الرئيسية » تقارير » سكان أولاد خليفة من ولاية القصرين لـ”وطن”:”الحياة هنا أشبه بالحياة في العصور الوسطى”

سكان أولاد خليفة من ولاية القصرين لـ”وطن”:”الحياة هنا أشبه بالحياة في العصور الوسطى”

“صفاء الأسود-تونس برنامج الحكومة ينصّ على استرجاع التونسيين لثقتهم في دولتهم بعد ثلاث سنوات وهي الرؤية الأساسية للحكومة من خلال عودة الأمن والشعور بالعدالة الاجتماعية” رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد.

 

شعارات كهذه رفعتها الحكومات المتعاقبة على تونس بعد الثورة طمعا في كسب ثقة شعب ثار طلبا لحقوق سلبت منه لأعوام.

 

ورغم وعود الحكومات بالتنمية والتشغيل والحد من البطالة والفقر، إلا أن أغلب المؤشرات والتقارير الوطنية والعالمية، تكشف أن تونس تعيش أزمة اقتصادية واجتماعية لم تشهدها من قبل وأن الخروج منها يتطلب وقتا طويلا.

 

وما عايشته تونس خلال هذه الفترة اثر نزول الأمطار من “كوارث” استوجبت التدخل العاجل للحماية المدنية والجيش الوطني لإنقاذ المواطنين الذين علقوا جرّاء الأمطار، يكشف مدى هشاشة البنية التحتية المهددة بالانهيار في أية لحظة ومدى فشل الحكومات السابقة في تحقيق أهم الانجازات لمجابهة مثل هذه الكوارث.

 

وولاية القصرين هي إحدى الولايات التونسية الأربع والعشرين، تقع وسط غرب تونس تحدّها من الشمال ولاية الكاف ومن الغرب ولاية تبسّة الجزائرية، وهي الولاية التي عايشت أول أحداث “الثورة” التونسية، ولا زالت إلى الآن تعاني من الفقر والخصاصة إلى جانب التهريب والفساد وتموقعها الجغرافي.

 

وتفتقر منطقة أولاد خليفة من عمادة المزارة التابعة لمعتمدية سبيطلة من ولاية القصرين إلى أبسط مقومات العيش حتى لا نقول العيش الكريم، فعندما لا يجد المواطن أبسط ضروريات الحياة كالضوء والماء والطريق الآمن حينها يصبح للوطن معنى ثان وهو الغربة.

 

وقال أحد سكان منطقة أولاد خليفة لـ“وطن” إنّ الأطفال ينقطعون سنويا عن الدراسة جراء بعد المسافة وبسبب تضاريسها الوعرة مضيفا أنه لا يوجد نقل مدرسي أو طريق لتأمين ذهاب التلاميذ إلى المدرسة، مع العلم أن المسافة الفاصلة بين المنطقة والمدرسة اقدر بحوالي 9,5 كلم.

 

الحياة في أولاد خليفة أشبه بالحياة في العصور الوسطى، فحتى الطفولة لا مكان لها هناك أين تتجاهل الحكومة وتتناسى أن مستقبل تونس هو رهينة تعليم أبنائها وأطفالها.

 

9,5 كلم يقطعها طفل لم يكتمل بعد نمو وبنيته الجسدية بشكل نهائي، 9,5 كلم على عاتق طفل لم يعرف بعد أن كل المنظمات العالمية والوطنية تصدح لضمان حقه في التعليم وفي العيش الكريم.

 

أطفال يواجهون يوميا كل أنواع الخطر لطلب العلم الذي تفصلهم عنه كيلومترات عديدة، يتسلقون الجبال ويقطعون الطرق الوعرة ويمشون لمسافات طويلة على أقدامهم لتصبح بذلك الدراسة نقمة وليست نعمة.

 

“نريد أن نعيش واقع كلمة (كلنا تونسيّون)، نحن شعب طيّب لكن حكومتنا عنصرية… لأننا نعيش قرب  جبل ( منطقة نائية) صنّفنا من الحيوانات لا حقوق لنا ولا مكتسبات ولا وسائل للعيش.. لنا الله”، هكذا يتحدث أحد متساكني منطقة أولاد علي بقهر كبير، وعلامات الحزن والحسرة على حكومته التي لم تبد أية نيّة لإصلاح الوضع المأساوي الذي يعيشه المتساكنون هناك، بادية على وجهه.

 

ومنذ “ثورة” 14 يناير 2011 وإلى حد اليوم، لم يشهد الوضع الاقتصادي والاجتماعي تطورا في ولاية القصرين أين بدأت ثاني شرارة لثورة جاءت مثقلة بالمطالب، فما آلت إليه الأوضاع من فساد ونهب وسرقة ووضع مترد لا تحسد عليه البلاد، يعود حسب البعض إلى السياسات “الفاشلة” التي اتبعتها الحكومات، حيث ظلت أهم المشاريع الاقتصادية والاستثمارات الأساسية مرتكزة في المدن الكبرى فيما بقيت المناطق الداخلية تصارع الفقر والموت في كل لحظة.

 

وما “زاد الطين بلّة” هم حكماء وعقلاء السياسة الذين انشغلوا بالأزمات الداخلية لأحزابهم وتناسوا المطالب التي اعتلوا من أجلها الكراسي ووصلوا عن طريقها إلى الحكم، فإلى حدود هذه الأسطر لم يخل أي حزب سياسي من الأحزاب الحاكمة في تونس من مشاكل وانشقاقات أثرت على نسق عملها الفعلي في خدمة الشعب، فأحزاب “نداء تونس” و “حركة النهضة” و “حركة مشروع تونس” تشهد انقسامات وكر وفر بين قيادييها وداخل مكاتبها التنفيذية، وهو ما حال دون اهتمامهم بالجهات الداخلية التي تشهد أزمات أعمق وأقسى من أزمات أحزابهم.

 

ويتابع مواطن أولاد خليفة حديثه لـ“وطن” قائلا “هذه المنطقة لا يربطها أي شيء بتونس سوى بطاقة التعريف، فما من مسؤول سمع ندائنا ومعاناة أولادنا من الجبال والحيوانات المفترسة، بالإضافة إلى أننا ننعزل عن كل شيء إذا هطل المطر وذلك بسبب الإنجرافات، حقا إننا في العصر الحجري، فنحن موتى على قيد الحياة.”

 

واقع مرير يعيشه أبناء الجهة في ظل غياب إرادة حقيقية من السلط المعنية المحلية والوطنية للنهوض بالواقع الموجع لمثل هذه المناطق الداخلية، فلا آذان المسؤولين صاغية ولا الطرق مهيئة ولا الضوء والماء متوفران ولا الأمن مستتب، فكيف لإنسان أن يتحمل حجم هذا العذاب في قرن أصبحت فيه التكنولوجيا والحداثة أهم سماتها؟ وكيف للمتساكنين أن يتمتعوا بالعدالة الاجتماعية في ظل العداوة الموجودة على مستوى الطبقة السياسية؟

تفتقر منطقة أولاد خليفة من عمادة المزارة التابعة لمعتمدية سبيطلة من ولاية القصرين إلى أبسط مقومات العيش

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.