الرئيسية » تقارير » ماذا يحدث في إسرائيل وهل يسعى نتنياهو لجعل الكيان المحتل مملكة يهودية؟

ماذا يحدث في إسرائيل وهل يسعى نتنياهو لجعل الكيان المحتل مملكة يهودية؟

وطن- يتظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين في الشوارع في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ ثلاثة أشهر حتى اليوم، ضد الإصلاح القضائي الذي خطّطت له حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ويقول الائتلاف الحاكم، إنّ المقترحات ضرورية لكبح جماح القضاة الناشطين، في حين أنّ النقاد يعارضون التغييرات، ويؤكدون أنّ تلك الإصلاحات ستوجّه ضربة قاضية للديمقراطية الإسرائيلية، حسب ما ذكر تقرير لـ”وول ستريت جورنال“.

ماذا يحدث في إسرائيل؟

منذ بداية العام، نظّم أشخاص معارضون لخطط الحكومة الإصلاحية احتجاجات أسبوعية ضخمة. تصاعد حجم الاحتجاجات مؤخراً، حيث تجمّع مئات الآلاف في الشوارع في تل أبيب وغيرها من البلدات والمدن في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة التي يحكمها الاحتلال الإسرائيلي.

وطالب المتظاهرون بإلغاء الإصلاحات واستقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. حتى أنّ خصومه السياسيين قد قادوا الاحتجاجات، على الرغم من أنّ المعارضة الشرسة للإصلاحات تتعارض مع توجهاتهم السياسية.

الأهم من ذلك، أنّ عددًا متزايدًا من جنود الاحتياط العسكريين -العمود الفقري للقوات المسلحة الإسرائيلية- احتجّوا برفضهم الحضور لأداء الخدمة، مما أدى إلى تحذيرات من أن الأزمة تهدد أمن إسرائيل.

وتقول الحكومة، إنّ الناخبين انتخبوها بناءً على وعد بإصلاح القضاء، الذي تعتبره مؤسسة ذات توجّه يساري في أيدي نخبة غير منتخبة، وتقول إنّ محاولات منعها من جعل القضاء أكثر خضوعاً للمساءلة، أسلوب غير ديمقراطي.

دعوات اسرائيلية لمظاهرة مليونية بميدان التحرير الاسرائيلي فى تل ابيب
دعوات اسرائيلية لمظاهرة مليونية بميدان التحرير الاسرائيلي فى تل ابيب

ما الذي يغضب الناس بشدة؟

يقول معارضو نتنياهو، إنّ الإصلاحات ستقوّض بشدة ديمقراطية البلاد من خلال إضعاف النظام القضائي، الذي كان تاريخياً يقيّد استخدام الحكومة لسلطتها.

يكمن وراء ذلك معارضة قوية لنوع الحكومة الحالية -الأكثر يمينيةً في تاريخ إسرائيل- ولنتنياهو نفسه.

يقول النقاد إن الإصلاحات ستحمي نتنياهو، الذي يُحاكم حاليًا بتهمة الفساد -وهو ما ينفيه- وستساعد الحكومة على تمرير القوانين دون أي مسائلة.

ما الإصلاحات القانونية في قلب الأزمة؟

تتعلق الإصلاحات بسلطة الحكومة مقابل سلطة المحاكم في التدقيق في أنشطة الحكومة وحتى حلّها، إن توجّب الأمر.

وبموجب خطط الحكومة التي يقودها نتنياهو، ستضعف سلطة المحكمة العليا في مراجعة القوانين أو إلغائها، بأغلبية بسيطة في الكنيست (البرلمان) قادرة على نقض قرارات المحكمة.

سيكون للحكومة رأيٌ حاسم في مَن سيصبح قاضياً، بما في ذلك في المحكمة العليا، من خلال زيادة تمثيلها في اللجنة التي تعيّنهم.

لن يُطلب من الوزراء التقيّد بنصيحة مستشاريهم القانونيين -بتوجيهٍ من المدّعي العام- وهو ما يتعيّن عليهم فعله حاليًا بموجب القانون.

هل ستتراجع الحكومة؟

بعد أسابيع من تحدي المتظاهرين، قال نتنياهو، أمس الاثنين، إنه سيؤجّل جزءًا رئيسيًا من الإصلاحات التي اقترحها لمدة شهر على الأقل “لإتاحة الوقت لاتفاق واسع النطاق”. ورحّبت المعارضة بحذر بالخطوة، التي قالت إنها تنطوي على إمكانات.

وقال الجانبان، إنهما على استعداد للمُضيّ قدماً في الحوار، حيث أوضح نتنياهو أنّ الإصلاح لن يتمّ إلغاؤه؛ بل سيتم تمريره “بشكل أو بآخر”.

لكن بينما يواجه رئيس الوزراء ضغوطًا من المحتجين، فإنه يعتمد أيضًا على وزراء من اليمين المتطرف في حكومته، والذين بدون دعمهم يمكن أن تنهار حكومته. ويُصرّ هؤلاء الوزراء على ضرورة تمرير الإصلاحات وليس تخفيفها.

إسرائيل دون دستور منذ تأسيسها

دستور إسرائيل هو موضوع مثير للجدل في السياسة الإسرائيلية والقانون الدستوري. إسرائيل هي واحدة من الدول القليلة في العالم التي لا تمتلك دستوراً رسمياً مكتوباً في وثيقة واحدة. بدلاً من ذلك، تعتمد على مجموعة من القوانين الأساسية التي تنظّم المؤسسات الرئيسية للدولة وعلاقتها بمواطنيها.

هذه القوانين تحظى بمكانة خاصة في التشريعات الإسرائيلية، ولا يمكن تغييرها إلا بأغلبية مؤهلة من أعضاء الكنيست.

الفكرة الأصلية لإعداد دستور لإسرائيل ظهرت في إعلان تأسيسها عام 1948، على يد دافيد بن غوريون، والذي حدّد موعداً لتشكيل جمعية تأسيسية تتولى هذه المهمة.

ومع ذلك، تأجّل هذا المشروع بسبب خلافات سياسية ودينية حول طبيعة وهوية الدولة. وفي عام 1950، قررت الجمعية التأسيسية (التي أصبحت بعد ذلك الكنيست)، أن تصدر دستوراً فصلاً تلو الآخر على شكل قوانين أساسية، وفقاً لقرار هراري.

والأخير عبارة عن قرار صادر عن الكنيست الإسرائيلي في دورته الأولى في أيار 1950 بمبادرة عضو الكنيست يزهار هراري. ومما جاء في نص القرار: “يكلف الكنيست الأولى لجنة الدستور والقانون بإعداد مسودة ورقة دستور للدولة. وأن يكون الدستور مكوّناً من فصول بحيث يكون كل فصل قانوناً أساسياً بحدّ ذاته. وتطرح هذه الفصول على جدول أعمال الكنيست للمصادقة عليها. ومجمل الفصول المصادق عليها تصبح دستوراً للدولة”.

كان قرار هراري في ذلك الوقت توفيقياً بين المطالبين بوضع دستور لإسرائيل، وبين الأحزاب المعارضة وفي معظمها من الأحزاب الدينية.

لماذا لا يرغب الإسرائيليون في صياغة دستور؟

منذ قرار هراري، صدر 14 قانوناً أساسياً في إسرائيل، تغطي مجالات مثل حكم القانون، حرية التعبير، حقوق المواطنة، سلطات الحكومة، دور المحكمة العليا، والانتخابات.

بعض تلك القوانين تحتوي على فصول تحمل اسم “الفصول المؤقتة”، والتي تشير إلى أنها ستحلّ محلها في المستقبل بفصول نهائية. كما أنّ بعض هذه القوانين لا تزال ناقصة أو غير كاملة، مثل قانون إسرائيل: دولة قومية للشعب اليهودي، الذي أثار جدلاً واسعاً عند إصداره في عام 2018.

اليوم، الجهود المستمرة لإصدار دستور رسمي لإسرائيل تواجه مقاومة من بعض الأطراف السياسية والدينية، التي تخشى من أن يؤدي ذلك إلى تغيير في التوازن بين المبادئ الديمقراطية والقومية والدينية في الدولة.

ولعل أكبر مخاوف اليمين المتطرف في إسرائيل -بعد كتابة الدستور- هو طمس الأحلام التوسعية التي يطمح لها الإسرائيليون فيما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية وحتى المناطق المحكومة حالياً من قبل السلطة الفلسطينية.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.