الرئيسية » الهدهد » “المونيتور”: خطبة الجمعة المكتوبة وجه جديد للسيطرة على المساجد المصرية

“المونيتور”: خطبة الجمعة المكتوبة وجه جديد للسيطرة على المساجد المصرية

علق موقعالمونيتورالأمريكي على قرار وزارة الاوقاف المصرية بإقرار خطبة الجمعة المكتوبة, مشيراً إلى أن هذا القرار أثار جدلاً واسعا  حول فعالية هذا الأسلوب في تحقيق الأهداف التي أعلنتها الوزارة بمنع أصحاب الأفكار المتطرفة من التأثير على المصلين بخطبة الجمعة وتوضيح المفاهيم الإسلامية بشكل صحيح وفق آلية علمية منضبطة ومستنيرة.

 

وأضاف الموقع الأمريكي في تقرير له، إن وزير الأوقاف محمد مختار، لكي يدفع باقي الأئمة والخطباء للالتزام بالخطبة المكتوبة، ألقى خطبته بمسجد عمرو بن العاص يوم الجمعة 15 يوليو من النص المكتوب الذي سبق نشره على موقع الوزارة الإليكتروني، ولكنه أكد في تصريح أوردته وكالة الأنباء المصرية الرسمية أن للخطباء حرية الاختيار بين الخطبة المكتوبة أو الموضوع الموحد حتى توضع القواعد التنفيذية للخطبة المكتوبة.

 

وخلال جولة بين المساجد التابعة لوزارة الأوقاف بمحافظة الجيزة إحدى محافظات القاهرة الكبري، رصد “المونيتور” التزام خطباء الجمعة بموضوع “المال الحرام” دون الالتزام بالنص الذي حددته الوزارة، وقال خطيب أحد هذه المساجد، والذي فضل عدم نشر اسمه لـ”المونيتور”، إنه ملتزم بالموضوع الموحد للخطبة منذ تطبيقه عام 2014، رغم ما يمثله ذلك من تقييد له ويمنعه من تناول موضوعات تمس أهالي حيه بشكل أكبر، مؤكدًا أنه رغم عزمه الالتزام بالنص المكتوب وفقًا لتعليمات الوزارة، إلا أنه يرفض هذا الأسلوب في الدعوة.

 

ووصف منسق حركة الأئمة الأحرار إبراهيم عبد الفتاح، الخطبة المكتوبة بأنها خطوة على طريق تجميد الخطاب الديني لا تجديده، مؤكدًا أن الورقة ستفصل بين الخطيب والمصلين وستمنعه من إيصال رسالته، وبحسب قوله فإن تنوع المستوى العلمي والمعرفي للمصلين سيجعل من المستحيل نجاح نص واحد في إقناعهم جميعا، وسيجعل الخطبة أقرب لنشرة الأخبار.

 

ويؤكد عبد الفتاح سعي الأوقاف السيطرة الكاملة على المساجد، لكنه في الوقت نفسه يتوقع فشلها في السيطرة على الأفكار الموجهة للعقول، مرجعًا ذلك إلى أن الساحة الدعوية مليئة بأصحاب المرجعيات المختلفة كالإخوان والدعوة السلفية وأنصار السنة والتبليغ والدعوة، وبحسب قوله فإن هذه المجموعات التي تتعرض لتضييق كبير في العمل الدعوي منذ 2013، ستتجه للزوايا الصغيرة وسيزيد مريديهم لأنهم سيقدمون خطابًا مناسب للناس لا منعزل عنهم كخطاب الأوقاف ما يجعلهم أكثر قوة وتأثيرًا على المصلين.

 

نوح العيسوي مدير عام بحوث الدعوة بوزارة الأوقاف، قال في لقاء أجرته معه إحدى القنوات التليفزيونية الرسمية إن بعد قرار توحيد موضوع خطبة الجمعة في يناير 2014 لم يلتزم بعض الخطباء وتوجهوا بالخطبة لاتجاهات تعكس انتماءاتهم السياسية والحزبية.

 

ورغم اعترافه خلال اللقاء بتأثير الخطبة المكتوبة السلبي على مستوى الخطباء الثقافي والمعرفي، إلا أن العيسوي أرجع سعي الأوقاف لسرعة تطبيقها في أقرب وقت لحاجة المجتمع المصري لما وصفه بضبط الخطاب الديني ودعم آليات الفهم الصحيح للإسلام ونبذ العنف والتطرف.

 

وقال العيسوي إن دول الخليج العربي كلها تطبق الخطبة المكتوبة، وهناك أئمة مصريون يعملون لدى تلك الدول ولا يعترضون على هذا الأسلوب، مضيفًا أن خطباء الحرمين المكي والنبوي يلتزمون بالخطبة المكتوبة المعممة من أجل الصالح العام، ومع ذلك لا يشك أحد في علمهم.

 

ويرى إبراهيم عبد الفتاح أنه لا يمكن قياس العمل الدعوي في مصر على ما يجري في دول الخليج وخاصة السعودية، مؤكدًا أن المجتمع المصري فيه من التنوع ما ينبئ بفشل هذا الأسلوب وإن كان ناجحًا في دول الخليج.

 

“لا يمكن تجديد الخطاب الديني قبل ضبطه أولًا”، يقول جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف لـ”المونيور”، إن الخطبة المكتوبة تسهم في ضبط ما يقال على المنابر ومنع الفهم السيء لأمور الدين، ومواجهة توظيف أحكام الدين في غير محلها.

 

ودافع طايع عن الخطبة المكتوبة ضد الانتقادات الموجهة لها من أن النص المكتوب الموحد لا يلائم مجتمع متنوع كالمجتمع المصري الذي يعيش سكانه في مجتمعات مدنية وقروية وبدوية لكل منها ثقافته الخاصة، وقال إن الخطبة ستكتب بالعربية التي يفهمها الجميع، وانتقاء موضوعات الخطبة سيتم بعناية لتلمس قواسم مشتركة لدى كل أفراد المجتمع، مؤكدًا إشراف نخبة من علماء الأزهر والأوقاف وعلماء الاجتماع، على اختيار موضوعات تركز فيها الخطبة على الجوانب الأخلاقية التي لا يختلف تفسيرها لدى أي من ساكن القرية أو ساكن المدينة.

 

ورفض طايع اعتبار الخطبة المكتوبة وسيلة لتضييق الخناق على غير الأزهريين ومنعهم من صعود المنابر، مؤكدًا أن الوزارة تمنع من الأساس أي خطيب غير أزهري من إلقاء خطبة الجمعة.

 

واعترف طابع بتخوف بعض أئمة الأوقاف من القرار، وقال إن الأئمة يتخوفون من نظرة المصلين الدونية لهم حينما يقرؤون من ورقة، ويتخوفون أكثر من وجود إملاءات أمنية في الخطبة المكتوبة، مضيفًا: “نسعى لمحو هذه الشكوك، خطبة وزير الأوقاف الجمعة الماضية كانت مكتوبة ولم ينظر له أحد نظرة دونية، ونؤكد دومًا للأئمة ألا علاقة للأمن بالخطبة المكتوبة وإنما يقوم على كتابتها نخبة من العلماء”.

 

ويرى ناصر رضوان، القيادي بالدعوة السلفية بمحافظة البحيرة بدلتا مصر، أن خطبة الجمعة المكتوبة لن تناقش كل القضايا الهامة للمجتمع، مؤكدًا أن الخطيب والمصلين بنفس المسجد تجمعهم الوحدة الجغرافية، وبالتالي تشغلهم نفس القضايا، وبحسب تعبيره فإن الخطبة المكتوبة ستزيل أي أثر إيجابي لوحدة المكان والظروف التي تربط الخطيب بالمصلين.

 

“المسجد يكمل الدور التربوي الذي تقوم به المؤسسات التعليمية والأسرة”، يقول رضوان إن تفاعل الخطيب مع قضايا مجتمعه يسهم بإيجابية في أداء الدور التربوي لخطبة الجمعة، محذرًا من انصراف المصلين عن الإنصات للخطبة المكتوبة التي يمكن بسهولة الحصول على نصها من الموقع الإليكتروني لوزارة الأوقاف.

 

ويحذر رضوان من خطورة الخطبة المكتوبة على ما وصفه بسعي الخطباء للبحث وتطوير مصادر المعرفة لديهم، ويقول إن خطبة الجمعة تشكل تدريبًا أسبوعيًا للخطيب على تطوير أدواته وفنيات الإلقاء وإقناع المصلين، مشددًا على أن الخطبة المكتوبة ستقتل هذه الأدوات لدى الخطباء لاعتماده على نص مكتوب جاهز تقع مسؤوليته كاملة على الوزارة.

 

ويؤكد رضوان أن هذه الخطوة تعكس رغبة الوزارة في صنع صورة نمطية واحدة لكل الخطباء، وتشكل تضييقًا ليس فقط على الخطباء غير الأزهريين ولكن على الأزهريين أنفسهم، مؤكدًا أن النمطية في الخطاب الديني تفقده قوته ومعاني احترام الاختلاف وقبول الآخر التي يرسخها الإسلام.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.