الرئيسية » تحرر الكلام » اليوم الذي بكت فيه مصر

اليوم الذي بكت فيه مصر

مع إشراقة صباح الرابع عشر من أغسطس عام2013 بدأ جنود الجيش المصري وقوات الأمن بالانتشار في شوارع القاهرة استعداداً لمهمة وطنية خالصة اختزلت الوطن بأكمله في فرد مطلق،

لم يكن طيران الجيش المصري الذي قصف الكيان الصهيوني ذات يوم من أيام ماقبل كامب ديفيد بعيداً عن المشهد في ميدان رابعة،

وبموازاة ذلك كانت قنوات التلفزة المصرية تزف للشعب البشری علی هيئة أخبار عاجلة طغی عليها اللون الأحمر القاني،

أولی بشارات المهمة الوطنية تمثلت في السيطرة علی ميدان النهضة بعد تصفية مائة روح مصرية،

وانطلق جيش الفاتحين الجدد في مهمتهم الرئيسية للسيطرة علی ميدان رابعة غير آبهين بالموت لإنه كان حليفهم في مواجهة الالاف من جموع الشعب المغلوب علی أمره،

انطلقوا ليرووا الأرض بدماء طاهرة ستظل حرمتها تلعنهم جيلا بعد جيل،

ومضوا حاملين راية الموت من أجل الفرد لا من أجل الوطن،

يوم كامل من معركة الظلم الذي حل بمصر،

لم يكن العدو خارجياً يرتدي قبعة نابليون،أو مستوطن قدم إلی أورشليم،

بل كان خليطاً من جماهير مصرية تسلحت بالسلمية حتی اللحظات الأخيرة،

أقتحم جنود الوطن رابعة في وضح النهار،واستهلكوا كثيراً من الذخيرة الحية التي جاءت الی مصر بنية الدفاع عن الشعب فأغواها العسكر كما أغواهم كبيرهم من قبل،

شارف النهار علی الغروب،ومعه ارتقت ألفان وخمسمائة روح طاهرة إلی السماء تشكو الی بارئها ظلم العسكر وتخاذل وصمت العالم السفلي،

وماهي الا لحظات حتی جاءت بشری إعلام سحرة فرعون تعلن

نجاح الجيش في إحراق خيم المعتصمين والمشفی الميداني الذي يحوي الاف الضحايا بعد أن أحرق قلوب الأمهات علی فلذات أكبادهن،وقلوب المحبين علی أحبابهم،

كان سلاح الجو حاضراً طوال الوقت متفاخرٌ بقدرة قناصيه علی إصابة الهدف المنهك بدقة،

وأجد العذر لغياب سلاح البحرية نظراً لانعدام ممر مائي يصل رابعة بالبحر!

يتساءل كثيرون عن حجم الكارثة التي حلت بمصر،وما إذا كان ضرورياً سفك هذا الكم الهائل من الدماء في سبيل كرسي زج بصاحبه في السجن وانتزع الحكم منه عنوة بعد ان اختاره الشعب رئيساً لمصر؟

لقد أثبت جنود مصر شجاعتهم وبسالتهم وياليتها كانت في سيناء،أو في صحراء النقب،

لكنها لم تكن إلا مجرد معركة خزي وعار سقط فيها الجيش والأمن أخلاقياً،

بارك بعض عرب الخليج ماحصل وياليته لم يكن نابعا من شماتة بإرادة الشعب المصري وكرامته،

وصمت بعض العرب عما حدث وياليت صمتهم كان تعبيراً عن الرفض،لكنه كان رضا عن مذبحة لم يستوعبها تأريخ مصر منذ الهيروغليفية،

ربما كان الشعب المصري يستحق القتل لمجرد أنه يدين بالإسلام أولاً ولإنه عربي ثانياً،ولإنه رفض الخضوع للانقلاب ثالثاً،

سيخلد التأريخ اسم رابعة رغم كاتبيه،وسيذكر أن مصر بكت حزناً لرحيل المدنية عنها يوم شيعتها دموع الملايين الی حضن العسكر،

الحضن الذي يقف بوجه الثورة ألف مرة ليعيدها الی مربع الصفر مستخدما معادلة غير متكافئة وقانون فوق القانون.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.