الرئيسية » أرشيف - تقارير » (فورين أفيرز): غارات (الدرونز) الأمريكية قوَت (القاعدة) في اليمن أكثر مما أضعفتها

(فورين أفيرز): غارات (الدرونز) الأمريكية قوَت (القاعدة) في اليمن أكثر مما أضعفتها

(وطن – وكالات) ترى الكاتبة “سارة فيليبس” في مقالها الذي نشرته مجلة “فورين أفيرز” أن الإستراتيجية الأمريكية قد تعزز من قوة “التنظيم” في اليمن. وقد برز فرع “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية كواحد من أهم وأفعل أذرع النظيم.

وأفادت إستراتيجية الطائرات من دون طيار التي عملت بها الإدارة الأمريكية في اليمن وأسهمت على مدار السنين الماضية بحرمان التنظيم من قادته، أدت في المقابل إلى توسع نطاق تأثيره.

ووفقا لما كتبته، فإن تفسير التناقض هذا نابع من ضعف الحكومة اليمنية، وهو ما سمح للتنظيم بتوسيع مجال سيطرته في المناطق البعيدة عن تأثير الحكومة المركزية. كما إن سقوط المدنيين جراء الغارات هذه منح التنظيم الفرصة للزعم بأن اليمن يتعرض لهجوم من قوى أجنبية ما زاد في قوة الرسالة التي يدعو لها.

وترى أن كلا التفسيرين يحمل ملامح من الحقيقة، لكن المشكلة نابعة من فشل الغرب لفهم الطريقة التي يتعامل وينظر فيها اليمنيون لـ”القاعدة”، وهو فشل سمح للتنظيم بالتوسع وأضعف القوى المرشحة لمواجهته، ونعني بها غالبية اليمنيين الذين يرون فيه مجموعة من النخب المزيفة.

وفي محاولة من الكاتبة لفهم مظاهر الفشل، ترى أن الغرب ارتكب خطآن: الأول اعتقاده أن الحكومة اليمنية كانت تملك الدافعية لقتال القاعدة. أما الثاني، فهو الاعتقاد الذي يتعامل مع التنظيم كممثل لقطاع من اليمنيين، وهو ما منحه الفرصة للتمدد وتوسيع قاعدة الدعم.

وتعتقد الكاتبة أن الخط الفاصل بين “القاعدة” والحكومة اليمنية ليس واضحا لدى اليمنيين، فخسارة التنظيم لا تعني بالضرورة نصرا للحكومة. فهناك من يعتقد أن الجماعات السياسية في اليمن استخدمت تهديد “القاعدة” لتحقيق منافع سياسية.

ومن هنا تحول الكفاح ضد التنظيم لمسرح تتنازع عليه القوى المحلية. فبتعامل الغرب مع القاعدة كمنظمة إرهابية وليس كجزء من المؤامرات بين الأجنحة الحاكمة وجد الغرب نفسه يتعامل مع مواجهة محلية لا يفهم معالمها.

ولم يجن الشعب اليمني إلا الثمار المرة لهذا الفهم الخاطئ الذي وجد نفسه عالقا بين الطائرات من دون طيار من جهة و”القاعدة” من جهة أخرى.

وتشير الكاتبة إلى العملية الانتحارية في مايو العام الحالي التي نفذت وسط صنعاء وقتل فيها أكثر من 100 شخص، فقد نسبت لـ”القاعدة”، لكن الإعلام المرتبط بالجنرال علي محسن الذي انشق عن علي عبدالله صالح بداية الانتفاضة عام 2011 حمَل مؤيدي الرئيس السابق المسؤولية، فيما ألقى أتباع الرئيس السابق اللوم على محسن واتهموه بتجنيد الانتحاري. وفي كلتا الحالتين بدا تنظيم “القاعدة” وسيلة في يد المتحاربين الأقوياء في اليمن.

وهناك ربط بين السياسة الداخلية و”القاعدة”، فاليافطات التي رفعت في أثناء الانتفاضة حملت شعارات “التخلص من صالح = التخلص من القاعدة”.

وكانت الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان قد كتبت تغريدة بداية هذا العام وجاء فيها أن “القاعدة” هي ميليشيات صالح.

وكتبت الناشطة منى صفوان عام 2014 قائلة إن الحوثيين و”القاعدة” ليسا إلا دمى في يد الرجلين القويين باليمن أي صالح وعلي محسن.

ولا يقتصر الحديث عن دور “القاعدة” في السياسة اليمنية على الإعلام اليمني، بل بثت قناة “الجزيرة” فيلما تحدث فيه هاني مجاهد أحد أعضاء “القاعدة”، قال فيه إنه كان عميلا للحكومة اليمنية، وأنه حذر عام 2008 عمار صالح مدير مكتب الأمن القومي من هجوم قريب سينفذه “التنظيم” ضد السفارة الأمريكية بالإضافة لمزاعم أخرى.

وقال وزير الشؤون الدينية السابق حمود الهتار إن صالح استخدم “القاعدة” لابتزاز الحكومات الأجنبية والحصول منها على دعم مالي. بل وتفاخر صالح بأنه يسيطر على “القاعدة”، وأنها لا تمثل تهديدا حقيقيا. وسواء أكانت هذه التصريحات صحيحة أم لا إلا أنها تتحدى فهم الغرب لـ”القاعدة”.

وتعتقد الكاتبة أن الغرب اختار حرب الطائرات من دون طيار بدلا من تحسين حياة المواطنين وتفكيك شبكات التنظيم في الوقت نفسه. وباختياره هذا قام بمكافأة الحكومة التي كان يشك في نواياها أصلا، وخصوصا منذ عام 2006 عندما استطاع 23 من قادة التنظيم الهرب من سجن في صنعاء.

واختارت الولايات المتحدة التعاون مع الحكومة، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر إن العمل مع حكومة مستقرة يسهل عمليات مكافحة الإرهاب. فيما قال السناتور كارل ليفين عام 2009 إنه من دون دعم خارجي فسيدعم اليمنيون “القاعدة”، مشيرا إلى عودة المجاهدين اليمنيين من أفغانستان.

كل هذا رغم أن الدراسات المسحية والمحدودة في داخل اليمن أظهرت عدم شعبية التنظيم. ففي مارس 2011 نظم استطلاع شارك فيه 1.005 يمني، أظهر أن 86% من المشاركين يرون في “القاعدة” تنظيما غير شعبي. وفي الوقت نفسه، قالت نسبة 96% إنها تعارض تعاون الحكومة مع الأمريكيين.

وعليه، ترى الكاتبة “فيليبس” أن القاعدة سيئة ولكن السياسة الدولية والمحلية التي تحاول مواجهتها أسوأ، وهو ما منح التنظيم الفرصة للتوسع والبقاء. فدعم الغرب للحكومة اليمنية ومحاولة الأخيرة لعب ورقة الإرهاب ساعدا “التنظيم”.

ويظل الشعب اليمني هو الأقدر على فهم “القاعدة”، فهو لديه أسباب أخرى حول تصميم “التنظيم”.

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.