الرئيسية » تحرر الكلام » من رحاب الضمير

من رحاب الضمير

ساْل متهكم عن معنى العروبة وهل للأمة العربية تاريخ مدوّن بالسطور ؟

فعرفنا أْن السائل من جماعة المنقادين أصحاب النفوس المريضة و الاْرواح الخبيثة التي تفشت فيهم علة اجتماعية كانت سابقاًََ تربض وراء حجب الجهل وتتربص خلف ستائر الأعداء،وقد انتقلت عدواها الى بعض الاْفراد ودخلت باحات بيوتهم من أبواب الحرام الواسعة وتسربت اليها من نوافد التشويش وشقوق جدران الألتباس..

ولهذه العلة الخبيثة أعراض قد تظهر علانية  على ألسنة المنتفعين من بث الاْفكار المسمومة بأحقاد التجزئة القبلية والنعرات الطائفية وتهييج المعضلات الاجتماعية وتفكك الروابط الدينية والقومية.

وبما أن هذا الهجوم المعتوه على الأمة لم يكن له الا الكلام سيفا وبذاءة اللسان نبالاًًًَ والجهل سنانا وجب التصدي لَهُ بدروع الكلام وحراب الاْلفاظ وسهام المعرفة،لعل امثال هذا المهزوم تعي ان العروبة هي ضمير الأمة و روحها المعنوية وكيانها الذاتي وتجدد عمرها السرمدي.

الشمس بشرقنا مشرقة و النجم مترقب و القمر في ليلها سهرانا

امةٌٍ  العرب فؤاد الحياة و معناها وَمَا امّم هذا العالم الا أبدانا

أليس ضمير أمتنا موشوم على مسلة (حمورابي) البابلي; وألواح (موسى الراعي وتعاليم (عيسى الناصري  وقرأن (محمد) العربي عليهم الف الف سلام.

أليست روحها المعنوية فلسفة كتبت على صفحات الأيام وحكمة تنفستها الأجيال حقيقة ظاهرة تشع بنور الحياة

فأعطت الحضارات رونقها والانسانية عِطْرها ورسمت بسحر تخيلات أفكارها مسالك الأمم و مهدت بنفائس الدر و ندى العلم دروب الشعوب ؟.. أليست سواعد أجيالها و عزمها هي التي عانقت بدائع الزمن فرفعت أعمدة (بعلبك) و معابد (الكرنك) وعلقت حدائق(بابل) و بنت أهرامات (الجيزة) و نقشت صخور (البتراء) عجائبا تأخذ الاْنفاس بعظمتها و تحتار العقول لروعتها.     

ألم تبارك السماء أقطارها عندما رسمت حدودها بمحاريث الازمان الهادئة فشقت وديانها و بسقت جلامد جبالها و طرحت سهولها و عرجت شواطئ بحارها و وهبت شعوبها انهاراً و دجالي عزبة لا تجف و آبار ثروات لا تبور، و كرّمتها بعظمة العربية حدوداً و لسانا؟

ألم تكحل أنامل الدهر الرقيقة مروجها بحلل الزنابق و الأقحوان و زينت هضابها بالأزهار و حمرة شقائق النعمان ؟.ألم ترصف صحاريها أنفاس الليالي برمال من تبر و رصعتها بالواحات زفرات الأيام؟

تعال أيها السائل واغمض عيناك أمام بلور مرآة الأزهان الصافية لترى كيف بعثر أدباء الأمة باْكف الحكمة مشارق الاْرض و مغاربها تراثا نيراً للعارفين،و بروح المحبة نقش شعراؤها التعبد و التصوف في اْفئدة العالمين!

تعال ولا تكن تائهاً في جفن وحشة الكرى عاقل اللسان حتى تلامس أذانك مواضع ساحات الملاحم، كي تسمع صريح همس صدى سنابك الخيول المتسارعة وصلصلة السيوف المتلمعة وتكسر الرماح المتشابكة و صراخ الفرسان الواقعة بالجراح و نجيع الكلوم دفاعا عن كرامة الأمة في معارك سطرتها بالدماء شهداء الحق في بيروت و الخرطوم) و ثورة (عرابي) و العظمة و (و المختار)(الجزائر) ( و انتفاضة (الجليل) وصمود شعب (العراق) و صراع أحرار العروبة الذين خاضوا الوغى أمام الغزاة!!

لكن ماذا عسانا أن نقول لاْفراد (تحن لهم الأمة حنو الأم و من خلف حر دمع الأجفان تناديهم) فيتاْففون دون استحياء بألسنة التهكم و التجبر و التحقير،و يتقرب الحق منهم فيلاقونه بالتعامي و العصيان و نكران الجميل.

ماذا عسانا اْن نقول لهؤلاء الغافلون في سواد الظلمة الذين وقروا اذانهم باْدران الجبن و الاستهتار،و حشوا افكارهم بوخم الانفصالية و نتن الانعزال،و لوثوا ابصارهم بوشاح دخان الفتن و غبار ذنوب النسيان؟

حقا…ماذا عسانا أن نقول للذين رأوا الحق درهما في جيوبهم،والضمير جوهرة في خزائنهم و الأجيال خدماً لأنانيتهم ؟!

ولكن مهلاً..ان الصلول السامة التي تختبئ في أضيق الشقوق لا هوية لها و الانجاز العمياء التي تسكن باطن الأرض تعامياً عن النور لا وطنية لها،و الذئاب العاوية في ظلام العتمة فوق الهضاب و في الكهوف النائية لا ولاء لها، و الزرازير الهاجرة و الغربان الناعبة لا أمم لها !!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.