الرئيسية » الهدهد » “فورين أفير”: هكذا فقدت بريطانيا عقلها

“فورين أفير”: هكذا فقدت بريطانيا عقلها

نشر موقع “فورين أفير” البريطاني مقالا للكاتب جوناثان هوبكنز نقل فيه تساؤل الكثيرون كيف فقد بلد مستقر ومزدهر اقتصاديا عقله واختلف حول عضوية كتلة تجارية: الاتحاد الأوروبي؟

 

ويرى الكاتب هوبكنز من مدرسة لندن للاقتصاد أن الإجابة على هذا السؤال تقتضي فهم الطريقة التي انقسمت بها بريطانيا إلى جيل شاب متعلم منفتح وحضري ضد جيل أكبر عمرا ريفي أقل تعليما وفقير يعيش في المناطق الريفية، وهو الانقسام نفسه الذي أدى إلى صعود جماعات اليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة.

 

ففي بريطانيا يشعر الناخبون بالغضب بسبب وضعهم المالي وتراجع مستويات المعيشة وفقدان الوظائف ووجدوا في المهاجرين الذين وصلوا إلى شواطئ بلادهم شماعة علقوا عليها كل مشاكلهم.

 

ويقول إن حزب الاستقلال الداعي للخروج من أوروبا استطاع شحن مشاعر الإحباط لصالحه وتحويلها لانتصارات في البرلمان الأوروبي والبريطاني. ومع أنه لم يستطع إيصال أكثر من نائب واحد له إلى البرلمان، إلا أنه استفاد من الانقسام داخل حزب المحافظين بشأن أوروبا، ويعود إلى فترة ولاية جون ميجر عام 1990، الذي انضم لوحدة النقد الأوروبية التي أصبحت يورو ليعود وينسحب منها بعد عامين بسبب تمرد المتشككين من أوروبا.

 

وفي عام 1997، خسر المحافظون السلطة واستقال جون ميجر. وعندما قاد كاميرون حزبه إلى السلطة مرة أخرى عرض تنظيم استفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي قبل انتخابات عام 2015. وكانت محاولة منه لترضية نواب المقاعد الخلفية ومخاوفه من خسارة الحزب الانتخابات، إلا أن فوزه الساحق لم يترك أمامه فرصة إلا الوفاء بوعده.

 

ومع خروج عدد من وزرائه لدعم الحملة وتردد زعيم حزب العمال، جيرمي كوربن، الذي لم يظهر إلا نادرا في حملات الاستفتاء، فإن الصوت العالي ظل صوت نايجل فاراج وحزبه. واتسم الخطاب بنزعة معادية للأجانب والوعود الفارغة والتضليل.

 

ووفقا لاستطلاع “إبسوس- موري”، فمعظم الناخبين البريطانيين لديهم معرفة بسيطة بطريقة عمل الاتحاد الأوروبي، وعادة ما يبالغون في عدد المهاجرين الذين أقاموا في بريطانيا ومساهمتهم بالميزانية الأوروبية. ويرى “هوبكنز” أن دعم الإعلام المطبوع لحملة الخروج بشكل عام أسهم في هذه الحالة من التضليل. وفي ضوء فقدان الثقة بالمؤسسات المالية الكبرى التي فشلت بالتكهن بالأزمة المالية العالمية عام 2008، فإن الاستفتاء على الخروج كان أشبه باستفتاء على السلطة الرئيسية التي فشلت في تحسين الأوضاع الاقتصادية.

 

ومن هنا، فالتصويت ضد أوروبا هو تصويت ضد من يحتلون المناصب العليا واستفادوا من الاقتصاد العالمي على حسابهم. وكان يمكن تفهم مصادر قلق الطبقة المحرومة من ثمار العولمة وحرية الحركة لم تقد اللغة الشوفينية المستخدمة لإعدام نائبة في وضح النهار.

 

وفي السياق نفسه، لاحظت صحيفة “نيويورك تايمز” أن بريطانيا تغيرت وخرجت منقسمة من الاستفتاء، حيث علا فيه صوت الداعين للخروج وهزم معسكر البقاء وانتهت مسيرة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي أعلن استقالته. ونجح معسكر اليمين بسبب تركيزه على الهجرة وتركيا وأسباب أخرى تتعلق بتغير المزاج السياسي.

 

فقد دخل كاميرون ومعسكره الحملة متسلحا بانجازات اقتصادية ودعم من الرئيس الأمريكي باراك أوباما واستطلاعات رأي في صحفه وصحف وخبراء اقتصاد لكنه لم يستطع السيطرة على المزاج السياسي. ونجح معسكر اليمين الذي يمثله زعيم حزب الاستقلال، نايجل فاراج بحرف النقاش نحو الهجرة.

 

وكشف الاستفتاء عن بريطانيا منقسمة بين اسكتلندا وانكلترا وكبار في السن وشباب وأهل حضر وريف، وفوق كل هذا شعور بالثورة ضد المؤسسة التي يمثلها قادة الاتحاد الأوروبي. ويُشار هنا إلى أن أبرز ما ميز انتماء بريطانيا للاتحاد الأوربي منذ يناير 1973 حتى يونيو 2016 هو الميل إلى الشك أكثر من اليقين.

 

والخلاصة أن انتصار معسكر الخروج كان واضحا منذ البداية وقبل الحملات الرسمية. فقد كان لديه الرموز المناسبة والرؤية التي عبرت عن فكرة الهجرة والتخويف منه وخاطبت عواطف الناخب البريطاني أكثر من عقله.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.