الرئيسية » الهدهد » إجراءات أمنية غير مسبوقة لحماية المساجد في أمريكا ومسلموها خائفون من الإنتقام

إجراءات أمنية غير مسبوقة لحماية المساجد في أمريكا ومسلموها خائفون من الإنتقام

شهدت أميركا بعد هجمات سان بيرناردينو في ولاية كاليفورنيا وهجمات باريس العام الماضي، تصاعد الكراهية ضد الإسلام والمسلمين وما يسمى بـ(الإسلاموفوبيا)، وسط مخاوف اعتداءات على المساجد والمراكز الإسلامية هناك، وهو ما تواجهه المساجد بإجراءات حماية غير مسبوقة.

مسجد آدمز (أو جمعية مسلمي منطقة دلس العظمى)- في الجزء الواقع في فرجينيا من العاصمة واشنطن- واحد من المراكز التي خصعت لتدابير الأمن والحماية الجديدة، وفق التقرير الذي نشره موقع vice الأميركي، الاثنين 4 يناير/ كانون الثاني 2015 وترجمه موقع “هافينغتون بوست”.

تدابير أمنية

الدخول إلى مسجد آدمز بات من باب جانبي بدلاً من الباب الرئيسي الذي أحيط بأشرطة صفراء وإشارات منع الاقتراب؛ وعندما تدخل من الباب الجانبي يحييك رجل طويل ذو عينين ثاقبتين يتفحصك بنظرته متحققاً من هويتك.

المراقب الأمني على الباب، روبرت مارو، العضو في لجنة مسجد آدمز هو ضابط سابق عمل بوزارة الخارجية الأميركية وخدم في ماليزيا، وأسلم بعد سنوات من افتتانه بالإسلام وبعد زواجه بامرأة مسلمة من سكان المنطقة، وهو الآن متحدث غير رسمي باسم مسجد آدمز.

وعن الدخول للمسجد، يشرح مارو أن احتياطات الأمن تستدعي تغيير نقطة دخول المصلين والزوار من أجل تحكم وتفتيش سلس بدرجة أكبر، لكن المدخل الرئيسي ما زال يستخدم لصلاة الجمعة.

وأضاف مارو أن فريق الحماية السابق الذي تعاقد معه مسجد آدمز –والتابع لوكالة “إليت” للحماية والتحريات—توقف عن مزاولة عمله لأسباب غير واضحة، لكن البعض يقول إن رجال حراسته تخوفوا بعد حادث سان برناردينو من استهداف المسجد وتعرضه للعنف وكراهية الإسلام.

موقع vice الأميركي، تجول في أنحاء المسجد وممراته وقال “نرى في كل بهو وفي كل ردهة حارساً أمنياً يعكف على حماية المكان، مشهد يلهم الناظر بكمّ المعاناة وصعوبة ممارسة شعائر دينك في دولة يتزايد كرهها لك وحقدها عليك بسبب معتقدك الديني”.

وفي الطابق الثاني تتجاذب نسوة أطراف الحديث وتتشاركن الطعام المعد منزلياً بعدما فرغن من درس في القرآن.

تتنوع ألسنتهم وأعراقهم من بنغلادش إلى الأردن مروراً بكل البلدان بينهما. تقول إحداهن أن وجود الحرس مخيف “لكنهم إن شاء الله سيوفرون لنا الحماية.”

رابعة

“صادفنا رابعة، فتاة جميلة في الـ17 من عمرها ترتدي حجاباً حول وجهها الباسم، فأخبرتنا أنها وعائلتها لطالما أتوا إلى هذا المسجد منذ كانت في الصف الرابع للمشاركة في الدروس والألعاب ومزاولة الأنشطة التي تنظمها هيئة المركز”.

وقالت رابعة أنها لم تتعرض شخصياً لأي اعتداء أو إساءة، لكن كل من تعرفه في الجامع إما تعرض لذلك شخصياً أو يعرف شخصاً حدث ذلك له.

وأضافت بمسحة حزن أن الكثير من القيود باتت مفروضة على أنشطة المسجد، فما عاد يسمح لهم باللعب خارجاً أو التنزه أو إقامة حفلات خارج المبنى “لأن المكان غير آمن لكم”، كما يقول رجال الأمن دائماً.

وتحدثت عن معاناتها وغيرها من الفتيات من لفظ المجتمع لهن سواء بالنظرات أو بالهمسات أو بالشعور غيبياً أن الكل يكرهك ويستهجن وجودك ولا يريدك جزءاً منهم.

مخاوف من هجمات انتقامية

الرئيس والمدير التنفيذي لمركز آدامز الإسلامي، رضوان جاكا، أوضح أن الدواعي الأمنية قاهرة لأن إحصاءات الاستخبارات الأميركية لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، رصدت ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين أضعافاً منذ 2012 بعيد التذبذب الذي تلا التصاعد الكبير لها في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

وقال محمد أحسن الله، رئيس قسم الأمن والوقاية في المسجد: “مسجدنا مفتوح على الدوام للجميع مسلمين كانوا أم من غير مسلمين.”

وأضاف: “كنا من قبل نستدعي عناصر أمنية في موسم رمضان فقط من أجل توجيه حشود المصلين، لكن الأمور تطورت في الآونة الأخيرة”، مشيراً إلى أن الأهالي أبدوا قلقاً على أطفالهم.

مسجد دار الهجرة

وفي مكان آخر، ينتقل بنا تقرير الموقع الأميركي إلى مسجد دار الهجرة الذي يقع في بلدة فولز تشيرتش بولاية فرجينيا.

يقف رجل أمن شاب في حراسة المدخل، حيث توظف المؤسسة رجال أمن من أفراد الجالية نفسها وتقدم لهم التدريب.

وتضطلع المؤسسة بحماية عدة جهات أخرى، لكن حماية المسجد عملهم الأساسي. وكما هو الحال في مسجد آدامز، فقد تضاعفت تدابير الأمن والحماية في الآونة الأخيرة.

وفقاً للتقرير، ففي أواسط نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وبعد أقل من أسبوع على هجمات باريس، ألقي القبض على رجل من السكان المحليين ألقى على المسجد قنبلتين دخانيتين وقنبلة كوكتيل مولوتوف لم تنفجر.

كما اقتحم أحد الأشخاص قبل أسبوع فقط ردهة المسجد متلفظاً بأقذع العبارات المعادية للإسلام قبل أن يخرجه رجال الأمن.

مضايقات للأطفال الصغار

وقالت فاديا دين منسقة العلاقات الخارجية في مسجد دار الهجرة، وهي امرأة تضج حيوية وترتدي حجاباً ملوناً، أن الكراهية طالت أطفال المدارس الذي يضايقهم أقرانهم ويقولون لهم عودوا إلى بلادكم التي جئتم منها.

وتتساءل كيف لأطفال صغار أن تصدر عنهم هذه العبارات والألفاظ؟ لا بد أنهم سمعوها تتردد في البيت. هذا هو الوضع وهذه هي دواعينا الأمنية.

وذكر محمد دريبيجي، المدير الأمني للمسجد، أن حادثة المولوتوف الشهر الماضي ضاعفت من التدابير الأمنية في المسجد إذ تحولت دوريات الحراسة إلى حماية على مدار الساعة وليس حتى موعد إغلاق المسجد فحسب.

ليست المشكلة في الإسلام

نعود إلى مسجد آدمز حيث يتأهب الجميع لأداء صلاة العشاء. يحدثنا العنصر المكلف بالحراسة منتقياً ألفاظه بعناية مثل جندي أو رجل شرطة: “قضيت 10 سنوات في الجيش ما بين العراق وأفغانستان، لذلك لم أتعرض لصدمة حضارية بمجيئي إلى هنا.”

وتابع: “لقد خبرتُ الصالح والطالح، ومن خبرتي أقول إن المسألة ليست مسألة دين. ليس الإسلام المشكلة. أعتقد أنها الثقافة التي تربى عليها الناس، فهناك أناس سيئون بغض النظر عن الدين، لكن الكثيرين لا يفهمون هذا ويتصرفون بناء على ضيق أفق معرفتهم الضحلة بالموضوع.”

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.