الرئيسية » تقارير » من سليمان خاطر إلى محمد صلاح.. “الذئاب المنفردة” تعيد أمجاد الجيش المصري

من سليمان خاطر إلى محمد صلاح.. “الذئاب المنفردة” تعيد أمجاد الجيش المصري

وطن- يواصل صدى العملية التي نفذّها المُجند المصري “محمد صلاح” (23 عاماً) إثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين إشادات واحتفاء بشجاعته وبين رافض للطريقة التي تعاملت بها السلطات المصرية الرسمية مع العملية النوعية التي أسفرت عن مقتل 3 مجندين إسرائيليين على الحدود مع مصر، السبت.

“محمد صلاح” يُعيد أمجاد الجيش المصري

نفّذ محمد صلاح عمليته البطولية، كما وصفتها حسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فجر السبت الماضي، عند معبر العوجة الحدودي مع الاحتلال الإسرائيلي في شبه جزيرة سيناء.

لاحقاً، مساء السبت، أعلن المتحدث العسكري المصري “مقتل فرد أمن مصري مكلف بتأمين الحدود خلال مطاردة عناصر تهريب المخدرات، بعدما قام باختراق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران، ما أدى إلى وفاة ثلاثة من عناصر التأمين الإسرائيلية، وإصابة اثنين آخرين”.

أما المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، فوصف المجند المصري بـ«المُخرب»، وأعلن اشتراك القادة والجنود الإسرائيليين في قتله بعد دخوله الأراضي الإسرائيلية، وتسببه في قتل جندي ومجندة خلال إطلاق النار على الحدود، فضلًا عن مقتل جندي إسرائيلي آخر فيما بعد، وإصابة ضابط ظهرًا.

وبينما كان التفاعل المصري مع الحادثة، عبارة عن “تعاون” في التحقيقات المشتركة حول العملية، تفاعل الحسّ الشعبي المصري -والعربي عموماً- مع العملية كونها أعمق من مجرد “حادثة معزولة”، على حدّ وصف بعض المحللين على شاشات الإعلام المصري الرسمي، بل اعتبروها تعبيراً عن مشاعر – لم تنقطع يوماً- من الكره والعداء الكائن في صفوف الجيش المصري ضد الاحتلال الإسرائيلي.

سليمان خاطر السابق ومحمد صلاح اللاحق

بالأمس، في أكتوبر/تشرين الأول عام 1985، قَتَل سليمان خاطر 5 من الإسرائيليين وأصاب 7 حاولوا تخطي نقطة حراسته على الحدود، ثم سلّم نفسه للسلطات المصرية.

وبعد عام و3 أشهر من الواقعة، نشرت الصحف نبأ انتحار سليمان خاطر في مستشفى السجن الحربي، وسط شكوك واسعة بشأن الطريقة التي انتهت بها حياته.

واليوم، يستشهد الجندي المصري محمد صلاح بعد الإجهاز على 3 إسرائيليين في عملية نوعية اعتبرها جزء كبير من الشارع العربي، تعبيراً لا ينضب من المعاني عن بطولة الجيش المصري وعقيدته الراسخة بمعاداة الكيان الإسرائيلي الغاصب لأراضي فلسطين.

فبعد ما يزيد عن 4 عقود من التطبيع العلني و”السلام” بين مصر وإسرائيل، ورغم محاولات نخبة قليلة من القادة العسكريين الذين حكموا مصر منذ الثمانينات (بداية مع حسني مبارك 1981-2011 ثم عبد الفتاح السيسي 2013 حتى الوقت الحالي)، تحوّل الجيش المصري من رائد للصوت العربي في مواجهة الاحتلال، إلى رائد في السيطرة على المشاريع الاقتصادية والتغلغل في باقي أجهزة الدولة على حساب قضايا أخرى محورية.

حساب محمد صلاح على فيسبوك محل اهتمام.. هل تنبأ بوفاته شهيدا؟ watanserb.com
محمد صلاح الجندي المصري الشهيد

الجندي المصري يحيي أمجاد “خير أجناد الأرض”

مباشرة بعد تكشف تفاصيل ووقائع العملية، تصدّر وسم “الجندي المصري” قوائم الأكثر تفاعلاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وعدد من الدول العربية.

كتب الإعلامي المصري “أحمد منصور” عبر حسابه الرسمي على تويتر: “اليوم ذكرى هزيمة 5 يونيو1967 حينما هزمت اسرائيل الجيوش العربية كلها بقيادة عبد الناصر الذي كان يهدد بإلقائها في البحر”.

وتابع: “لكن جندي مصري واحد اسمه محمد صلاح جاء بعد 56 عاما فحولها إلى نصر للشعوب العربية وهزيمة نفسية ومعنوية ومادية لجيش اسرائيل الجندى المصرى”.

وقال “أحمد محمد” في ذات السياق: “والله وعملها البطل الشهيد محمد صلاح ورفع راس مصر بلدنا.. ووقف وقفة رجالة مبروك لمصر ولولادنا.. الكل طاير من الفرحة ومصر لبسالنا توب الشرف و العزة يارب تدوم الفرحة”.

وكتب الإعلامي أحمد عطوان: “الشيء الوحيد الثابت حاليًّا والمؤكد تمامًا في الرواية المصرية والإسرائيلية أن جنديًّا مصريًّا بطلًا قتل 3 جنود إسرائيليين وجرح 2 آخرين، ونحتسبه عند الله شهيدًا، والباقي مبررات لا تهمنا كثيرًا”.

وأضاف الصحفي اليمني “أحمد فوزي” في ذات الصدد: “استشهاد البطل الجندي المصري محمد صلاح إبراهيم أعاد إلى أذهاننا كل بطولات عربية ضد جيش الكيان والاحتلال.. وما فعله البطل سليمان خاطر وكل الأبطال على الحدود مع فلسطين المحتلة التي تظل قضية كل الأحرار في الوطن العربي”.

وكتبت الناشطة “ياسمين إسلام” عبر تويتر: “الجيش المصري جيش الكفتة والجمبري و الاستسلام للعدو، خجلان من ابنه الشهيد محمد صلاح فلا كتب اسمه ولا نشر صورته”.

وتابعت مستنكرةً: “بل اتهمه عبر (اللجان) انه إرهابي ومتعاطي مخدرات ولديه مشاكل أسرية ومشاكل مع قادته. هم قتلوا سليمان خاطر في سجنه فكيف لا يقتلون الجندي المصري محمد صلاح في إعلامهم؟؟”

وعلق الدكتور محمد الصغير على العملية قائلاً: “سليمان خاطر جديد حسب رواية الإعلام العبري: دخل عساكر صهاينة لأمتار داخل حدود مصر 4:30 فجرًا، فأطلق جندي مصري رصاصه عليهم، فقتلهم جميعًا (جندي+مجندة)، بعدها دخل الجندي أرض فلسطين وانتظر القوة الثانية لساعات، واشتبك معها فأصاب منهم 3 عساكر بإصابات خطيرة، واستشهد البطل المصري”.

وعلى صعيد متصل، كتب الصحفي وائل قنديل: “أكد جيش الاحتلال وكذا المتحدث العسكري المصري أن الشهيد فرد أمن مصري. بالمناسبة المخدرات بريئة. هذه عملية بطولية جريئة”.

وأكمل: “ويا ترى يا هل ترى من سيؤلف لكم أكذوبة أن الجندي البطل الشهيد مختل عقليًّا قرر الانتحار كما فعل مكرم محمد أحمد في ملحمة البطل سليمان خاطر قبل 37 عامًا؟”

كامب ديفيد وتكبيل “مارد الأمة العربية”

حرفياً، قصمت معاهدة كامب ديفيد (1978) ظهر الأمة العربية، لاعتبارات عديدة لعل أهمها إخراج و”تحييد” مصر -بثقلها التاريخي والقومي والديمغرافي- عن معادلة الصراع مع العدو الصهيوني الذي عاش قبل تلك المعاهدة أصعب فتراته مع 3 حروب مباشرة ضده كانت رأس حربتها القاهرة، بدعم ومساندة عربية.

بعد كامب ديفيد، انقلبت النخبة العسكرية الحاكمة في مصر على مسار 180 درجة، فبعدما كانت تعتبر إسرائيل هدفها الأول الذي يجب محوه على وجه الأرض، تحولت القاهرة إلى خانة الحليف الموثوق للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني، والتي سعت طيلة عقود لإرضائهما وكسب ودهما بمختلف الطرق.

ولمعرفة دقة ما يدور عنه الحديث أعلاه، يكفي للقارئ أن يسرح بخياله مع ما قاله الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب المصري، قبل سنوات من الإطاحة بمبارك، بأن الرئيس القادم لمصر يجب أن يحصل على رضا “إسرائيل”، ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية.

وهو تصريح “صادم” لبعضهم، لكنه عند جزء كبير من الشارع العربي نتيجة حتمية لمسار بدأ وما زال من المهادنة المصرية الإسرائيلية التي استطاعت بها تل أبيب طيّ صفحة القوة الضاربة على حدودها الشرقية للاهتمام بباقي الدول العربية فرادى.

حيث إنه ليس من باب المبالغة أو التهويل حين نقول، إنه لولا توقيع هذه المعاهدة لما تجرّأ العدو الصهيوني -بدعم أمريكي نعم- على قصف المفاعل النووي في العراق عام 1981، ولما تجرّأ على حربه على المقاومة وحصاره للعاصمة بيروت عام 1982، ولما تجرأت الإدارة الأمريكية على العدوان على العراق عام 1991 واحتلاله عام 2003.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.