المعطيات القديمة الجديدة اليوم تسمح بقلب موازين القوى لصالح المعارضة السورية المدعومة من دول الإقليم المتضررة من التمدد الصفوي ، المتمثل بانتصار بشار وزمرته ولو جزئيا ..وبما أن محاربة تنظيم داعش كانت وأصبحت اولوية الغرب والشرق وأجبر الجميع على تبني هذا الخيار ، فإن استثمار هذا الاتجاه ممكن أيضا في استدراك ما فات سابقا ، لتقوية صف الثوار وتمكينهم حيث أصبح ممكنا الآن التوجه إلى قواعد داعش ، والتي أصبحت منهكة نوعا ما ، وأيضا استغلال الهدنة مع جيش نظام بشار ومناصريه المنهكين أيضا ، والذين رفع عنهم الغطاء الروسي ولو جزئيا..
كل ذلك يمنح فرصة إضافية لهذا التوجه و التركيز عليه وملئ الفراغ على حساب دحر داعش ، التي تسيطر على مساحة شاسعة من الأرض السورية وخاصة تلك التي تحاذي الفرات انطلاقا من الحدود التركية باتجاه حلب أو الرقة قبل أن يتوجه نظام بشار لهذه المناطق والسيطرة عليها ، حيث باتت نواياه واضحة بهذا الخصوص بعد السيطرة على مدينة تدمر والقريتين وسط سورية ، حيث يحاول أن يعيد السيطرة على أكبر مساحة ممكنة ، حتى لو كانت صحراوية غير مأهولة ؛ لكي يكسب شرعية الاستمرار معتمدا على شرعية السيطرة على مساحات شاسعة من الجغرافية السورية ..وبما أن العامل الدولي الذي يتذرع بداعش بادعاء أولوية محاربتها ، فاستغلال هذا الموقف ودعم الثوار بشكل سريع ومركز سيصب في مصلحة كل الذين يريدون إزالة بشار وطقمته المتسلطة بأقصر وقت ، وسيكون تثبيت الثوار في مواقعهم والاستيلاء على مواقع جديدة من داعش عاملا ضاغطا حقيقيا على كل الذين يتآمرون على الثورة السورية ، ويحيكون أنصاف الحلول لها في الكواليس بل يعملون على تصفيتها باتفاقية ديتون جديدة على حساب السوريين ومناصريهم في المنطقة ، هؤلاء جميعا أهدافهم تتعدى سورية..
يجب ألا يخدع السوريون أو داعميهم ، مما يرشح هنا وهناك بأن روسيا والأمريكان يعملون على اتفاق ما ، قد يسمح بازاحة بشار وبعض من حوله في مرحلة ما وهم قد يرتبون لذلك فعلا ، إلا أنه من المؤكد جدا بذات الوقت أنهم يعملون على الإبقاء على طاقمه الحاكم ، وكل أياديه الطويلة في الدولة السورية ليثبت مصالحهم هم ، حيث أنهم تقاسموا النفوذ في المنطقة من جديد ، ومصالحهم تتعارض ومصالح الشعب السوري وأهل المنطقة إلا أنها تسمح بتثبيت مصالح ايران في المنطقة ، متمثلة بزمرة بشار ومن خلفه ” قاسم سليماني ” وحزب الله الارهابي وما يمثله ذلك من خطر على سورية كدولة ، وعلى كل الجوار .. فالغرب والشرق ينسق إدراة المحنة السورية من خلال المحافظة على نظام يواليهم وإدارة بوصلة الثورة ، بما يخدم أهدافهم والذي يخدمه جدا وجود عصابة داعش على الأرض ..!
فيجب قلب الطاولة بحكمة و بهدوء على كل الذين تآمروا على أهل المنطقة ، والذين استثمروا في وجود وتمدد عصابة داعش لتنفيذ مشاريعهم فيها على نار هادئة ، وتصفية كل أحلام وطموحات أهلها ؛ بل محاصرة أهل السنة وتفتيت قواهم بحجة محاربة الارهاب .. فهلا استخدمنا نفس هذه اللافتة اليوم لصالحنا ؟
دعم الثوار للتقدم باتجاه قواعد داعش يجعل الثوار ومناصريهم ، هم من يفرضون رؤيتهم في المشهد السوري في نهاية المطاف ، فلن يستطيع طباخوا ديتون الجديدة أن يفرضوا قواعد لعبتهم إن تم العمل بهذا الاتجاه رغم شراسة مواقفهم ضد الثورة السورية ، لتصفيتها ومحاولة فرض رؤيتهم على السوريين ومسانديهم وذلك بعقد صفقات بينهم يتقاسمون فيها المصالح والنفوذ ، ليقدمونها بعرض مسرحي هزيل وغامض و مبهم .. نسخة أخرى من دايتون البوسنة والهرسك عام 1995 لاينطلي على الشرفاء والمتابعين ، قد يتضمن ازاحة بشار كشخص صوريا ، محاولين دسها في عقول المعارضة السورية المتحاورة معهم ، ليفرضوها لاحقا على أهل الأرض.. إلا أن هذا لعب في النار مجددا ، فإن كل من يحاول القفز على مستحقات الثورة السورية بعد كل هذه التضحيات الكبيرة ، إنما يغش نفسه أولا ، حيث أن الحرب ستستمر لعقود لاحقة لأن السوريين لن يقبلوا بأقل من تصفية عصابة بشار وتنظيف سورية من الرجس الصفوي مهما كلف من تضحيات إضافية قد تتضاعف على المستوى البشري ، حيث أن ماتبقى قد تم تدميره وتهجيره ولم يعد هناك ما يخاف عليه السوريون ؛ ولكن الخوف أن تمتد النار إلى اتجاهات جديدة حطبها نحن أيضا ..