الرئيسية » أرشيف - تقارير » واشنطن لأنقرة: لا “منطقة عازلة” في سورية إلا بموافقة طهران

واشنطن لأنقرة: لا “منطقة عازلة” في سورية إلا بموافقة طهران

رغم ما تناقلته وسائل الإعلام الأميركية من اقتراب التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا لخطة مشتركة لإقامة منطقة عازلة على الحدود التركية – السورية، كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية أن الإدارة الأميركية قالت للحكومة التركية إنها لن تقوم بخطوة من هذا النوع من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الموقف مع إيران، وإن واشنطن تسعى للحصول على موافقة ضمنية من الإيرانيين قبل البدء بالتنفيذ.

وكان نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد أتم زيارة إلى أنقرة قبل عشرة أيام، وعمل أثناءها على حث مضيفيه الأتراك “على الانخراط في الحرب” ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، مع ما يعني ذلك من قبول أنقرة استخدام واشنطن لقاعدة انجيرليك التركية لشن هجماتها الجوية ضد “داعش”.

واستخدام المقاتلات الأميركية، المركونة أصلا في القاعدة الجوية التركية، من شأنه أن يعطي القوة الجوية الأميركية دوراً مسانداً للمقاتلين على الأرض نظرا لقربها ولإمكانية طلب إسناد جوي بشكل عاجل، بدلا من طلب إسناد جوي يستغرق ساعات حتى تصل المقاتلات الأميركية من قواعدها في الخليج.

وقالت المصادر الأوروبية إن العنوان الرئيس لمحاولات “بايدن” إقناع الأتراك تركزت حول اعتباره “أن الإرهاب يلتهم الجميع، ولا يرحم أحداً”، وإنه “في مصلحة تركيا المشاركة في المجهود الحربي ضد داعش”، على أن “الأتراك أجابوا بايدن أنهم على أتم الاستعداد للمشاركة في الحرب ضد داعش، على شرط ألا يؤدي اقتلاع هذا التنظيم إلى تسهيل مهمة نظام الأسد في استعادة الأراضي التي فقد السيطرة عليه على مدى الأعوام القليلة الماضية”.

وسمع “بايدن” من مضيفيه استعدادهم لإشراك قوات تركية خاصة للإشراف على سيطرة المعارضة السورية المعتدلة على الأراضي التي تستعيدها من “داعش”، لكن ذلك يتطلب ضمان أن الأسد لن يهاجم هذه القوات بمقاتلاته أو مروحياته، ما يعني فرض منطقة حظر جوي ضد الأسد فوق المنطقة العازلة المقرر إقامتها.

وأضاف الأتراك أنه في حال وافق الأميركيون على إقامة منطقة عازلة تتزامن مع حظر جوي، فإن أنقرة مستعدة لفتح قاعدة “انجيرليك” وتقديم أي تسهيلات عسكرية أو لوجستية أخرى تطلبها واشنطن في الحرب ضد “داعش”.

من جانبه، أجاب “بايدن” أن ما سمعه من الأتراك “كلام مشجع”، وأنه سينقله “إلى الرئيس باراك أوباما”، لكن “بايدن” لمح ضمنا إلى أن الإدارة الحالية تحاول الابتعاد “عن كل ما من شأنه تعكير المفاوضات النووية مع إيران… حتى لا نعطيهم (الإيرانيين) الأعذار للهروب من التوصل لاتفاق وإلقاء اللائمة على أميركا والغرب”.

وتابعت المصادر الأوروبية أن ما قاله “بايدن” أثار حفيظة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي أجاب أن الإبقاء على الوضع الحالي من أجل المفاوضات النووية يعني أنه من مصلحة إيران إطالة هذه المفاوضات قدر المستطاع حتى تستمر في تجميد أي نشاط أميركي عسكري في المنطقة، وتاليا كسب الوقت لحلفائها في سورية.

أما “بايدن”، فرفض أقوال اردوغان، وقال إن لطهران مصلحة في محاربة “داعش”، وبسرعة، وأنها سبق أن أسهمت في تسهيل مهمة التحالف الدولي ومؤازرته وإن بشكل غير مباشر. وتشير الإدارة الأميركية إلى التفاهم الضمني مع الأسد، عن طريق طهران، بعدم اعتراض أجهزة الدفاع الجوي السورية أو مقاتلات الأسد طائرات التحالف أثناء قيامها بمهمات ضد “داعش” في شمال سورية الشرقي.

وهذا يعني أن إقامة منطقة عازلة لن يسبقه تدمير دفاعات الأسد الجوية، بل سيستند إلى اتفاق أميركي مع الإيرانيين حول بقاء الأسد ومقاتلاته بعيدين عنها طوعا. لكن على غرار الوضع القائم أيضا، يمكن للتحالف توجيه ضربات لداعش، لكن ذلك لا يمنع مقاتلات الأسد من الإغارة على المدنيين، مثل في الضربة الجوية التي قام بها النظام في الرقة الأسبوع الماضي.

وفي الحوار المتوتر بين بايدن وأردوغان، طلب الضيف الأميركي من مضيفه التوسط لدى الإيرانيين لقبول فكرة المنطقة العازلة، فأجاب اردوغان، حسب المصادر الأوروبية: “لو كنا نهدف لطلب منطقة عازلة من الإيرانيين، لما كنا تحدثنا إليكم”.

إذا، لقاءات بايدن في تركيا جاءت متوترة، ورغم الوعود التركية بتسهيل الحملة العسكرية ضد “داعش”، تمسكت واشنطن بضرورة الابتعاد عن أي مواجهة مع الأسد لتفادي استفزاز إيران، وهذا ما أثار حفيظة الأتراك، فلم يكد يمر أيام على زيارة بايدن، حتى أطلق اردوغان تصريحه الذي اتهم فيه الغرب بالاهتمام بنفط أبناء المنطقة وذهبهم وأموالهم واليد العاملة الرخيصة، من دون أي اهتمام لمصير السوريين آو غيرهم من الأبرياء.

واشنطن – من حسين. ع

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.