الرئيسية » تقارير » إسرائيل الرابح الأكبر من فوضى السودان.. عين على الذهب وأخرى لإضعاف مصر

إسرائيل الرابح الأكبر من فوضى السودان.. عين على الذهب وأخرى لإضعاف مصر

وطن- مع تفاقم وتيرة الاقتتال بين قوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، بدأت الأنظار تتوجّه لمن يمكن الاستفادة من هذا الوضع المتدهور.

في مقال نشره موقع ميدل إيست آي، يسرد المحلل السياسي شادي إبراهيم كيف يمكن لإسرائيل أن تستفيد من تلك الحرب المستعرة في السودان، وتحديداً في حال حسمها من قِبل قوات الدعم السريع التي باتت توصف على صعيد واسع بأنها ميليشيا متمردة.

يقول الكاتب إنه بعد سقوط الرئيس السوداني السابق عمر البشير في عام 2019، برزت إسرائيل كلاعب مهم في المرحلة الانتقالية لدولة شمال إفريقيا.

ولإسرائيل مصلحة إستراتيجية في تطبيع العلاقات مع السودان، حيث إن ساحل البحر الأحمر السوداني ضروري من منظور أمني واقتصادي.

ويمثّل السودان قلب إفريقيا بامتدادات عميقة إلى القارة الأفريقية بفضل موقعه ومساحته الجغرافية الشاسعة وحدوده الشاسعة.

في الخمسينيات من القرن الماضي، احتل السودان موقعًا محوريًا في “عقيدة الأطراف” الإسرائيلية، والتي تم تطويرها كموازنة لمنطقة عربية كانت معادية إلى حد كبير لإسرائيل.

وتضمنت العقيدة تشكيل تحالفات وبناء علاقات مع الدول الإسلامية الأخرى. وكان الدعم الذي قدمته إسرائيل للحركات المتمردة في جنوب السودان قبل انفصالها خير مثال على ذلك.

اليوم، جعلت واشنطن الانفتاح والتطبيع مع إسرائيل معيارًا لقوة العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية، خاصة في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وقد دفعت هذه الأجندة، التي قدّمتها بعض دول المنطقة، الجهات السودانية للتحرك نحو بوابة التطبيع مع إسرائيل من أجل الحصول على الشرعية الدولية.

تجلى ذلك في عدد من التطورات الأخيرة، بما في ذلك زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للخرطوم في فبراير، حيث التقى بالزعيم العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان.

زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للخرطوم
لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي مع البرهان في الخرطوم

تنازلات حميدتي

ويبدو أن محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع، تمكّن من تقديم تنازلات أكبر، خاصة بعد توقيع صفقة 2019 مع شركة ضغط أسسها عميل سابق في المخابرات الإسرائيلية.

عقد حميدتي اجتماعات مع المخابرات الإسرائيلية، وفي مايو 2022، ورد أن وفدًا سريًا سلم تكنولوجيا مراقبة متقدمة إلى قائد الدعم السريع.

كما أعربت قوات الدعم السريع عن دعمها لعملية التطبيع وتوقيع اتفاقيات إبراهيم، في تحركات كان الهدف منها تأمين الدعم الأمريكي والدولي (رفع العقوبات)، رغم رفض الشعب السوداني لهذا النهج.

مصالح تجارية

تسعى إسرائيل إلى وضع نفسها بشكل إستراتيجي في السودان لتعزيز أمنها وتوسيع نفوذها الإقليمي، خاصة في إفريقيا. وتهدف إلى الاستفادة من طول ساحل البحر الأحمر لأغراض التجارة والدفاع والأمن، خاصة كحصن ضد إيران.

تريد إسرائيل كبح نفوذ إيران المتزايد في المنطقة، بينما توقف طرق تهريب البشر والأسلحة من السودان إلى غزة. كما أن تحسين العلاقات مع السودان من شأنه أن يعزز علاقات إسرائيل مع الدول الإفريقية الأخرى، ويساعدها على الوصول إلى الأسواق الإفريقية، خاصة بعد تعليق وضع إسرائيل كمراقب في الاتحاد الإفريقي.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد تبادل المعلومات الاستخباراتية حول تحركات مجموعات المقاومة الفلسطينية وغيرها في شمال إفريقيا، إسرائيل في سعيها لتقويض هذه المنظمات، وتخفيف التهديدات المتوقعة وتنفيذ ضربات استباقية.

تنظر إسرائيل أيضًا إلى التطبيع من منظور اقتصادي، وتسعى إلى فتح الباب أمام الاستثمارات في الزراعة والتعدين والأمن، مع تعزيز مصالحها السياسية والاقتصادية في إثيوبيا وعبر القرن الأفريقي. ستستفيد إسرائيل من بناء سد النهضة الإثيوبي، الذي كان نقطة خلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا.

من بين الأطراف المتحاربة في السودان، تتماشى قوات الدعم السريع بشكل وثيق مع مصالح إسرائيل الإستراتيجية وأهدافها.

فقد تعهدت قوات الدعم السريع بمحاربة من وصفتهم بـ”المتطرفين”، وأزالت مؤخرًا كلمة “القدس” من شعارها، من ناحية أخرى، يتمتع الإسلاميون بنفوذ كبير على الجيش السوداني، وهو ما يتعارض مع المصالح الإسرائيلية، كما أن النظام السوداني دعّم علانية حركات المقاومة الفلسطينية في الماضي.

في الوقت نفسه، أثبت انتشار قوات الدعم السريع في العمليات الإقليمية فعاليته، مثل دعمها لزعيم الحرب خليفة حفتر في ليبيا.

علاوة على ذلك، فإن انخراط قوات الدعم السريع في تعدين الذهب خارج سيطرة الدولة يجعل من السهل على القوى الدولية التلاعب بالمجموعة وتوجيهها لخدمة مصالحها وأهدافها.

زادت الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني إلى انتشار الفوضى في أنحاء السودان، مما جعل من الصعب تقدير طول الطريق نحو الاستقرار.

ومع نزوح مئات الآلاف من الأشخاص، هناك أيضًا خطر زيادة موجات هجرة اللاجئين مع استمرار الصراع.

لكن هذه الفوضى ستؤثر بشكل إيجابي على إسرائيل من خلال إضعاف مصر إستراتيجيًا وعسكريًا، والتي كان لها تأثير ضئيل على مسار الأحداث في السودان.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.