الرئيسية » أرشيف - تقارير » فورين أفيرز: أدوات السيسي الجرافات والرصاص والقضاة.. وهو أخطر مما تظنه واشنطن

فورين أفيرز: أدوات السيسي الجرافات والرصاص والقضاة.. وهو أخطر مما تظنه واشنطن

وطن – أصبحت مصر في الوقت الحالي أكثر تصدعا فبداية من إقامة منطقة عازلة بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة وتجريم من ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين وصولا إلى استخدام القوة المميتة ضد النشطاء الذين ينتهكون قانون التظاهر، وضع رئيسها عبدالفتاح السيسي استراتيجية أمن داخلي تعتمد على الجرافات وإطلاق الرصاص والقضاة الطوعيين.

بتلك الكلمات استهلت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية تقريرها المطول عن مصر والذي جاء تحت عنوان “السيسي أخطر مما تظنه واشنطن”.

وإلى مقتطفات من التقرير:

وربما يرى من ينظرون بواقعية للسياسة الخارجية بأن مشاكل مصر الداخلية لا تغير المصالح الاستراتيجية لواشنطن، وما يؤيد ذلك تلك القراءة هو تزامن إفراج إدارة الرئيس باراك أوباما عن المساعدات العسكرية مع سجلها السيء المثير للجدل في مجال حقوق الإنسان.

وعلى الرغم من ذلك، ليس حقيقيا في أن السياسات الداخلية المصرية يمكن وضعها بمعزل عن السياسة الخارجية، فسياساتها خارجيا وداخليا أصبحت متشابكة حاليا وينبغي أن تثير الكثير من المخاوف.

العدو القريب والبعيد

وفي نهجه المتعلق بالأمن الداخلي، فشل النظام المصري في التمييز بين المتطرفين والمعارضين السياسيين الذين لا ينتهجون العنف، وكما قال وزير الخارجية سامح شكري: “الفرق بين جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم داعش ليس كبيرا”، ومثل تلك المشاعر ليست جديدة داخل مصر، ولكن الجديد هو الحماس الذي يزرعه النظام في استئصال آفة الإسلاميين و ترجمتها بما يخدم مصالح السياسة الخارجية.

وخلال الصعود السياسي للإخوان المسلمين في أعقاب ثورة يناير 2011، انتاب معارضو الجماعة القلق مما أطلقوا عليه “أخونة” الدولة، فبداية من ظهور أفراد الأمن الملتحين ووصولا إلى إصدار البنوك سندات تتفق مع مبادئ التمويل الإسلامي، رأى هؤلاء المعارضون تلك التطورات كعلامات على استيلاء الإسلاميين على الحكم.

وبعد الإطاحة بالإخوان من سدة السلطة في عام 2013 وإعلانها كجماعة إرهابية، ضغطت الحكومة الجديدة من أجل اجتثاث جميع مظاهر أخونة الدولة وهو المسعى الذي وصل تم دمجه داخل السياسة الخارجية المصرية.

تقرير أمني على مكتب عبد الفتاح السيسي: “احذر من ثورة الجياع اذا استمرت الأوضاع هكذا”

في أعقاب القبض على الرئيس الأسبق محمد مرسي، أدت استراتيجية التطهير للإطاحة بمسؤولين حكوميين كان يُخشى تعاطفهم مع الإخوان، أما وزارة الخارجية والتي لم يخترقها الإخوان خلال فترة حكم مرسي القصيرة، فلم تحظ بنفس القدر من التدقيق الذي خضعت له الوزارات الأخرى.

لكن الهيئات الدبلوماسية لا يزال يتعين عليها اجتياز اختبار الولاء للدفاع عن تجاوزات النظام، كما أنها اتخذت إجراءات صارمة ضد جماعة الإخوان المسلمين، وفي سبيل تحقيق ذلك قدم سفراء مصر نقاط حوار تشبه الإخوان بالنازيين، في حين أنكروا قيام النظام بقتل المتظاهرين.

إن اجتثاث الأخونة امتدت لتتجاوز وزارة الخارجية، حيث يرى نظام السيسي نفسه رأس الحربة في إعادة الإسلاميين للوضع الذي كانوا عليه سابقا، ولا يختلف الأمر كثيرا داخليا فالنظام يتلاعب بفكرة المخاوف من التهديدات التي يفرضها التطرف في المنطقة كذريعة لضرب الإسلاميين بكافة انتماءاتهم.

وأصبحت مصر نشطة في تصدير ذلك النموذج لليبيا، حيث تدعم القاهرة وأبوظبي اللواء خليفة حفتر، الذي يتشارك معهما “النظرة التوسعية للإرهابيين”، أما نطاق الدعم المصري لحفتر وعمليته العسكرية المعروفة ب “عملية الكرامة” فأمر غير معلوم، على الرغم من ورود تقارير تحدثت عن تقديم مصر قدمت تسهيلات في أغسطس الماضي للطائرات الإماراتية لشن غارات داخل ليبيا لاستهداف الفصائل الإسلامية.

وحتى الآن ترفض مصر الإغراءات لإرسال قوات برية هناك، على الرغم من أن أقوى الدعوات للتدخل البري جاءت في أعقاب قيام مقتل 21 قبطيا مصريا على يد تنظيم داعش في فبراير الماضي، لكن جاء الرد المصري من خلال شن غارات جوية فضلا عن الإسراع في إجلاء عدد كبير من العمال المصريين من ليبيا.

السياسات المصرية في ليبيا، التي تم وضعها بهدف تعجيز الإخوان المسلين عن بناء حكومة ائتلافية ملتزمة بمكافحة حقيقية للإرهاب، تبرهن على كلفتها العالية، فميل نظام السيسي لرؤية الإخوان مختبئين أمر شديدة الضرر فهو يدفع غير المتشددين للانضمام للمتشددين لمقاومة عدوهم.

بعبع الإخوان

أما التحول الأكثر وضوحا في العلاقات الخارجية تحت قيادة السيسي كان اعتماد مصر على دعم الخليج لتعويض تدهور وضعها المالي ووفقا لوزارة الخزانة المصرية فإن السعودية والإمارات والكويت قدموا لمصر 10.6 مليار دولار مساعدات خلال السنة المالية 2013-2014، و 70% من المساعدات العينية كانت عبارة عن نفط ومشتقاته أما 30% المتبقية فهي عبارة عن دعم مالي مباشر.

وأعلن مسؤولون مصريون صراحة أن دعم الخليج لا يتم دون مقابل، وإذا كان الأمر كذلك فلن تكون تلك المرة الأولى التي تزايد فيها مصر على سياستها الخارجية حيث سبق وأن تم رفع ديونها بعد انضمامها للتحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، إبان فترة حرب الخليج الثانية (1990-1991)،  فضلا عن تلقيها سنويا مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار من واشنطن لالتزامها بأمن إسرائيل وفقا لمعاهدة السلام “كامب ديفيد”.

المخاوف في اعتماد مصر على المساعدات الخليجية تتمثل في أن ذلك سيحولها إلى قوة مساعدة للممالك الخليجية المحافظة، وأبرز الأمثلة على ذلك هو مشاركتها في التحالف، الذي تقوده السعودية، لاستهداف تقدم المتمردين الحوثيين في اليمن، فضلا عن تأكيد السيسي استعداده لنشر قوات برية في اليمن.

وربما تلعب مصر بالنار، فمثل تلك الحملات العسكرية مثل عملية اليمن تميل لتصعيد ديناميكيات الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران، لكن استطلاعات الرأي داخل مصر أظهرت أن مواطنيها يعارضون التدخل البري.

الدعم المصري للحملة التي تقودها السعودية باليمن، كان ردا لحصولها على مساعدات مالية من الخليج، لكن السيسي يرفض ذلك قراءة الأحداث كذلك .. مشيرا إلى أن مساعدة مصر جاءت التزاما منها تجاه الأمن العربي وليس ردا للجميل.

منطقة مشتعلة

نشاط الجيش المصري دفع حكومتها للحث على تشكيل قوة عسكرية مشتركة، وردا على الاقتراح الذي أعلنه السيسي في قمة مارس 2015، وافقت جامعة الدول العربية على تشكيل قوة للرد السريع لحماية السيادة الوطنية للدول الأعضاء بالجامعة، وتولي أمر التهديدات الأمنية بما في ذلك تلك التي تشكلها الجماعات الإرهابية.

ونظرا لامتلاكها لأكبر جيش في المنطقة، فمن المفترض أن تكون مصر مساهما رئيسيا بتلك القوات، وثمة وجهة نظر داخلية حيال مصالح مصر في مشروع عسكري مشترك، فنظام السيسي يزعم أن الجيش هو المؤسسة الوحيدة المسؤولة عن توحيد وحماية وتجديد مصر (الأمور التي قوضها الوضع الأمن المتردي)، لكن السيسي يبحث اﻵن عن فرص إضافية لوضع جيشه كقوة لسلطة وأمن الدولة وهيبتها.

ديفيد هيرست يكتب: الوجوه المتعددة للممثل الموهوب عبد الفتاح السيسي

لغز مصر

مسؤولو واشنطن لم تتوافر لديهم حلول بسيطة لسياستهم الخارجية تجاه مصر، وفي واقع الأمر فإن من ينتقدون سياسة واشنطن الخارجية تجاه مصر وتخليها عن المبادئ مقابل المصالح الاستراتيجية الضيقة، يتجاهلون طبيعة خيارات واشنطن.

عندما قررت إدارة أوباما، ولو متأخرا، تعليق أجزاء من المساعدات لمصر في أعقاب إطاحة الجيش بمرسي، استقبل النظام المصري ذلك القرار بتحدي، ولم يكن هناك تحسنا ملحوظا في التزام السيسي بحقوق الإنسان أو الممارسة الديمقراطية.

وعلى الجانب اﻵخر، لم ينتج عن إعادة تدفق المساعدات شريكا بناء، ويخطئ المسؤولون الأمريكيون إذا ظنوا أن التغيرات البسيطة على إعادة المساعدات مثل التخلص التدريجي من تمويل التدفقات النقدية، سيغير قواعد اللعبة.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.