الرئيسية » تقارير » نيويورك تايمز: أمريكا أهدت العراقيين والأفغان عشرات آلاف البنادق ليقتلوا بعضهم البعض

نيويورك تايمز: أمريكا أهدت العراقيين والأفغان عشرات آلاف البنادق ليقتلوا بعضهم البعض

في العراق وأفغانستان، حيث “توزَّع فيهما الموت بشكل عشوائي” من خلال المفخخات والأحزمة الناسفة، والاغتيالات.. لا يزال الغموض يكتنف مصير كميات هائلة من الأسلحة سلمتها الولايات المتحدة لشركائها المحليين، بعشوائية أيضًا، خلال حربيها هناك.

 

ويشير تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إلى أن “بعض هذه الأسلحة استخدم في جرائم، وسلّم إلى ميليشيات تتسم بالفساد والانشقاقات عن الولايات المتحدة”.

 

يقول التقرير “في بداية هذا العام، نشر مستخدم فيس بوك باسم “حسين المحياوي” صورة لبندقية تبدو مهترئة بعض الشيء من طراز M4  يعرضها للبيع، وفي الحال تعرّف عليها الجنود المشاركون في الحرب الأخيرة بالعراق”.

 

بندقية صغيرة أمريكية الصنع مزودة بعدسة رؤية ثلاثية الأبعاد ومقبض أمامي، إذ كانت مطلبًا عسكريًا أثناء الاحتلال، وعليها ملصق رقمي عليه رمز استجابة سريعة استخدمه الأمريكيون لمراقبة مخزون الأسلحة.

 

لكن اختفى شيء واحد؛ مقبضُ مسدس يسلّم كخدمة ما بعد البيع، وهو نوع من الملحقات يستخدمه المقاتلون الحاليون للتحكم في مسدساتهم، وهي مشابهة تمامًا لعشرات الآلاف من البنادق طرازM4، والتي سلّمها البنتاغون لقوات الأمن العراقية، والعديد من الميليشيات المسلّحة بعد الإطاحة بصدام، العام 2003، وهي الآن معروضة للبيع وقابلة للمزايدة.

 

وبحسب التقرير “لم يمر سوى أربع سنوات على الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية من العراق، وما يقارب العامين على عودة أعداد صغيرة للمساعدة في مواجهة داعش، حتى أصبحت المزايدة على بندقية M4 جزءًا من الروتين اليومي لتجارة الأسلحة بالعراق”.

 

ويضيف التقرير “بندقية المحياوي ماهي إلاّ دليل آخر يشير إلى الفشل الذريع والخطير في تجارة الأسلحة الأمريكية، والمسؤولية العامة وانحراف عن الممارسات الأساسية العسكرية الحديثة ألا وهي تتبّع الأسلحة”.

 

ويتابع “منذ هجمات 11 سبتمبر، سلّمت الولايات المتحدة كميات هائلة لا حصر لها من الأسلحة النارية لشركائها في ميادين القتال المتعددة في العراق وأفغانستان.. واليوم ليس لدى البنتاغون سوى فكرة جزئية عن كمية الأسلحة المصدّرة، وأقل من ذلك بكثير عن مكان تواجد هذه الأسلحة، وفي الوقت نفسه تعتبر الكمية الكبيرة من الأسلحة ذات الأصل الأمريكي، والتي تباع في السوق السوداء أحد أهم الأسباب لعدم قدرة العراق على التعافي من ويلات ما بعد الحرب في المستقبل القريب”.

 

تمكّن فريق من الباحثين بقيادة إيان أوفرتون وهو صحفي سابق في بي بي سي “من جمع وثائق لحوالي 14 عامًا من تعاملات البنتاغون تتعلق بالبنادق والمسدسات والبنادق الآلية وملحقاتها وذخائرها لكل من القوات الأمريكية وشركائهم ووكلائهم، ثم قاموا بعد ذلك بفحص هذه البيانات بعناية ومقارنتها بالسجلات العامة.”.

 

وسيكشف أوفرتون عن البيانات والتحليلات التي تمّ التوصل إليها، والتي تغطي 412 اتفاقية، والتي بنظره “تستحق وقفة تأمّلية خاصة مع اجتماع أعضاء المعاهدة الدولية لتجارة الأسلحة هذا الأسبوع في جنيف”.

 

المعاهدة التي دخلت حيّز التنفيذ في العام 2014، والتي وقّعت عليها الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف تعزيز الشفافية والتصرّف بحذر في عمليات نقل الأسلحة التقليدية، للحدّ من تسربها إلى أيادٍ غير مسؤولة وغير مقصودة، وهو ما فشلت فيه الولايات المتحدة في حروبها الأخيرة.

 

ووجد أوفرتون أن البنتاغون “زوّد قوات الأمن المختلفة بأفغانستان والعراق بأكثر من 1.45 مليون قطعة سلاح تضمنّت 978000 بندقية حربية و266000 مسدس وحوالي 112000 بندقية آلية”.

 

وشكّلت هذه الصفقات مزيجًا من الأنواع المختلفة للأسلحة مثل: بنادق الكلاشينكوف من طراز M16 و M4 التي تصنّع حاليًا، وفقا لمعايير حلف الناتو في مصانع أمريكية، هذا بالإضافة إلى المدافع الرشاشة من الطراز الروسي والغربي والبنادق القنّاصة وبنادق الخرطوش ومسدسات من أصول وأنواع متعددة، بالإضافة إلى كميات هائلة من مسدسات غلوك النصف آلية وهو نوع من الأسلحة التي كانت معروضة للبيع على الإنترنت في العراق.

 

وكمثال على مدى عشوائية الإشراف على توزيع هذه الأسلحة، عندما طلبت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية منذ خمسة أشهر بيانا بعدد الأسلحة الصغيرة التي تم إرسالها إلى القوات الشريكة في أفغانستان والعراق، جاء ردّ البنتاغون بأن “السجلات التي لديها تفيد بحوالي 700000 قطعة سلاح، وهذا العدد أقل من نصف العدد الذي ذكره أوفرتون وفريقه من الباحثين”. بحسب ترجمة موقع “إرم نيوز”.

 

وذكر أيضًا بأنه “يمكن فقط الوصول إلى نسبة 48% من إجمالي التقارير المتاحة التي تخص الأسلحة الصغيرة التي صدّرتها حكومة الولايات المتحدة”.

 

وأرجع البنتاغون هذه الفجوة في الإحصاءات إلى أن القوات المسلحة الأمريكية، كانت تحاول الوقوف بجانب حكومتين مشغولتين بالحرب، إذ وضّح المتحدّث باسم البنتاجون مارك رايت “كانت السرعة شيئًا ضروريًا لتسليح قوات الأمن لهذه الشعوب، ونتيجة لذلك حدثت أخطاء في حساب بعض الأسلحة المصدّرة”.

 

وأضاف رايت بأن “ممارسات البنتاغون الحالية قد تحسّنت، وللتأكد من أن الأسلحة تستخدم في الأغراض المصرّح بها فقط يقوم ممثلو البنتاغون بحصر الأسلحة بمجرّد وصولها بلد الوجهة وتسجيل توزيع الأسلحة للدول الأجنبية الشريكة”.

 

ويضيف التقرير أنه “عندما وزّع الجيش الأمريكي الأسلحة في أفغانستان والعراق اتخذت الأمور مسارًا مختلفًا، فتعقّب الأسلحة وتوثيق من تسلّم وإلى أين تذهب الأسلحة لم يكن من الأمور ذات الأولوية”.

 

ومن المستحيل الآن معرفة أين توجد هذه الأسلحة، حتّى تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي أو تعلن عن نفسها بالمشاركة في قتال أو جريمة، لتذكرنا بعشرات المليارات من الدولارات، التي ذهبَت لتغذية العنف والإرهاب في مناطق متفرقة من العالم.

 

وتختتم الصحيفة تقريرها بتساؤل “ما الذي ستفعله الولايات المتحدة إذا اعتُبر الماضي حادثة سابقة؟” لتجيب “بالطبع سيكون الحلّ مرة أخرى هو شحن المزيد من الأسلحة!”.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.