الرئيسية » الهدهد » “وطن” تكشف: هكذا ساهم الخميني وثورته الإسلامية في تقسيم المنطقة ونشر الطائفية

“وطن” تكشف: هكذا ساهم الخميني وثورته الإسلامية في تقسيم المنطقة ونشر الطائفية

في العقود التي سبقت الثورة المسماة بالإسلامية في إيران، والتي وقعت عام 1979، كانت البلاد تحت حكم الشاه الذي قمع المعارضة وقيد الحريات السياسية، غير أنه في نفس الوقت دفع إيران نحو الحداثة العلمانية، مما أتاح قدرًا من الحرية الثقافية.

 

حاول الشاه استعارة ما قام به أتاتورك في تركيا، ونفذ عدد من الإجراءات التي تهدف إلى تحويل إيران إلى دولة غربية حديثة، واشتملت هذه الإجراءات على تركيز بنية إيران على الهوية الفارسية، وقمع القبائل وقوانينها من أجل فرض حكومة مركزية قوية، وتوسيع حقوق المرأة.

 

وقام الشاه بإدخال إصلاح زراعي إلى جانب إجراءات تربوية و صحية أطلق عليها ببرنامج الثورة البيضاء، حيث مرت إيران خلال فترة 1963- 1973 بمرحلة اقتصادية و سياسية مستقرة نسبيا، كما ساهم الارتفاع المنتظم في أسعار البترول في دفع النمو الاقتصادي، حيث أدت أزمة النفط العالمية 1973- 1974 إلى الارتفاع أسعار النفط أربعة مرات على سعرها قبل الأزمة وهو ما جعل الدخل القومي من النفط يرتفع من 5 بلايين دولار إلى 20 بليون دولار في السنة.

 

حاول الشاه استعمال هذه الموارد المالية لجعل إيران من ضمن ما وصفه بخامس أقوى دولة في العالم، وبهذا الوهم الإعلامي احتفل الشاه سنة 1971 بذكرى مرور 2500 عام على تأسيس أول إمبراطورية فارسية من قبل سيروس في 550 ق.م.

 

الانتعاش في أسعار النفط رافقه تضخم سريع في سوق العملة الإيرانية و هجرة كبيرة إلى المناطق الحضرية و قلة المرافق السكنية مع بنية تحتية غير كافية، و أثارت هذه الظروف استياء عميقا في صفوف العمال و الفلاحين و الطبقات الوسطى التي انفجرت في حركة ثورية جماهيرية بقيادة الحزب الشيوعي الإيراني ( توده )، و بسبب السياسات الخاطئة لحزب توده اختطف الأصوليون الثورة.

 

ركوب الأصوليون للثورة

عندما كانت الثورة في أوجها كان الخميني في باريس حيث لقي مساندة الطبقة الحاكمة الفرنسية والمخابرات الأميركية التي نظرت إليه كوسيلة لتغيير وجهة دفة الثورة ، خوفا من سيطرة الشيوعيون على السلطة مما يعني وصول الإتحاد السوفيتي لمياه الخليج .

 

وكانت الثورة ضد الشاه قد شهدت تَحالفا بين الشيعة والليبراليين واليساريين والماركسيين، الذين أطلقوا موجة احتجاجات شعبية بين عامي 1977 و1979 انتهت بمغادرة الشاه محمد رضا بهلوي لإيران في 16 كانون الثاني/ يناير عام 1979.

 

وفي 1شباط/فبراير 1979، عاد الخميني من منفاه في باريس، حيث شكلت عودته منعطفا كبيرا في تاريخ إيران والمنطقة، وذلك لما سيدور من أحداث بسبب ما حظيت به شخصية الخميني الكاريزمية من شعبية بين الإيرانيين الشيعة، الذين اعتبروه المخلص والمنقذ لإيران والإيرانيين.

 

لم يتأخر الخميني كثيرا في إحكام قبضته على السلطة وتعيين نفسه وليا فقيها معصوما ومرشدا أعلى للجمهورية الإيرانية التي نص دستورها على أن تكون حكومتها شيعية خالصة، وذلك في انقلاب صريح على شركائه في الثورة من سنة وماركسيين وليبراليين، لتبدا مرحلة من تصفية رموز الدولة من مدنيين وعسكريين، حيث أعدم اكثر من 200 شخص بعد محاكمات صورية افتقرت لأدنى مقومات العدالة، في حين لوحق من فروا وتمت تصفيتهم خارج البلاد كرئيس الوزراء الأسبق “شابور بختيار”، الذي اغتيل في باريس بعد مرور عقد على الثورة الإيرانية واستلام الخميني للحكم.

 

انقلاب “الخميني” على حلفائه

في تكريس واضح للدولة الدينية أعلن الخميني منعه لاستخدام مصطلح الديمقراطية لأنها مفهوم غربي. وتم إغلاق عشرات الصحف والمجلات المعارضة لفكرة الحكومة الخمينية، الأمر الذي تسبب باحتجاجات شعبية ضد إغلاق الصحف والمجلات، وهو ما أثار غضب الخميني الذي صرح بالقول: “كنا نظن أننا نتعامل مع بشر، من الواضح أن الأمر ليس كذلك”. ليستمر القمع بحق مخالفي النظام، وحتى التيار الخميني المعتدلين.

 

وفي آذار / مارس من العام 1980 إنطلقت ما سمي “الثورة الثقافية”، حيث أغلقت الجامعات التي اعتبرت معاقل لليسار، مدة سنتين وذلك لتنقيتها من معارضي النظام الديني. وفي تموز / يوليو من نفس العام تم فصل أكثر من 20 ألفا من المعلمين و8 آلاف من الضباط بحجة أنهم “متغربون” أكثر مما يجب.

 

ولم يتردد الخميني في استخدام مصطلح “التكفير” للتخلص من معارضيه، وبهذا يكون الخميني هو أول من أشاع وباح بالتكفير علنا في المنطقة.

 

قمع نظام الخميني للإيرانيين دفعهم للتخطيط لمحاولة انقلابية في العام 1980 لكنها أحبطت بعد أن سرب السوفييت خطتها للحكومة الإيرانية التي طوقت واعتقلت أكثر من 600 ضابط وجندي إيراني قامت بإعدامهم لاحقا، لتتهم بعدها العراق والأنظمة العربية الخليجية بدعم المحاولة الانقلابية الفاشلة، وتدعوا إلى الثورة على هذه الأنظمة، بهدف ما أسمته إزاحة الظلم الاجتماعي والتأثير الغربي، والفساد في الشرق الأوسط والعالم. وهو ما عرف لاحقا بمصطلح تصدير الثورة الخمينية.

 

أبرز فتاوي الخميني التكفيرية والطائفية:

شمل كتاب الخميني “المكاسب المحرمة”، على العديد من الفتاوي الطائفية والتكفيرية لمن يعتنقون مذاهب أخرى غير المذهب الشيعي الإثنى عشري، حيث يقول الخميني ان اهل السنة و الزيدية والاسماعيلة ليسوا اخوان للاثنا عشرية: “فغيرنا ليسوا باخواننا وان كانوا مسلمين فتكون تلك الروايات مفسرة للمسلم المأخوذ في سايرها، بان حرمة الغيبة مخصوصة بمسلم له اخوة اسلامية ايمانية مع الآخر، ومنه يظهر الكلام في رواية المناهى وغيرها. والانصاف ان الناظر في الروايات لا ينبغى ان يرتاب في قصورها عن اثبات حرمة غيبتهم، بل لا ينبغى ان يرتاب في ان الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالى لائمة الحق (ع) مضافا إلى انه لو سلم اطلاق بعضها وغض النظر عن تحكيم الروايات التى في مقام التحديد عليها فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الاخبار الكثيرة في الابواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الائمة المعصومون، اكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم. “

 

وفيما يتعلق بتكفير المسلمين الذين لا يؤمنون بولاية الفقيه، قال: “الإيمان لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام، بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية”.

 

وفي تفصيله الطائفي، فقد اعتبر الخميني أنّ الفُرس اليوم هم أعظم درجةً حتى من جيل الصحابة رضوان الله عليهم، حيث ورد في الوصية السياسية الشهيرة للوليّ الفقيه مرشد الثورة الإيرانية: (الخميني)، في الصفحة23 ما يلي: (وأنا أزعم بجرأة، أنّ الشعبَ الإيرانيَّ بجماهيره المليونية في العصر الراهن أفضلُ من أهل الحجاز في عصر رسول الله).

 

كما أورد الخميني في كتابه “الحكومة الإسلامية” ما نسبه إلى جعفر الصادق: أنه يرى التحاكُم إلى قُضاة المسلمين السُّنَّة وحكَّامهم تحاكمًا إلى الطاغوت، ثم يقول: “الإمام – عليه السلام – نفسه ينهى عن الرجوع إلى السلاطين وقضاتهم، ويعتبر الرجوع إليهم رجوعًا إلى الطاغوت”، ويسبُّ الخميني أحد قضاة الخلافة الراشدة وهو القاضي شريح ويقول عنه: “وكان شريح هذا قد شغل منصب القضاء قرابة خمسين عامًا، وكان متملِّقًا لمعاوية، يمدحه ويثني عليه، ويقول فيه ما ليس له بأهل، وكان موقفه هذا هدمًا لما بنته حكومة أمير المؤمنين”.

 

كما يسمي الخميني أهل السنة “نواصب”ويكفرهم، ويقول في كتاب “تحرير الوسيلة” الجزء الأول صفحة 118: “وأما النواصب والخوارج – لعنهم الله تعالى – فهما نجسان من غير توقُّف ذلك على جحودهما الراجع إلى إنكار الرسالة”.

 

ويضيف في نفس الكتاب، الجزء الثاني صفحة 146: “فتحلُّ ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا الناصب، وإن أظهر الإسلام”، مضيفا “فلو أرسل – أي: كلبَ الصيد – كافرٌ بجميع أنواعه، أو من كان بحكمه كالنواصب – لعنهم الله – لم يحل ما قَتَله”.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.