الرئيسية » تحرر الكلام » لحَّام في قفص الإتهام

لحَّام في قفص الإتهام

دريد لحام والمشهور بلقب (( غوار الطوشة )) ، نموذج للممثل الانتهازي و الوصّولي ، اكتسب شهرة عربية من خلال تجسيده لدور شخص يتميز بالانانية و اتباع أساليب الاحتيال للوصول الى مبتغاه فكانت مقالب غوار الفكاهية ، التي من خلالها استغل سذاجة و طيبة قلب من حوله ، ضاربا بعرض الحائط كل قيم وأعراف الصداقة ، فتارةً يوقع بحسني البورظان و تارةً بياسين بقوش و تارةً بأبو كلبشة ،،،،، في شباكه وخدعه المزعومة …..

دريد لحام لم يكن بفنان ولكنه كان ممثل ، فشخصية غوار الطوشة هي تجسيد لشخصية دريد لحام ، وأقصد هنا أنا نجاح و عبقرية هذه الشخصية لم تأتي من فراغ بل هذا الدور كان يعكس تركيبة الشخص دريد لحام ، فطالما سمع الشارع السوري العاشق لشخصية غوارالطوشة الفكاهية بقصص واقعية عن تصرفات لا أخلاقية للشخص دريد لحام اتجاه كل من حوله من زملاء في المجال الفني ، و لسنا هنا بقصد تحليل أو نقد شخصية غوار الطوشة الممثل فكلنا نتفق أنها كانت شخصية فريدة أبهجت جمهورها العربي ولكن هل تسألنا يوما عن سبب نجاحها المزعوم ؟ وهل تسألنا يوما عن خلفية مُتقمص هذه الشخصية و أقصد طبعاً ( دريد لحام ) كشخص و ليس كممثل ، بعيداً عن فلسفة الأمور ولندخل في صُلب الموضوع ، دريد لحام كشخص و بشهادة كل المقربين منه من فنانين و أصدقاء ، عفواٌ أقصد معارف لأنني شخصيا أشك في وجود صديق حقيقي لهكذا شخص الكل إذاً يشهدون أنّ دريد لحام في علاقاته الشخصية و تعامله لا تختلف كثيرا عن شخصية غوارالطوشة الوصولية الانتهازية وحتى هناك بعض الاّراء تذهب لأبعد من ذلك بالقول أنّ هاتين الشخصيتين متطابقتين تماما ويصعب الفصل بينهما وهذا كان سبب نجاح شخصية غوار الطوشة ، فكان من السهل عليه تمثيل شخصية في الواقع هي نفس الشخصية التي يعيشها في حياته اليومية ، وأما عن مسرحيات دريد لحام التي تلت تمثيله لشخصية غوار الطوشة فكانت المُنقذ لنظام الحكم في سوريا حيث إستغلها النظام و بالاتفاق طبعا مع دريد لحام ليُظهر للشعب السوري مدى ديمقراطيته و تقبله للنقد وكان هذا خير وسيلة للتنفيس عن إحتقان الشارع السوري الغاضب على نظام حكم إتسَم بالعدوانية و الضرب بيد من حديد لكل طامح ببصيص أمل وحرية في فترة كانت عصيبة على الشعب السوري عانى فيها الأمّرين من نظام مستبد لا يعرف الرحمة منغلقا على نفسه ولا يتقبل الرأي الأخر ، ففي تلك الفترة كانت مجازر مدينة حماة و مجازر سجن تدمر و مجازر مدينة حلب و جسر الشغور و …و ….و، وكانت الأوضاع الأقتصادية قي أسوأ أحوالها بينما عاث الفساد و المحسوبيات في كافة دوائر الدولة ، و هنا كانت المنفعة مشتركة لنظام يبحث عن شخص يحبه الناس لانه كان ربما أسلوب تسليتهم الوحيد من خلال شخصيته الفكاهية للترفيه و ابعاد الشارع السوري عن مجرد التفكير بأوضاع البلد السياسية وما ستؤول اليه و لإظهار مرونة النظام و تلميع صورته لدى الجماهير مقنعا الشارع السوري بكونه يتقبل النقد ويعمل على الإصلاح والتغيير ،، ومن جهة أخرى المنفعة لدريد لحام ليثبت للنظام أنه من مؤيديه فيحظى بالحفاوة و كل الإمتيازات فكان و مازال طلبه يُستجاب و لكونه شخصا وصوليا وانتهازيا استغل هذا على أكمل وجه ، كل هذه الأمور كانت معروفة لدى الجمهور السوري المعروف بطيبة قلبه ولذلك لم يكن حاقدا على دريد لحام الممثل ، حتى جاءت الثورة السورية المجيدة و كسر الشعب السوري حاجز الخوف و بات يقول الأمور بمسمياتها ، وهنا انقلب السحر على الساحر فكان على دريد لحام الاختيار ، اما تأييده للنظام الفاسد للحصول على المزيد من الاكرميات والمحسوبية ،وأما أن يختار الوقوف مع شعب يقول كلمة الحق ويطالب برحيل نظام فاسد لا أمل في إصلاحه ، قراره طبعا لم يكن مفأجئ لأحد فهذه هي شخصية غوار الطوشة أقصد دريد لحام , الصيد في المياه العكرة و إستغلال الفرص ضاربا بعرض الحائط كل القيم و المبأدى .

و كان المشهد الأ خير في مسرحية غوار الطوشة أو مسيرة دريد لحام عند إلقائه خطابه الأسود تبجيلا وإكبارا لأحد رموز الفارسية الصفوية المدعو.(( خامينئي)) فجعل منه روح القدس و قديس القديسين ، و وصفه بكلمات لم يصفه بها أحد من قبل ، هذا المشهد الأخير لمسيرة دريد لحام كان طلقة الخلاص لجمهوره السوري والعربي الذي كان يأمل بظهور دريد لحام يوما على شاشة التلفاز ليقول كلمة حق و يؤيد ثورة شعب يطالب بأبسط الأمور للعيش في بلد ينعم فيه بشي من الحرية والكرامة ،، حرية وكرامة كلمات طالما تشّدق به دريد لحام في مسرحياته ،، فبئس ما إخترت ، ربما كسبت المزيد من نظامك الذي تؤيده ولكنك خسرت تأييد وحب جماهيرك في كل أقصاع المعمورة ،،،

و أخيرا و ليس آخراً : أليس حَريٌ بك يا إبن الطوشة بعد خطابك المُخزي هذا الإنتقال من قفص الإتهام الذي طالما كنت حبيسه من قبل جمهورك السوري الذي عرف حقيقتك القذرة منذ سنين طوال , إلى منصة الإعدام ؟؟؟؟؟؟؟ فعلى نفسها جنت براقش . ؟؟؟؟؟؟

و آخرا : نصيحة أتوجه بها لكل من هم في الحقل الرمادي من الممثلين السوريين ، حان الوقت للإقرار بموقفكم اتجاه ما يعانيه الشعب السوري على مدار خمس سنوات منذ بداية ثورته العظيمة ، فكفانا ضبابية ودبلوماسية و أقروا بما تؤيدون ، التاريخ يسجل أحداثه الأن ولم يفتكم قطار الثورة بعد فلا تكفينا سلبيتكم ولا تنفع ، لا نريد ضبابية بعد اليوم، ما نريده ومن حقنا عليكم كجمهور أوصلكم إلى ماأنتم عليه أن تُبدو رأيا و موقفا واضحا لا رمادية فيه ((أبيض أو أسود )) فدوام الحال من المُحال …

إسم المقال مقتبس عن الفيلم الكوميدي المصري للممثل محمد هنيدي (( همام في أمستردام ))

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.