الرئيسية » تحرر الكلام » عباس يعزي الصهاينة بالفقيد “الغالي”…وماذا بعد يا عباس !!

عباس يعزي الصهاينة بالفقيد “الغالي”…وماذا بعد يا عباس !!

عرَّت وفاة الإرهابي الصهيوني، شمعون بيريز، دولاً وقادة عرباً، كانوا أبرز المعزين، وأول الحضور لتشييعه بمدينة القدس المحتلة، في حين تتواصل على بعد أميال قليلة من المعزّين العرب عمليات الاستيطان وقضم الأراضي الفلسطينية والتضييق على الفلسطينيين التي رعاها بيريز طيلة حياته المليئة بالقمع وسرقة الحقوق الفلسطينية.

فقد كان ما نقلته وسائل الإعلام من صور لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في التشييع بوجه حزين، مدعاة لاستياء وغضب الفلسطينيين والعرب، الذي ظهر جلياً وواضحاً في وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية على اختلاف مشاربها، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، التي لم توفره من الهجوم والانتقادات الحادة، التي عبرت عنها بعض التسميات والتعابير القاسية التي استعملتها تلك الوسائل، مثل “الحزين على بيريز والمشتاق لنتنياهو”، بعد أن علا صوته معبراً عن انقطاع طويل في لقائه مع الأخير.

وأظهرت صور تم تداولها بشكل متواتر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وهو يبكي حزناً على رحيل بيريز، في الوقت الذي يتواصل بكاء ونحيب الفلسطينيات على فلذات أكبادهن الذين يغتالهم الغدر الصهيوني ويواصل أسرهم واعتقالهم دونما مبررات أو تفسيرات، الأمر الذي كان محط استياء عارم من قبل الفلسطينيين عامة داخل الوطن وخارجه.

وإلى جانب عباس برزت وجوه التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني بمشاركة مصرية مغربية أردنية أماراتية بحرينية عمانية، وضعت هي الأخرى علامات استفهام متعددة حول الجدوى والأهداف من المشاركة في التشييع، وتساؤلات في كونها “إسقاط فرض”، أو “إثبات ولاء” بالجلوس أمام نعش آخر مؤسي الدولة الصهيونية المزعومة.

من المؤسف والمحزن، بل من المبكي والمخزي، أن تكون مشاركة محمود عباس في التشييع قد جاءت بعد موافقة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على طلب قدمه عباس لمنسّق شؤون المناطق في حكومة الاحتلال، فبدا وكأنه يستجديها.

لا شك أن مشاركة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والوفد الفلسطيني المرافق له بجنازة عراب الإرهاب الدولي شيمون بيريز في القدس المحتلة لقيت استنكاراً ورفضاً غاضبين من قبل الشعب الفلسطيني وفي مقدمه الفصائل الفلسطينية التي كانت قد دعت عباس في وقت سابق إلى العدول عن خطوته المهينة والخطيرة.

وأظهرت صور تم تداولها في وسائل الإعلام من جنازة بيريز رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وهو يبكي حزناً على رحيل بيريز، الأمر الذي كان محط استياء عارم من قبل الفلسطينيين عامة في الوطن وخارجه.

والمفارقة العجيبة أن مشاركة عباس في جنازة بيريز وقيامه بتعزية عائلته ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وبقية أركان كيان العدو الصهيوني وبكائه حزناً على بيريز تزامنت مع الذكرى ال 16 للانتفاضة الفلسطينية الثانية التي تفجرت عندما دنس المقبور أرييل شارون وزمرة من الصهاينة المسجد الأقصى المبارك، بمباركة من شيمون بيريز نفسه الذي كان رئيساً لهذا الكيان المسخ، وبمباركة من أيهودا بارك الذي كان يرأس الحكومة الصهيونية وقتها، وجاءت قبل يوم واحد من الذكرى الأولى لرفع علم فلسطين في باحة الأمم المتحدة في نيويورك.

والمفارقة العجيبة الأخرى أن هذه المشاركة، التي ما كنا نتمنى لها أن تحصل، قد تزامنت أيضاً مع الذكرى ال 16 لوصول رصاص الغدر الصهيوني إلى قلب ابن محمد الدرة الذي حاول حمايته بإخفائه وراء ظهره، ذلك الاستشهاد الذي شكل الشرارة التي أججت جذوة الانتفاضة المباركة، وهو أمر استدعى صورة الدرة وابنه الشهيد لدي غالبية الفلسطينيين وجعلهم يوجهون الانتقادات الجارحة لمحمود عباس باعتبار أن ابن الدرة وآلاف الشهداء الفلسطينيين هم الأولى والأحق بدموعه من بيريز وغيره من الصهاينة الأنذال.

ترى كيف حزن ولماذا بكى محمود عباس على فراق شيمون بيريز؟ وهل يا ترى في تاريخ هذا الإرهابي الدموي الذي امتد لأكثر من تسعة عقود ما أشَّرَ إلى إنسانيته وتعاطفه ليستدعي حزن وبكاء فلسطيني عادي على فراقه، لا رئيس السلطة الفلسطينية؟

لقد ارتبط اسم شمعون بيريز، بانخراطه في جمع السلاح للصهاينة إبان إعلان الدولة الصهيونية اللقيطة في عام 1948، الذي استخدم لاحقًا في مجازر عدة ارتكبتها سلطة الاحتلال ضد العرب والفلسطينيين.

ولهذا الهدف، انضم بيريز عام 1947 إلى جماعات الهاغاناه المتطرفة، التي أصبحت في ما بعد حجر الأساس في بناء جيش الاحتلال، إذ كان بيريز المسؤول الأول عن تسليح هذه الجماعات ومهندس مواردها البشرية.

ويعد بيريز، الذي ولد في بولندا عام 1923 قبل أن ينتقل إلى تل أبيب عام 1934، من أبرز المخططين لبناء مفاعل ديمونة النووي بالتعاون مع الحكومة الفرنسية عام 1958.

ودخل بيريز إلى وزارة الدفاع الصهيونية من باب الدبلوماسية مطلع خمسينات القرن الماضي، إلى أن أصبح المدير العام للوزارة عام 1953، وكان خلال تلك الفترة “ضابط إيقاع” التعاون العسكري مع فرنسا وبريطانيا في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.

وانتقل بيريز، الذي تولى رئاسة الحكومة في تل أبيب من عام 1984 إلى 1986، ومن 1995 إلى 1996، من وزارة الدفاع إلى جهاز الاستخبارات والمهمات الخاصة المعروف باسم “الموساد”، حيث عمل ضابطًا وجاسوساً من 1967 إلى 1977.

وبهذه الخلفية العسكرية، وبينما كان في صفوف السياسيين، ارتبط اسم بيريز بقوة بـ”مجزة قانا”، التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني عام 1996 في لبنان خلال رئاسته للحكومة.

وقتل في تلك المجزرة 106 مدنيين من بين أكثر من 800 لجأوا إلى مبنى تابع للقوات الدولية “يونيفل”، هربًا من العدوان الصهيوني الذي حمل اسم “عناقيد الغضب”، والذي شنه الكيان الصهيوني على لبنان آنذاك، وأثار ردود فعل دولية غاضبة.

وبينما أنكر بيريز في حينه علم جيشه بوجود مدنيين في مقر الأمم المتحدة، فإن رئيس استخباراته العسكرية آنذاك موشيه أيلون فنّد تصريحات بيريز، مؤكدًا علم الجنود بوجود مدنيين في الموقع.

ومن المهم الإشارة إلى أن اسم بيريز ارتبط بشكل مباشر بسياسة الاستيطان وبالتهجير القسري للفلسطينيين من أراضي الضفة الغربية المحتلة وأطلقت عليه تسمية “مؤسس الاستيطان”.

اليوم، الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، الذي يفترض أن يحيي الفلسطينيون خلاله الذكرى الأولى لرفع علم بلدهم في باحة الأمم المتحدة في نيويورك، ترى ماذا سيقول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لهم، وكيف له أن يبرر فعلته وهو لم يزل تحت وطأة عار التعزية بالفقيد “الغالي”، وماذا بعد يا عباس؟ماذا بعد!!

ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي “الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2015” رفرف العلم الفلسطيني لأول مرة منذ نكبة عام 1948 في باحة مقر الأمم المتحدة في نيويورك ليؤشر إلى انتقالة هامة للقضية الفلسطينية أثلجت صدور الفلسطينيين وأحرار العرب والعالم، باعتبار أن هذا الحدث التاريخي جاء ثمرة نضال الشعب الفلسطيني الطويل والمرير وصموده الأسطوري، وتمسكه بثوابته الوطنية وفي مقدمها حق العودة وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس، وباعتباره ثمرة قوافل شهدائه الأبرار ومعاناة أسراه ومعتقليه التي لا توصف.

يومها اكد احتفال الشعب الفلسطيني في كل محافظات الوطن من البحر إلى النهر برفع علم فلسطين في الأمم المتحدة وحدة هذا الشعب البطل الذي كان في حينه على بعد مسافة قصيرة من استقبال عام نكبته الثامن والستين، كما أكد أن هذا الشعب يستحق بجدارة أن يكون له مكانه المميز والمستقل تحت الشمس.

لم يكن رفع علم فلسطين وقتذاك مجرد عمل رمزي، بل مثَّلَ نقلة نوعية في تاريخ القضية الفلسطينية أعادت وضع الشعب الفلسطيني على الخريطة السياسية مجددا وبكل قوة، واستدعت ضرورة مناصرة العالم له ومطالبته بالوقوف إلى جانبه ليترجم حضوره على الخريطة السياسية إلى حضوره على الخارطة الجغرافية.

لا شك أن رفع العلم الفلسطيني في ذلك اليوم التاريخي فوق كنائس ومآذن ومباني وساحات مدينة القدس المحتلة قد أكد أن هذه المدينة المباركة كانت وستبقى العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني. ولا شك أن ذلك الحدث جاء ليراكم الإنجازات الفلسطينية التي يفترض أن تؤدي بالنتيجة إلى تحقيق الأهداف والثوابت الوطنية التي لن تحيد عنها الأجيال الفلسطينية المقبلة.

يومها أعلن، من يفترض أن يكون رئيس دولة فلسطين قولاً وفعلاً ومن يفترض أن يحزن ويبكي لحزن وبكاء شعبه لا أن يحزن ويبكي لحزن وبكاء أعدائه، أن الجانب الفلسطيني لا يمكنه الاستمرار بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع الكيان الصهيوني المحتل لأرضه، ما دام هذا الكيان مصراً على عدم الالتزام بها، ويرفض وقف الاستيطان، ويتجاهل مطلب الافراج عن الأسرى والمعتقلين.

ويومها طالب حكومة العدو بتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لم يعد يُحتمل ولا يمكن استمراره، وجدد في خطابه أمام الدورة ال 70 للأمم المتحدة في نيويورك التأكيد على أن الوضع الحالي في فلسطين المحتلة غير قابل للاستمرار، معلناً أن السلطة الفلسطينية ستبدأ بالتعبير عن مناهضتها للوضع القائم بالطرق والوسائل السلمية والقانونية،” فإما أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية ناقلة للشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، وإما أن تتحمل إسرائيل سلطة الاحتلال، مسؤولياتها كافة”.

ويومها قال أن على كل من يقول إنه مع خيار حل الدولتين أن يعترف بالدولتين، وليس بدولة واحدة فقط، إذ لم يعد من المفيد تضييع الوقت في مفاوضات لم تُفضِ إلى نتائج. وطلب من الأمم المتحدة إيجاد مظلة دولية تشرف على انهاء الاحتلال الصهيوني وفق قرارات الشرعية الدولية، “على أن تتولى الأمم المتحدة توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني وفقا للقانون الإنساني الدولي إلى حين تحقيق ذلك”.

لكن من يفترض أن يكون رئيس دولة فلسطين قولاً وفعلاً ومن يفترض أن يحزن ويبكي لحزن وبكاء شعبه لا أن يحزن ويبكي لحزن وبكاء أعدائه ارتكب بمشاركته بجنازة الإرهابي شيمون بيريز وبحزنه وبكائه عليه خطيئة لا أظن أن الشعب الفلسطيني سيغفرها له. فهي خطيئة لا شك من الكبائر التي لا يمكن غفرانها.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.