الرئيسية » حياتنا » منجّمو الفضائيات يتاجرون بالوهم والناس تتهافت عليهم مطلع كل عام

منجّمو الفضائيات يتاجرون بالوهم والناس تتهافت عليهم مطلع كل عام

وعد الأحمد- وطن (خاص)

ما إن تقترب نهاية كل عام ليبدأ عام جديد حتى يبدأ المنجمون بالتنافس في تقديم تنبؤاتهم أو متناقضاتهم على الأصح في عالم السياسة والإقتصاد والفن وحتى في القضايا الشخصية، ويكتسب المنجمون والفلكيون شهرتهم عندما تصدق توقعاتهم وتتطابق مع الواقع والأحداث بمحض الصدفة ، والعديد منهم تصدق توقعاتهم في شأن ما وتحيد عن الصدق في الكثير مما يجعل من “تجارة الوهم” هذه مصدر رزق للقنوات الفضائية وللمنجمين أنفسهم من خلال ترويج المسابقات وتنشيط الاتصالات الهاتفية التي تتقاضى القنوات نسبة من أرباحها و”يتنافس عدد كبير من القنوات الفضائية على الاستيلاء على ما في جيوب المشاهدين باستضافة أبرز الأسماء ممن يطلقون على أنفسهم علماء فلك لاستطلاع الحظ وذلك لاهتمام الكثيرين بمعرفة المستقبل الذي لا يعلمه إلا العليم الخبير سبحانه وتعالى”-كما يقول الكاتب علي البهادلي- الذي يشير في سياق دراسة له بعنوان”العرافون والمنجمون يمولون الفضائيات العراقية” إلى أن “ظاهرة المنجمين والعرافين ظاهرة قديمة قدم الإنسان وفي التاريخ أن أثرياء قريش كانوا يلجأون الى العرافين بين الحين والأخر، في ذلك الحين، فعبد المطلب زعيم قريش وجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ذهب للعراف ليعرف أي من أبنائه العشر، يجب أن ينحر وفاء لنذر، فوقع السهم على ابنه عبد الله أصغر الأبناء أول مرة، وللمرة الثانية، ما اضطره إلى فدائه بذبح عدد من الإبل.

و تعيدنا الفضائيات اليوم إلى ما قبل الاسلام وإلى عصر الجاهلية لاستغلال بساطة الناس وقلقهم من المستقبل من خلال برامج التنجيم وقراءة الطالع والمستقبل التي حسمها الشرع في أكثر من موضع في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “كذب المنجمون ولو صدقوا” ، ويدل هذا دلالة واضحة-كما يقول البهادلي- على تأكيد كذب هؤلاء المنجمين.

والظاهرة اللافتة في تنبؤات منجمي الفضائيات إن صح التعبير هو إكثارهم من التوقعات على مختلف الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية والفنية والثقافية والعسكرية وبشكل إلماحات سريعة والغرض من ذلك ترك المجال لبعض التوقعات أن تجد طريقها للتحقق بالصدفة -على الأغلب- ولعل قراءة سريعة لتوقعات ميشال حايك وهو أحد مشاهير المتنبئين تعطينا فكرة واضحة عن هذا الأمر وبخاصة ما تعلق بتوقعاته عن سوريا نهاية السنة الماضية

حيث تنبأ نهاية العام الماضي أن “يصافح” رأس النظام شخصيات من المعارضة ومن بينها شخصيات مسيحية سوف تلعب دوراً بارزاً ومن المعروف أن مؤتمراً لمعارضة الداخل عُقد في دمشق دون أن يلتقي الأسد أياً ممن شاركوا فيه، وتوقّع حايك أن يُستقبل الاسد في موسكو وطهران ودولة عربية فصدف أن أصاب تنبؤه بالنسبة الأولى وأخطأ في الأخريين، مع العلم أن أنباء ذكرت بأن رأس النظام سيزور طهران بداية العام القادم 2016 ومن تنبؤات حايك للعام 2015 أن” الردّ على اسرائيل لن يكون هذه المرّة كلام في الإعلام وهو الرد الذي يشبه “انتظار غودو” في مسرحية “صموئيل بيكت” ومن تسخيف الوقائع والحقائق اعتقاد حايك ضمن تخميناته “الخلبية” أن النظام السوري “لن يرضى عن مجموعة من مثقفي المعارضة بالداخل والخارج ودعوات إلى عقد مؤتمرات وحوارات”.

وفي مصر يتصدر المشهد المتنبىء أحمد شاهين الذي يطلق عليه الإعلاميون لقب حانوتي النجوم والذي أثارت توقعاته ذهول ورفض وانتقاد الكثير من الفنانين المصريين واعتبروها نذير شؤم عليهم وبخاصة أن شاهين تنبأ برحيل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وزوجها السابق النجم العالمي عمر الشريف، والممثل خالد صالح، والفنانة اللبنانية صباح، والممثلين سامي العدل، وعلي حسنين، وميرنا المهندس، الذين توفوا جميعًا خلال الأشهر القليلة الماضية. وأعلن المنجّم المصري الذي يلقبه الكثيرون بـ”نوستراداموس العرب” على القنوات المصرية عن تنبؤه بوفاة عدد من الفنانين متوقعاً “اقترابهم من الأرض” وهي العبارة التي يستخدمها المنجمون لـ”توقع” الوفاة مؤكداً أن وفاتهم ستكون بشكل قدري وطالت قائمة الوفيات الجديدة كلاً من النجم القدير محمود حميدة، والنجم خالد الصاوي، والفنانة نجلاء فتحي، وأخيرًا الفنانة بوسي والفنان عزت أبو عوف.

وكشف شاهين خلال لقاء تلفزيوني عن قائمة الأسماء التي قال إن العام 2016 لن ينتهي إلا بوفاة أصحابها ومن أهمهم السيدة “فيروز” والموسيقار “إلياس الرحباني” والفنان اللبناني “يوري مرقدي، كما توقع وفاة شخصيات سياسية لبنانية ذكر منها النائب سامي الجميّل والرئيس السابق إميل لحود. وتوقع شاهين اغتيال النائب وليد جنبلاط ووزير الداخلية نهاد المشنوق.

وخلقت فكرة التنبؤ بالغيب وأسرار العرافين جدالاً كونياً دينياً بين أهل الدين وفي هذا السياق يرى الشيخ الدكتور “محمد راتب النابلسي” بأن المشكلة لا تكمن قطعاً في علم الفلك، وإنما المشكلة في ربط النجوم بالكهانة والتنبؤ بالغيب، فهذا هو المحرم قطعاً لأنه–بحسب فتواه يعارض صريح القرآن الذي يؤكد أنه “لايعلم الغيب إلا الله” كما أن الأحاديث الكثيرة قد نهت عنه، ولا يجوز متابعة كتب الأبراج بدعوى تأثيرها في حياة الإنسان فهي تبطل الواجبات والأركان والفروض الدينية، والكواكب والنجوم من آيات الله الدالة على عظمته وقدرته المسبحة والساجدة له ولعزته وجعل الله فيها منافع لعباده وسخرها لهم بأمره. ومن المنظور الديني المخالف لواقع التهافت والإقبال على هذه الكتب تأليفاً وقراءه وإيماناً بها.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.