الرئيسية » تحرر الكلام » اوسلو – بين جدل الزِّنا “المُناضِلْ” و “النضال الزاني”!

اوسلو – بين جدل الزِّنا “المُناضِلْ” و “النضال الزاني”!

تَزامَنَ ظهورُ أشكالٍ من “النضالِ الجنسي” المفضوحِ ، في صفوف بعض الأوسلويين ( الصهاينة منهم ، ومنهم المنتسبين لفلسطين ) ، مع بُروزِ التطبيقاتِ التفاعليةِ للتفاوضِ ، على ضِفتَي أوسلو هُنا وهُناك .

من هذه التطبيقاتِ : رِعايَةُ كثَرةٍ من القَوَّادينَ الدوليين لِلزناةِ “المناضلين” . تَجسدتْ في تفاصيلَ كثيرةٍ . منها ، ترتيباتٌ مكانيةٌ ، بكل معاييرِالرفاهيةِ مُريحةٌ . منها قصورٌ رئاسية ، وفنادقُ ملوكية . أتاح أمْنُها وأمانُها السري ، وقتا متطاولا ، لِصنعِ وتشكيلِ وتلوينِ ، مُحتوى غرائزياً ديناميكياً عند بعضهم . وحدد لهم ، طُرُقَ ومَواقيتَ السِّقايَةِ والرِّفادةِ ، حَدَّ الأشباعِ والأرواءِ والبَطَرْ .

عُهْرٌ ، توهموا انه سيمكنهم ، من نقل الصراع الوجودي ، المتمدد في فلسطين العربية ومن حولها ، من غُبارِ الخنادِقِ ، وأزيزِ الرصاصِ ، ودُخانِ البارود ، الى الفنادقِ وطَنافِسِها ، والى عبق آهاتٍ مِغناجةِ في ثناياها المحروسة .

أظن وليس كل الظن آثم ، أن فَيْضَ وإشراقات الدفء فيها ، مَكَّنَهُم لا بارك الله فيهم ، من إتقانِ عملياتِ التعرفِ ، على مُنحنياتِ وتَضاريسِ أجسادِ بعضهم البعض ، هِضاباً وتِلالاً وأغوارا . بدلا من تعميقِ معرفتهم بجغرافيا فلسطين ، أو أشواق أهلها في تحريرها ، والعودة الى كل حبة تراب فيها ، بكرامة التحرير بالقوة ، لا بذل الأستجداء والأنحناء والتفريط .

استخدم الزناة قَبَّحَهُم الله ، بدلاٍ من مخزونِ القُوة بكل أشكالها ، المُنشطاتِ الجسدية وهلوساتِ لغاته وإيماءاته ، في منظوماتِ الأغواءِ للأيقاعِ ببعضهم ،عبر مساقاتٍ عمليةٍ مُوثقة بالصوتِ والصورة . وسناريوهات قَوْلِيَّةٌ سَرَقَتْ فيما سرقت ، شيئاً من عباءاتِ الوطن . وكالعادة كان كله ، باسم النضال . وما يزال جُلُّه على عينك يا فاجر .

ولكن ، وللحق أقول : لست أدري إن كان ذاك العهرُ التبادلي ، من النوع الاستهلاكي العابر ، ام من النوع الأنتاجي المُستدام . جُلُ ما أود قولَه الآن هنا ، أن بموازة ذاك الزنى ، ظهر في حينها ، مصطلح ” النضال الزاني والنضال المزني به ” . و تناسلت حَولً مقتضيات حَكاويه ، وتبَعاتِ بلاويه ، كَثرةٌ من النقاشات المتبانية . ولا يزال جدل المصطلحات حتى الساعة ، يثير قدرا من الغموض والإلتباس الأخلاقي والسياسي ، ناهيكم عن الغموض الشرعي والوطني فيه .

حيث إتجه بعضُ دَهاقِنة المدققين المُوَثِّقين ، إلى إعتبار حَرْثُ العُهْرِ الجنسي بين بعض المتفاوضين ، نقلةٌ ثوريةٌ نوعية ، تُواكِبُ العصر . وتُضاف الى الموروثِ البشري ، في تقنيات النضال الوطني ، من اجل تحرير شكلاني ، وبناء سلطات مُفرَغَةِ ، ورفاه الكفاف الوظيفي . في حين يراه دهاقنةٌ آخرون ، أنه مجرد أداة من أدوات القوة ، لمن خارت عزائمُهُم مُبَكِّراً (ان كان لهم في الأصل شئٌ من عزم ) . ويرون فيه فلسفةً لا وطنية ، ونظام مقايضة سياسية تجارية . تستوطن مثل المستعمرات في شِباكِ أوسلو ، للوصال والتواصل .

من جهة أخرى ، للأسهام في بناء معرفة ، حول هؤلاء الزناة وفضاءاتهم ، أقترح التعرف على كبيرَهُم الذي عَلَّمَهُمْ سِحْرَ العُهْرِهذا . عَلَّنا نبصق بالفم الملآن في وجهه ونحن نقول له بلا تَأتأةٍ : قِفْ ، في لُجَّةِ صراع الوجود مع العدو ، أنت الزاني الأكبر . وضمير المخاطب ” أنت” ، يُحيلُ هنا ، إلى الكبار بالمناصب المُغْتَصَبَةِ ، والألقابِ الورقية ، لا الكبار بالنضال ، او بالخلق او العلم او الايمان ، ولا حتى من السابقين الأوائل ، بل من التابعين . الزاني الأكبر فيهم ، شخصيةً إستثنائيةً في الزمن الأوسلوي المتعفن . حاولت ولا تزال تحاول عبثا ، مع غيرها من المندسين المتسلقين في المشاهد اليومية ، وبطرق موسادية مُلتوية ، تعهيرَالوعي الجمعي الفلسطيني ، المُمانِع والعَصِيِّ على التدجين .

و في ظل تزايد أعدادِ المُشتبكين ، على ضِفتي الزنا “النضالي “، يسعى الزناة وبعض عمال التراحيل ، في فرق التطبيل والتزمير مدفوعة الأجرالمُسبق بالشواقِل، إلى مقاربة مسائل هذا العُهر ، بإشكالياتِ التبرير الأنكاري والأتهامي ، والأتكاء على الموروث النضالي العظيم للشعب العربي الفلسطيني ، والمراهنة على النسيان الجمعي لآثامهم .

و مما يسترعي الأنتباه هنا ، أن البحث في قلوب القابضين على جمر المعاناة ، من اهلنا فوق اي تراب عربي ، عن مصطلح يُكَيِّفُ تلك الآثام ، أوالبحث في قلوب مَنْ ما تزال أصابعهم على الزناد في كل الخنادق ، أوفي قلوب المُغَيبَّين بالقهر في معتقلات العدو ، أوفي ثنايا كل قطرة دمٍ لجريحٍ او شهيد ، سيتمخض بالقطعِ ، عن أكثر من اللعناتِ ، التي تصف هذا ” العهر النضالي ” ولا تليق إلا به .

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.