الرئيسية » تحرر الكلام » ماذا حدث لأهلي في مصر

ماذا حدث لأهلي في مصر

ماذا حدث لأهل المحروسة، هل هذة مصر التي كانت شوارعها تغلي، بعد استشهاد محمد الدرة وإذاعة قتله على الهواء وهو في أحضان والده عام 2000، هل هذة مصر التي أهتز وجدان شعبها عام 2003 للقذائف التي إغتالت بغداد، وأسالت فيها الدم فأصبح نهر الدم ثالث أنهار العراق بعد دجلة والفرات، هذة الحرب التي أظهرت وعي الشعب المصري -بصرف النظر عن الموقف المخزي للقيادة السياسية وقتئذ- الذي فطن وقتها إلي أن حرب العراق لم تكن إلا مقدمة لسلسلة طويلة من حروبهم كعرب مع أمريكا والغرب، وأن مسألة مواجهتنا معهم مجرد مسألة وقت، هكذا كنت أسمع الناس تتكلم في الشارع وأنا لم أزل تلميذا في المدرسة.

لقد دب الموت في أوصالنا بالتدريج، فبعد أن كان التعاطف مع إخوتنا في العروبة فرض وطني، لا يتنكر له إلا كل مارق محتقر، أصبح أمر عدم الإهتمام بشئونهم بل تبرير المجازر التى تحدث لهم أمر عادي.

الوضع الضمائري -إن صحت التسمية – في مصر أصبح غاية في الصعوبة، سرطان عدم الإهتمام بشئون الأمة يتضخم ويبرز يوما بعد يوم فبعدما كنا نتشكى من عدم إهتمام أهلنا في مصر بأحوال أشقائهم العرب أبناء نفس دمهم أصبحنا نشكوا من عدم إهتمام الناس بأبناء وطنهم الذين يحملون نفس جنسيتهم، وياليت أن الأمر أقتصر على مجرد عدم الإهتمام، فلقد فوجئت في الأيام الأخيرة بأشباه لنا نحن بنى البشر إلا أنك بمجرد كلامك معهم وسماع أفكارهم تتأكد أن ضمائرهم و أخلاقهم لا تمت للإنسانية بأدنى صلة، فهولاء الأشباه وصلوا الى درجة الشماتة في حوادث بني وطنهم.

سأعطيك موقفين نمر بهما الآن في أوطاننا العربية ومعهم ردود الأفعال التي رأيتها داخل المجتمع المصري .

الموقف الأول : غرق مركب رشيد :

في بداية هذا الأسبوع شهدت مصر حادث رهيب مات فيه أكثر من200  شاب وطفل بسبب غرق مركب كان يقل مهاجرين غير شرعيين  أوربا، أنزعج من الحادث كل من بقت في قلبه ولو ذرة من إنسانية، حزن على الشباب الذى ألجأه اليأس الى ركوب المهالك، أشفق على أهلهم الذين كانوا يظنون أن أبنائهم يعبرون إلى النجاح فإذا هم يعبرون الى حتفهم .

وهنا تجلى دور أشباه البشر الذين لم يكتفوا بتجاهل حزن أبناء وطنهم، ولكنهم وبكل فظاظة وصفوا الشباب الغريق بالطمع ووصموا أهلهم المكلومين بالجشع، كأنهم لم يكتفوا بمرارة الثكل التي تجرعتها أمهات الشباب، وكأن أنظارهم قد عميت عن الجثث التى رصت في شوارع رشيد وعليها الثلج والناس من حولها يبكون وأيديهم على أنوفهم، كانت صفحات التواصل الاجتماعي تعج بأمثال هذة الصور المأساوية، في نفس التوقيت كانت فضائيتنا تمتلئ بالمحللين والمنظرين في كرة القدم ففى هذا اليوم ستلعب مباراة ((مصيرية)) بين الزمالك والوداد المغربي وكان الشعار لا صوت يعلوا فوق صوت المباراة ولا حتى أصوات صرخات الثكالى.

الموقف الثاني : مأساة حلب :

في نفس الوقت تعرضت مدينة حلب السورية لحملة غاشمة من الإبادة عن طريق الطيرن الروسي والأسدي، حيث يتعرض أهلنا هناك لكافة أنواع العذاب فهم محاصرون وتحت قصف تتنوع فيه القنابل من إرتجاجية وعنقودية وفراغية -أغاثهم الله-، وهذا يتم تحت بصر وسمع العالم، كل هذا وأشباه البشر يخرجون علينا من كل حدب وصوب، ولا يذكرون حالهم الا ليهددونا ويتوعدونا بأن هذا هو مصير العصاه، ويتسائلون قائلين ماذا فعل لهم بشار لكي يثورو عليه .

ماذا حدث لشعبنا الذي كان يثور و يبكي لمقتل طفل في فلسطين؟، مالي أراه أصبح لا يبالي حتى بألم أبناء وطنه؟، الى أين غادرت مشاعرنا التي كانت تعد أثمن ما نملك؟.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.