الرئيسية » الهدهد » تقرير بريطاني: دولة الميليشيات القادمة في العراق.. تعرف عليها بالتفاصيل

تقرير بريطاني: دولة الميليشيات القادمة في العراق.. تعرف عليها بالتفاصيل

سعت مراكز أبحاث ودراسات عالمية، مؤخراً، إلى رصد المكونات الأساسية لما يطلق عليه «الحشد الشعبي» في العراق، ومراقبة أدائه ودوره على الأرض، في ضوء الحرب الجارية مع تنظيم «الدولة الإسلامية» المتهم لديها بـ(الإرهاب) في البلاد.

 

وتحدث تقرير لمركز التحليل والإحصاء في جامعة «أكسفورد» (Oxford) البريطانية، في 17 من أكتوبر/تشرين أول الجاري، عن وجود قرابة 160 ألف مقاتل شيعي، ينتمون إلى أكثر من 65 ميليشيا، في صفوف الحشد، الذي أُسس بعد انهيار القوات العراقية في يونيو/حزيران 2014، أمام عناصر «الدولة الإسلامية» في عدة مدن عراقية.

 

وحذر التقرير من تحول ذلك الحشد إلى حالة طاغية على حالة الدولة العراقية، حيث تنبأ بأن تسعى الحكومة وقيادات الحشد إلى إيجاد معارك لتقاتل فيها تلك العناصر، الأمر الذي سيذهب ضحيته مكونات العراق الأخرى، وخصوصاً المكون السني، لأن البديل سيكون صراعها على النفوذ، ومنافسة مؤسسات الدولة.

 

ظهور الحشد الشعبي

في 11 من يونيو/حزيران عام 2014، دعت الحكومة العراقية إلى إنشاء «جيش رديف»، بعد أن انهار الجيش والقوات الأمنية أمام عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية»، في عدد من المدن السنية، أهمها الموصل، الأمر الذي سارعت المرجعيات الشيعية إلى دعمه والدعوة إلى ما أسمته بـ«الجهاد الكفائي».

 

وبالرغم من حديث الحكومة العراقية عن تمثيل «الحشد الشعبي» لجميع مكونات العراق، إلا أن الميليشيات الشيعية شكلت السواد الأعظم من عناصر ذلك الحشد، كما حافظت تلك الميليشيات، داخل الحشد، على قياداتها الخاصة وولاءاتها السياسية والعشائرية والدينية.

 

إضافةً إلى ذلك، يدور حديث حول إقصاء وتحجيم أتباع عدد من التيارات الشيعية، كالتيار الصدري، الذي يتبع رجل الدين البارز «مقتدى الصدر»، وتغليب للميليشات ذات الولاء الإيراني، الأمر الذي يعبر عنه تسليم الحكومة العراقية قيادة قوات «الحشد الشعبي» لـ«هادي العامري»، قائد «منظمة بدر»، التي يشير تقرير «أوكسفورد» إلى ارتباطها المباشر بإيران.

 

وإلى جانب الميليشيات المسلحة التي كانت تنشط قبل فتوى الجهاد الكفائي، فقد ظهرت عقب صدورها عشرات الميليشيات الجديدة، بينما عادت أخرى إلى النشاط بعد تراجع حضورها، نستعرض أبرزها بحسب ولاءاتها الدينية:

 

ميليشيات أخرى إيرانية

وهي أكبر الميليشيات التي تنشط في العراق وأكثرها نفوذاً وقرباً من النظام الحاكم، وأهمها «منظمة بدر»، و«كتائب حزب الله»، و«عصائب أهل الحق»، بحسب تقرير «أوكسفورد» الذي يشير، أيضًا، إلى تلقي هذه الميليشيات دعمًا غير رسمي من إيران عبر مستشارين عسكريين.

 

وتعد «منظمة بدر» الأقدم من بين تلك الميليشيات، حيث أنشئت عام 1982 كذراع عسكري لـ«المجلس الإسلامي الأعلى»، بقيادة المرجع الشيعي الراحل «محمد باقر الحكيم»، قبل أن تتحول إلى حزب منفصل بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

 

وتنسب إلى «بدر» العديد من الجرائم بحق السنة في العراق، من قتل وتهجير وتعذيب وإخفاء قسري، حيث ذكر تقرير لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» (Human Rights Watch)، في 15 من فبراير/شباط 2015، بأن الميليشيات قامت بانتهاكات واسعة بحق المدنيين في مدينة المقدادية، شرق العراق.

 

أما «كتائب حزب الله»، التي تحتفظ بقيادة سرية، فقد أسست عام 2003، وشهد تدخل «لواء أبوالفضل العباس» التابع لها، في سوريا، منذ عام 2012، أوج نشاطها.

 

وتتهم المجموعة بعدد من الانتهاكات في العراق وسوريا، وقد أظهر تسجيل مصور، في 31 من مايو/أيار 2015، قيام عناصر في الميليشيات بإحراق مدني مقيد حتى الموت، في مدينة الكارما وسط العراق.

 

وقد سجلت ميليشيات «عصائب أهل الحق» حضورها في سوريا كذلك، حيث شاركت في معارك ريف دمش وحلب، وتنسب إليها أعما تصفية مذهبية في مناطق محيطة ببغداد.

 

يذكر أن الميليشيات أنشئت عام 2004، بعد انشقاق «قيس الخزعلي» عن ميليشيات «جيش المهدي» التابعة لمقتدى الصدر.

 

مليشيات صدرية

أسس «مقتدى الصدر»، زعيم أكبر التيارات الشيعية الشعبية في العراق، ميليشيات «جيش المهدي» أواخر عام 2003، حيث اعتبر من أكبر التشكيلات شبه العسكرية في البلاد، بتعداد 60 ألف مقاتل، إلا أن «الصدر» أعلن في 29 من أغسطس/أب 2007، تعليق أنشطة الميليشيات.

 

وجاء إنهاء الميليشيات بعد اشتباكات خاضتها مع القوات الأمنية العراقية وعناصر من ميليشيات أخرى، أهمها «ميليشيات بدر»، في مدينة كربلاء، الأمر الذي تبعه أعمال انتقامية بحق أتباع «التيار الصدري»، ليتم في سبتمبر/أيلول 2008 الإعلان عن تشكيل ميليشيات جديدة تحمل اسم «لواء اليوم الموعود»، بدعوى الاستمرار في مقاومة الاحتلال الأمريكي.

 

في سبتمبر/أيلول عام 2011، تم إيقاف أنشطة الميليشيات، تهيئةً لخروج القوات الأمريكية من العراق، ثم ما لبث «الصدر» أن أعلن عن تشكيل ميليشيات «سرايا السلام» عام 2014، للمشاركة في الحشد الشعبي والحرب على تنظيم «الدولة».

 

وتعد ميليشيات أخرى ظهرت عقب فتوى «الجهاد الكفائي»، أبرزها «لواء الشباب الرسالي» و«كتائب مالك الأشتر» و«كتائب التيار الرسالي»، قريبة من التيار الصدري، إضافةً إلى «لواء المؤمل لحماية المقدسات في العراق وسوريا» الذي أسسه «سعد سنوار» بعد فصله من التيار الصدري.

 

واتهم تقرير لمنظمة العفو الدولية «أمنيستي» (AMNESTY)، في 14 من أكتوبر/تشرين أول 2014، «الميليشيات الصدرية» بممارسة أعمال انتقامية بحق السنة في مناطق مختلفة من العراق، إلى جانب مجموعات شيعية أخرى.

 

ميليشيات سيستانية

تتخذ أكثر الميليشيات في العراق من «علي السيستاني» مرجعية دينية لها، إلا أن عدداً من الميليشيات ظهرت حديثاً استجابة لدعوته إلى مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، دون الارتباط بتيار سياسي معين.

 

أهم تلك الميليشيات «فرقة العباس القتالية للدفاع عن المقدسات في العراق»، إضافةً إلى كل من «لواء المنتظر» و«كتائب رجال الله الغالبون» و«أنصار الله الأوفياء».

 

أدوار مستقبلية

تحدث تقرير «أوكسفورد» عن وجود نوايا لتحويل التحالف العسكري، الذي يجمع تيارات شيعية مختلفة في إطار «الحشد الشعبي»، إلى تكتل سياسي واحد في انتخابات 2017 المحلية، و2018 العامة، خصوصاً إذا تمكن الحشد من تحقيق ما لم يتمكن الجيش النظامي من تحقيقه على الأرض.

 

وأشار التقرير إلى مساعي رئيس الوزراء السابق، «نوري المالكي»، توسيع تحالف «دولة القانون» الحاكم، الذي يقوده، ليحتوي كبرى ميليشيات الحشد،«بدر» و«كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق»، ليستفيد من إنجازاتها الميدانية في دعمه سياسياً، ولمنح تياره جناحاً عسكرياً قوياً.

 

وأيّاً كان شكل الأدوار السياسية والعسكري التي سيلعبها «الحشد الشعبي»، فإنه من المؤكد بأن العراق مقبلٌ على الدخول في مرحلة «دولة الميليشيات»، التي ستشهد فيها البلاد استمراراً للعنف الداخلي وتداعياته الإقليمية والدولية.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.