الرئيسية » تحرر الكلام » فراشة .. تحوم حول “الأدب”

فراشة .. تحوم حول “الأدب”

وطن- ** حاول الإنسان كثيرا وصف عالم الطيور والمخلوقات ، بدأ ذلك بالنحت والرسم في الكهوف ، وتطور الأمر حاليا فصارت كاميرات الديجتال عالية الوضوح والدقة تلتقط أجزاء متعددة من الثانية لرفة جناح الفراشة مثلا.

**بين الرسم والتصوير ..كان للموسيقى دفقات خاصة حاولت من خلالها تقليد أصوات بعض الطيور والحيوانات واشتهرت معزوفات كثيرة منها من حمل إسم “بحيرة البجع” مثلا..نقول مثلا.

** لم تترك الاشعار والقصص القصيرة والروايات الحيوانات والطيور في حالها ..فرسمتها بالكلمات في سطور مبهرة منها تلخيص قصة الإتحاد السوفيتي سابقا في رواية “مزرعة الحيوانات ” لجورج اورويل ، ورواية “باي” للكاتب يان مارت والتي تحولت لفيلم حاز على الوسكار بكل سهولة .

** ماذا عن تخصيص سطور حميمية وشفافة كروح جونتر جراس الأديب الألماني الذي غادرنا قبل أيام وهو يتحدث مبررا إستخدام بطل روايته “طبل الصفيح” أوسكار لحمل الطبل من خلال فراشة كانت تحوم لحظة مولده.

** يقول جراس ” راقبت فراشة ليلة ضلت طريقها في الغرفة وكنت أصغي اليها بنفسي . فكانت تحوم ، متوسطة الحجم ومشعرة، لتخطب ود المصباحين ، وتلقي بظلالها على المكان بجميع محتوياته ، حتى أنها أطبقت عليه بحركات ظليلة مرتجفة، لم تكن تتناسب مع حجم جناحيها وامتدادهما ، وأخذت تتحسه وتجعله واسعا “.

طائر الجنوب يغرد بعيداً عن نهرِ أبو ابشوت

** ثم يصف التذاد بين الصوت والصورة بالقول ” لم تكن لعبة الضوء والظل اثارت اهتمامي بقدر ما أثاره الصوت الذي كان يتصاعد في المجال الفاصل بين المصباحين وخفق جناح الفراشة . وصارت الفراشة تزبد، كما لو انها لن تحصل أبدا على فرصة مماثلة في وقت لاحق للتحدث ساعة الى الضوء، كما لو ان محاورتها مع المصباح كانت آخر أعتراف لها ، ونوعا من الغفران وزعته اللمبتان ، غفران لايتيح فرصة قط للأثم والجنوح”.

** ثم يعرج على ذكر أصوات حيوانات كثيرة .. ” واليوم يقول أوسكار بسذاجة، ان الفراشة كانت تطبل ،وقد سمعت الأرانب والثعالب والسناجب تطبل . كما كان بامكان الضفادع جلب الزوابع والأمطار عبر التطبيل. ويقال أن نقار الخشب يستخرج الديدان من مخابئها بالتطبيل، وأخيرا  فإن الإنسان يضرب على النقارة والصناجة والرق والطبل، ويتحدث عن مسدسات التطبيل ونيرانه ، كما انه يتحدى الإنسان الآخر بالتطبيل ، أو يشاركه القرع ، وكان هذا مايفعله صبيان التطبيل ومراهقوه.

** وينهي فقرته الرائعة بمقارنة بين فراشات إفريقيا وأوروبا السرقية ..”  بيد ان هناك مؤلفين موسيقيين يدونون النوتات لعازفي الالات الوترية والإيقاعية ، ربما ان هناك زنوج في افريقيا السوداء أو زنوج يعيشون في امريكا لكنهم لم ينسون افريقيا يضاهون فراشتي في العزف.أويقلدون الفراشات الإفريقية الأكبر حجما واشد فتنة من فراشات أوروبا الشرقية ، أناس يطبلون بجموح صارم وبانتظام ايضا ، لكني ساحتفظ بمقاييسي الأوروبية الشرقية متمسكا بفراشتي الليلية المتوسطة الحجم والمنقطة باللون البني والتي حامت ساعة ولادتي ، تلك الفراشة التي اعتبرها استاذة أوسكار”.

**من كل ذلك نستشف أن بعض الحيوانات قد تسعد من الكلمات الشفافة التي تحدثت عنها كجونتر جراس وحتى فيلم “حياة باي” الساحر، وربما هناك حيوانات قد انزعجت من وصف بدائيتها لقتل فرائسها ، دون اكتشاف الجانب المشرق فيها.

إلى عبق ثورية!

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.