من أيدولجياتهم، ويكتفوا بالثورية منهجا، وبمكافحة الطاغية سبيلا، حتى إذا وفقهم الله للوصول إلى هدفهم، ووضعت الحرب أوزارها بسقوط الطاغية، رجعوا إلى شعبهم وأسلموه قياد دولته، وحكموه في إختيار الطريقة التي ريرد أن يحكم بها نفسه.

فأنا لا أظن أن الثائر الذي يحمل روحه على كفه لمجابهه الطغيان، يخطط أن يفرض على بني وطنه فكر معين بعد نجاح الثورة، وإلا فأنه يكون قد أزال طاغية لينصب أخر مكانه ولكن تحت غطاء الثورية.

توحدوا تحت غطاء الثورة فهي خير جامع، وثقوا أن شعبكم شعب واعي يعرف مصلحته بنفسه، وإن لم تفعلوا فأعلموا أن حلب لن تكون الأخيرة، أعلموا أن ما فرق بينكم في حلب ودفع بعضكم إلى رفع السلاح على البعض الأخر سيفرق بينكم في إدلب وغيرها وغيرها، إلتفتوا إالى ثورتكم، وقوا أنفسكم وأهليكم نار الفرقة التي أحرقت أهلنا في حلب من جراء تفرق الفصائل وقوة بأسها بينها بعدما كانت مسيطرة على المدينة بأكملها.

أرجوكم لا نريد أن نجلس ونبكي على أهلنا في إدلب كما نبكي الأن على أهلنا في حلب، لا نريد أن تنفطر قلوبنا وتحترق كما هي الأن، أرجوا أن نتعلم الدرس من سقوط حلب.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.