حكايات الحزن والألم على متن سفينة سعودية أجلت رعايا من السودان

أسفرت أعمال العنف عن مقتل ما لا يقل عن 528 شخصًا وإصابة نحو 4600 آخرين وفقًا لوزارة الصحة لكن من المرجح أن تكون هذه الأرقام غير نهائية

وطن– نشر موقع المونيتور، تقريراً مفصّلاً يرصد واقعاً مؤلماً، عن حكايات الحظ والخسارة على متن سفينة لإجلاء المدنيين تهرب من السودان.

المونيتور استهلّ تقريره بالقول: “كان حسن فرج ينظف أسنانه في صباح يوم 15 أبريل/نيسان عندما اندلع إطلاق نار خارج مبناه بالقرب من مطار الخرطوم، في طلقات مبكرة في حرب جعلته غير مستعد على الإطلاق”.

كان المواطن الباكستاني قد سلّم مؤخرًا جواز سفره إلى مكتب حكومي، مما يعقد أي محاولة للمغادرة، كما أن مخزونه القليل من الطعام والإمدادات الأخرى يعني أنه سيكافح لانتظار القتال في المنزل.

جاء حلّه أخيرًا في وقت مبكر من صباح يوم الأحد، بعد أيام من التواصل مع السفارة الباكستانية، انضمّ فرج إلى 51 شخصًا آخرين تمّ إجلاؤهم على متن سفينة حربية سعودية متجهة إلى جدة، ممسكًا بتصريح سفر خاص يسمح له بالعودة إلى كراتشي.

قال الشاب البالغ من العمر 48 عاماً: “أشعر بوضع جيد الآم”، مستذكراً أياماً “مخيفة جداً” كان مرعوباً فيها من إطلاق النار المستمر والقصف الجوي.

في الوقت نفسه، قال إنه قلق على الملايين من السودانيين الذين لديهم أمل ضئيل في الهروب من القتال المستمر بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ضد محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

أسفرت أعمال العنف عن مقتل ما لا يقلّ عن 528 شخصًا وإصابة نحو 4600، وفقًا لوزارة الصحة، لكن من المرجح أن تكون هذه الأرقام غير نهائية.

وقال فرج: “أصدقائي، أنا قلق عليهم حقًا، خاصة في الخرطوم.. أعرف قلة من الناس، لقد انتقلوا إلى مواقع أخرى أكثر أمانًا، لكن إلى متى؟ لا أحد يعرف”.

نفّذت البحرية السعودية عملية الأحد، بعدما أرسلت منذ أكثر من أسبوع قطعاً من أسطولها البحري إلى السودان للمساعدة في إجلاء آلاف المدنيين من جميع أنحاء العالم.

قبل الفجر بوقت طويل، اصطفّ الركاب المحاصرون بهدوء على رصيف ميناء في بورتسودان، التي لم يمسّها القتال حتى الآن، للصعود إلى زورق نقلهم إلى السفينة التي يبلغ طولها 102 متر.

عندما هزّت مياه البحر الأحمر المتقلبة السفينة، قامت القوات البحرية والخاصة السعودية برفع الركاب -وأمتعتهم- على متنها، حيث تمّ الترحيب بهم بالتمر والعصير والقهوة العربية.

من الواضح أنّ بعضهم قد غادر بسرعة، حاملين فقط أكياسًا بلاستيكية بها ملابس محدودة، بينما تمكّن آخرون مثل فرج من إحضار عدة حقائب.

تمكّن فرج من حزم قوقعة بيضاء كبيرة وحقيبة من أوراق الكركديه، وهي هدايا تذكارية من رحلة سعيدة قام بها إلى بورتسودان كسائح قبل أربعة أشهر فقط.

وضمّت مجموعة الأحد أيضًا بدرية السيد، وهي واحدة من السودانيين القلائل نسبيًا الذين شاركوا في عمليات الإجلاء، بمساعدة عُمان، موطن زوجها.

في أوائل أبريل، سافر الزوجان وابنهما إلى السودان على أمل قضاء شهر رمضان وعطلة عيد الفطر الهادئة مع أقارب سيد، لكن سرعان ما وقعوا في معارك حضرية عنيفة.

وقالت: “عادة خلال العيد يوزعون الحلويات لكن في العيد يوزعون الرصاص”.

استغرقت رحلة الأسرة إلى بورتسودان أيامًا من السفر البري، وفي وقت من الأوقات، خمس ساعات من المشي على طريق صعب للغاية بالنسبة للسيارات.

وقالت وهي تبتعد عن الساحل السوداني صباح الأحد، إنها ممتنة لسلامتهم لكنها لم تستطع التخلص من الشعور بأنها “تفقد دولة”، وذكرت: “كل الشعب السوداني حزين.. لا يوجد منزل فيه السعادة”.

إنه شعور لا يمكن لمحمد علي، المواطن الباكستاني البالغ من العمر 44 عامًا والذي عاش لمدة 13 عامًا في الخرطوم، أن يتعامل معه بسهولة.

كان أستاذ الهندسة قد ترك زوجته وأطفاله في باكستان منذ عدة أشهر حتى تتمكن بناته من التقدم لامتحانات الالتحاق بالمدارس الثانوية، وهي نعمة في وقت لاحق، نظرًا لمدى سهولة رحلته من السودان.

لكن هذا كان يعني أيضًا أنه خلال الرحلة الطويلة إلى جدة، كان علي بمفرده ليفكر في الكيفية التي قلبت بها الحرب حياتهم رأساً على عقب وستجبرهم على البدء من جديد.

يقول علي باكياً: “إنه أمر مؤلم للغاية حقًا. لأنك تعلم، ولد أطفالي هنا. كانوا يدرسون هنا.. الآن أنا قادم فارغًا. تركت كل شيء. بيتي، كل شيء. كل الذكريات”.

بعد تسع ساعات، عندما اقتربت السفينة الحربية من ميناء جدة، بدأ عليّ بالبكاء مرة أخرى، ولكن هذه المرة لسبب مختلف: كان يتصور لمّ الشمل مع عائلته، وقال: “لقد كانوا ينتظرونني منذ أيام”.

المصدر
المونيتور - ترجمة وتحرير وطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى