وثائق تفضح مخطط رفعت الأسد للانقلاب على حافظ.. ما علاقة السعودية والمغرب؟
وطن- نشرت شبكة “بي بي سي“، وثائق تُظهر أنّ بريطانيا رفضت دعم رفعت الأسد في مسعى خطط له عام 1986 للإطاحة بحكم شقيقه حافظ الأسد.
وبيّنت الوثائق، أن لندن رفضت طلب رفعت الأسد الإقامة في المملكة المتحدة، أو التدخل لدى دولة أخرى لمنحه جنسيتها والعيش فيها بشكل دائم.
وكشفت الوثائق أنّ محاولات رفعت للتواصل مع بريطانيا بشأن سعيه لإسقاط نظام دمشق بدأ في منتصف عام 1986، أي بعد عامين من اختيار رفعت، شقيق حافظ الأصغر، وعم الرئيس الحالي بشار الأسد، العيش في المنفى بعد فشل محاولته الانقلاب عسكريا على النظام.
يُشار إلى أنه في ذلك الوقت، كانت العلاقات بين لندن ودمشق تمر بمرحلة وصفها البريطانيون بأنها حساسة، حيث كانت الحكومة البريطانية قد وضعت نظاما صارما يصعِّب إجراءات منح السوريين تأشيرات دخول إلى البلاد.
لكن في شهر يوليو/تموز من عام 1986، فوجئت وزارة الخارجية البريطانية بأن رفعت وصل إلى لندن بجواز سفر مغربي.
وقالت الوثائق الصادرة عن وزارة الخارجية، أنّ باتريك نيكسون رئيس إدارة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، علم بوجود رفعت في لندن بعد أن اتصل به عضو مجلس العموم جوليان إيميري ليتشاور معه بشأن طلب شقيق الرئيس السوري لقاءه.
وأبلغ نيكسون، البرلماني البريطاني طلب وزير الخارجية بأن ينقل إلى رفعت قلق بريطانيا من الطريقة التي جاء بها إلى لندن.
وكان رفعت لا يزال رسميا، نائبًا لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي وعضو القيادة القطرية لحزب البعث وقائد سرايا الدفاع.
وفي تقرير إلى وزير الخارجية البريطاني جيفري هاو عن فحوى اللقاء، نقل النائب عن رفعت قوله: “إذا كنت قد طلبت تأشيرة، فإن الطلب كان سيحال إلى السفارة السورية في لندن، ولم أرد هذا”.
وأضاف: “هناك طرفان في سوريا، الأول بقيادة حافظ، والآخر بقيادتي، وأنا أشكل المعارضة، والقضايا الرئيسية محل الخلاف مع النظام تتعلق بالصلة بالسوفييت، والسياسات الاشتراكية غير الفاعلة في سوريا”.
وتابع: “سأعود إلى جنيف، ويسعدني أن أعود إلى لندن في أي وقت، لو كانت هناك رغبة في هذا، للقاء وزير الخارجية أو رئيسة الوزراء (مرغريت ثاتشر)”.
ولفت إلى أن وليي العهد الأردني الأمير الحسن، والسعودي الأمير عبد الله (في ذلك الوقت) يعتبران أنه خليفة محتملا لرئاسة سوريا.
وفي أعقاب ذلك، قال النائب: علينا أن نطلب منه أن يعود في زيارة قصيرة. وطالما أنه لا يزال نائبا للرئيس، فإن هذا يمكن أن يحدث دون إحراج لعلاقاتنا مع دمشق. ولو كان قد جُرد من وظيفته، لكان طلبنا منه زيارة لندن أكثر إحراجا”.
وضمَّن إيميري تقريره رقمين هاتفيين للاتصال برفعت في جنيف، ولم يكتفِ بذلك، حيث اتصل بالشيخ عبد العزيز التويجري، مستشار الأمير عبد الله، الذي كان رد فعله الفوري (عما قاله رفعت) هو أن الرئيس حافظ ونائب الرئيس رفعت اتفقا فيما بينهما على اتخاذ مواقف تبدو ظاهريا متعارضة، ولكنهما في الواقع متحدان بشكل وثيق.
اقتراح غير ملائم
ورد وزير الخارجية بأنّه سيكون من غير الملائم قبول اقتراح إيميري بدعوة رفعت الأسد إلى العودة إلى لندن للقاء الوزراء، وخاصة في ظل الحساسية التي تسود على العلاقات مع سوريا، وأن مثل هذه الزيارة سوف يُساء فهمها في دمشق.
وأضاف: “لا أستبعد رفعت كخليفة محتمل لشقيقه، ووزارة الخارجية السورية أوضحت لنا أيضا أن الحكومة السورية لا تقبل أي مسؤولية عن أفعاله”.
وسأل البريطانيون، المغرب عن خلفيات منحه جواز سفر لرفعت، ففي لقاء مع إيوان فرجسون وكيل وزارة الخارجية البريطانية الدائم، كشف السفير المغربي حينذاك مهدي بن عبد الجليل، عن أن الجواز أعطي لرفعت لكونه مصدرا مفيدا بشكل خاص للاستخبارات بشأن ما يحدث داخل سوريا.
دور مسؤول مغربي استخباراتي كبير
وأبلغ السفير، البريطانيين بأن مسؤولا مغربيا استخباراتيا كبيرا زار لندن للاجتماع مع الأسد خلال زيارته الخاصة الأخيرة إلى بريطانيا.
وقال إن المغاربة يرونه رئيسا بديلا محتملا لسوريا، وإن اثنين من أبنائه مستشاران للملك الحسن، ما يؤكد أهمية العلاقة معه.
بعد شهرين تقريبا، دعا رفعت إيميري لزيارته في مدينة ماربيلا الساحلية، جنوبي إسبانيا.
وأرسل النائب البريطاني، تقريرا إلى وزير الخارجية ورئيسة الوزراء، لخص فيه ما أفاد به رفعت، قائلا: خلافي مع النظام الحالي حقيقي فعلا، ويؤلمني أنني مقتنع بأن الرئيس الأسد لا يريد أن يضمن سلامتي لو عدت إلى سوريا”.
وأضاف رفعت الأسد: “حريص على أن أرى لبريطانيا مشاركة أكبر وأكثر تأثيرا في شؤون الشرق الأوسط. فالبريطانيون أنجزوا عملا عظيما في الماضي بتحقيق استقلال سوريا عن فرنسا، وهذا شيء لا يمكن أن ينساه أي سوري وطني أبدا”.
وأشار إلى أن السوفييت يسيطرون سيطرة تامة تقريبا على الاقتصاد السوري والقوات المسلحة السورية، وأن هذه السيطرة تُمارس عبر المستشارين الماليين والتقنيين والعسكريين والاستخباراتيين، والقليل للغاية يمكن فعله بدون تعاونهم.
وعبر عن ندمه من أي مشكلة دبلوماسية ربما يكون قد تسببت فيها زيارته إلى لندن بجواز سفر مغربي، مؤكدا أنه لم يفاجئ بأن دمشق رفضت قبول المسؤولية عن تحركاته.
كما لخص رفعت للنائب البريطاني أسباب “القطيعة” مع النظام السوري، قائلا إن انتقاده للحركة البعثية التي تقوم على ثلاثة مبادئ هي الوحدة العربية والاشتراكية والحرية، غير أن التجربة أثبتت أن هذه المبادىء تتعارض مع بعضها البعض.
وأضاف أن العالم العربي مؤلف من أنظمة راديكالية ومحافظة، وأنه في الظروف الحالية، لا يمكن أن تتفق هذه المبادىء على أساس الاشتراكية.
وأشار إلى أنه عندما عبر للمرة الأولى عن رأيه هذا قبل بضع سنوات، أصبح هدفا للشيوعيين الذين أدانوه واعتبروه رجعيا وإقطاعيا، لافتا إلى أن السوفييت واصلوا الحملة ضده كي يجعلوا موقفه صعبا للغاية.
أهمية الدعم السعودي
بعد ذلك، أكد رفعت أنه بدون دعم السعوديين، لا يمكن أن يبقى النظام السوري على قيد الحياة، وعلق إيميري قائلا: “لو أن كل هذا يمثل وجهات نظره الحقيقية، فإنه من الصعب أن يرغب الكثير من البعثيين والشيوعيين وموسكو أن يكون له نفوذ قوي في دمشق، ناهيك عن أن يرونه رئيسا مستقبليا”.
وفي أواخر عام 1986، صارح رفعت البريطانيين بمشروعه لإسقاط نظام شقيقه، وبحرصه على الحصول على مساندتهم.
وفي أواخر عام 1986، صارح رفعت البريطانيين بمشروعه لإسقاط نظام شقيقه، وبحرصه على الحصول على مساندتهم.
وفي شهر نوفمبر / تشرين الثاني من ذاك العام، أكد إيميري أن رفعت أبلغه بأنه مصمم على تحرير بلاده من الهيمنة السوفيتية الحالية، وهذا يعني الإطاحة بشقيقه.