الرئيسية » تحرر الكلام » فلسطين التي تحترق

فلسطين التي تحترق

حرائق ضخمة سيطرت علی مساحة معينة من أرض فلسطين المحتلة، كانت كفيلة بالتنفيس عن غضب الملايين من المسلمين الذين رأی عدد منهم في ذلك انتقامًا إلهيًا من الكيان الصهيوني بسبب منع الأذان في مدينة القدس وضواحيها، وهي سابقة لم تحدث من قبل، وتنذر بمزيد من الخطوات ضد المقدسات مالم تتدخل الحكومات العربية والإسلامية لوقف هذا العبث.

وجهت سلطات الاحتلال نداء استغاثة لروسيا ودول أوروبية أخری للمساعدة في إخماد الحرائق المشتعلة في أراض تحتلها، وهو ما يكشف كم أن إسرائيل ضعيفة لم تسطع أن تفعل شيئًا تجاه النيران، لكن قوتها تكمن في أنها استمدت قوتها من ضعف المسلمين وتفرقهم وتخاذل حكوماتهم عن القيام بواجباتها تجاه فلسطين والقدس علی وجه الخصوص.

لم يتأخر الرد علی الاستغاثة الصهيونية إذ سرعان ما لبت أوروبا وروسيا النداء، وهي رسالة توضح أن الصهاينة ليسوا بمفردهم ولن يكونوا كذلك عندما تواجههم أي تحديات، بينما يحترق الشعب الفلسطيني بنيران الاحتلال منذ سبعين عامًا، وقدم تضحيات جسيمة، وأطلق ملايين الصرخات وآلاف النداءات ولا يزال ولكن لاحياة لمن تنادي.

حالة الفرحة أو النشوة التي سادت في أوساط الجمهور العربي عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الحرائق المشتعلة في المستوطنات الصهيونية تطرح في ثناياها سؤالًا مريرًا عما إذا كانت هذه الحرائق اندلعت قبل سبعين سنة كيف سيتفاعل العرب معها؟

ستكون كارثة ومصيبة حلت بفلسطين، وسيرفع الناس أكف الضراعة إلی الله ليرفع هذا البلاء.

أجل لن يكونوا سعداء بذلك؛ لأن الأرض كانت لأهلها في ذلك الوقت، أما اليوم لم تعد كذلك، لقد أضحت بؤرة سرطانية تتسع يومًا بعد يوم علی حساب فلسطين الأرض، والشعب الفلسطيني المستضعف، بل أصبحت خنجرا مسمومًا في قلب العالم العربي، ولايهم أن تحترق أو تصبح كومة رماد فلم يعد لدی العرب ما يخسرونه بعد أن تخلوا عن الأرض ووقعوا اتفاقيات السلام والتطبيع مع الصهاينة، وكأن شيئًا لم يكن.

إحتراق آلاف الدونمات من الأراضي المحتلة لاقی تفاعلًا كبيرًا علی منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا المتابعين العرب، وكثير منهم رأی أن الحرائق هي بمثابة عقاب إلهي للاحتلال الصهيوني الذي منع استخدام مكبرات الصوت في الأذان، وربما معهم الحق في ذلك، إذ أن شواهد التاريخ مليئة بالأحداث والعبر كقصة أصحاب الفيل وحوادث شبيهة، لكن ذلك يستدعي العمل والجدية بدلًا من الركون والعجز وانتظار معجزات سماوية لتساعدنا في وقف ممارسات العدوان الصهيوني، وبغض النظر عن وجود عقاب إلهي من عدمه في هذه الحرائق فمن المؤكد أن هناك تفسيرًا علميًّا وآخر صهيونيًّا لهذه الحرائق؛ إذ ذكرت بعض وسائل الإعلام أن الجفاف وقلة الأمطار والرياح الشرقية كانت سببًا في اندلاع هذه الحرائق وتوسعها وانتشارها، بينما لا يستبعد بعض المسؤولين الصهاينة أن ذلك حدث بفعل فاعل، في محاولة لاستثمار نكبات الطبيعة ضد الشعب الفلسطيني، وتصعيد الانتهاكات وتوسيع الاستيطان بدرجة أكبر من ذي قبل.

ستبقی الأرض التي احترقت فلسطينية وإن حاولوا تغيير ملامحها، وستظل خاضعة للمحتل إلی أجل غير مسمی مالم يقم المسلمون بواجبهم في استعادة الأرض وحماية المقدسات ووقف العبث الصهيوني، الذي يسير بخطی متسارعة لتهويد القدس وكل المقدسات في أرض فلسطين الطاهرة.

خلاصة القول هناك ما هو أهم من حرائق طبيعية انتهت بعد وقت قصير من اشتعالها إذا نظرنا إلی معاناة الشعب الفلسطيني الذي يصطلي بنار المحتل الغاصب منذ عقود ولا يزال، وهذا الأمر المؤلم أصبح عاديًا لدی الأنظمة العربية والإسلامية المنشغلة بقمع شعوبها وتضييق الخناق عليهم، بحيث أصبح المسلمون أيضًا يعانون من صهاينة الداخل، وتفاقم نيران الحرب التي لم تستثن أحدًا في أكثر من دولة عربية.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.