الرئيسية » الهدهد » الأزهر يُفشل مخطط ابن زايد لابتداع دين جديد وبيان غاضب ضد “الديانة الإبراهيمية”

الأزهر يُفشل مخطط ابن زايد لابتداع دين جديد وبيان غاضب ضد “الديانة الإبراهيمية”

وطن– أصدر الأزهر الشريف اليوم، السبت 18 مارس 2023، بياناً شديدَ اللهجة عبّر فيه عن رفضه القاطع لدعاوى دمج الديانات الثلاثة، فيما يروّج له بعضهم تحت مسمى “الديانة الإبراهيمية”، ومؤكّداً في الوقت ذاته أنّ الرفض لا يتعارض مع التعاون في المشتركات بين الأديان.

الأزهر الشريف يهاجم “الديانة الإبراهيمية”

مجمّع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، نشر بيانه عبر حسابه الرسمي بمنصة فيسبوك، وقال فيه إنه يجب “على الداعين لهذا التوجّه أن يبحثوا عن طريق آخر يحققون به مصالحهم وينفذون به أجنداتهم”.

ويشار إلى أنّ افتتاح الإمارات “بيت العائلة الإبراهيمية”، منتصفَ الشهر الماضي، أثار جدلاً في العالم الافتراضي، إذ اعتبر بعضهم وبينهم رجال دين، أنّ المشروع يهدف إلى ابتداع دين جديد.

وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك حين قالوا إنه بذلك إشارة إلى “اقتراب يوم القيامة”، في حين يرى مؤيّدو هذا الصرح من وجهة نظرهم أنه منصة للتلاقي وردم الهوة ونشر السلام.

وبعد افتتاح الصرح في 16 فبراير الفائت، نشر مستخدمون على السوشيال ميديا، مقاطع قديمة وجديدة لرجال دين ومبشرين إسلاميين ومسيحيين، يعبّرون عن رفضهم للمشروع، معتبرينَ أنه “يوحّد الأديان تحت عباءة الديانة الإبراهيمية”.

الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، عبّرت عن رفضها القاطع تجاه ما يثار من دعاوى حول تكوين كيان عقدي يجمع الديانات السماوية الثلاثة في دينٍ واحد تحت مسمى (الديانة الإبراهيمية)، وما يرتبط بها من بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، بمقولة إنّ ذلك يعدّ مدخلاً سريعاً للتعاون الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات في العالم.

وتابع بيان “البحوث الإسلامية”، أنّه نظرًا لما تنطوي عليه تلك الدعاوى من خطر على الدين والدنيا معًا، فإن مجمع البحوث الإسلامية يودّ أن يوضح للعالم ما يلي:

  • إن اختلاف الناس في معتقداتهم وتوجهاتهم سُنّة كونية وفطرة طبيعية فطر الله الناس عليها، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: 118- 119]، وأنه لو شاء أن يخلقهم على شاكلة واحدة، أو لسان واحد أو عقيدة واحدة لخلقهم على هذا النحو، لكنّه أراد ذلك الاختلاف ليكون أساسًا لحريتهم في اختيار عقيدتهم، قال تعالى: ﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29].

وأضاف البيان أنّ حرية اختيار المعتقد، لا تمنع التواصل الإنساني مع أتباع الديانات الأخرى والتعاون معهم على البر والتقوى وليس على الإثم والعدوان، لأنهم أهل كتب سماوية، والتعامل معهم على أساس العدل والاحترام المتبادل مما يدعو إليه الإسلام.

وشدّد البيان كذلك على أنه “لا يجوز الخلط بين احترام عقائد الآخرين والإيمان بها، لأن ذلك الخلط سيؤدي إلى إفساد الأديان والتعدي على أثمن قيمة كفلها الله للإنسان، وهي حرية المعتقد، والتكامل الإنساني فيما بين البشر، ولهذا قال سبحانه: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: 256]، وقال سبحانه: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾[المائدة: 48].”

وتابع أنّ الدعوة التي تطارد مسامع الناس اليوم بما يقال عن وحدة الأديان أو ما يسمى (الدين الإبراهيمي)، قد سبق أن أثيرت من قبل، وحسم الأزهر الشريف أمرها وبيَّن خطورتها.

موضحاً أنها لا تتفق مع أصول أيّ دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه، ولا مع طبيعة الخلق وفطرتهم التي تقوم على الاختلاف في اللون والعرق وحرية العقيدة، كما أنّها تُخالف صحيح ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وما اتفق عليه إجماع علماء كل دين من الأديان وكل ملة من الملل.

وأكد البيان أن الأزهر الشريف يرفض رفضًا قاطعًا مثل هذه الدعاوى، كما يؤكد أن هذا الرفض لا يتعارض مع التعاون في المشتركات بين الأديان لتقديم العون والمساعدة للناس وتخفيف آلامهم وأحزانهم.

واستطرد أنه “على هؤلاء الداعين لمثل هذا التوجه أن يبحثوا عن طريق آخر يحققون به مصالحهم وينفذون به أجنداتهم بعيدًا عن قدسية أديان السماء وحرية الاختيار المرتبطة بها، وأن يتركوا الدين لله ويذهبوا بأغراضهم حيث يريدون، فإن الله لم ينزل دينه ليكون مطية لتحقيق المآرب السياسية، أو أداة للانحرافات السلوكية والأخلاقية”.

وأشار إلى أن الأزهر الشريف ليؤكد على أن انفتاحه على المؤسسات الدينية داخل مصر وخارجها، إنما هو انفتاح غايته البحث عن المشتركات الإنسانية بين الأديان السماوية والتعلق بها لانتشال الإنسانية من أزماتها المعاصرة، ونزاعاتها المتناحرة حتى تستطيع مواجهة ما حاق بها من ظلم الغادرين وبغي الأقوياء، وغطرسة المتسلطين على المستضعفين، وحتى لا تقعد بها الصراعات العقدية والنزاعات الدينية عن الوصول لتحقيق غايتها الإنسانية النبيلة.

بيت العائلة الإبراهيمية

جدير بالذكر، أنّ “بيت العائلة الإبراهيمية” في الإمارات والذي تمّ تأسيسه بأمر مباشر من محمد بن زايد، يحتوي على كنيسة ومسجد وكنيس جنباً إلى جنب.

وكان الرئيس الإمارتي ابن زايد كتب عبر تويتر وقتَها، أنّ بيت العائلة الإبراهيمية صرّح للحوار الحضاري البناء ومنصة للتلاقي من أجل السلام والأخوة الإنسانية. وشدد على أن بناء جسور التواصل والتعايش والتعاون بين الجميع نهج ثابت في مسيرة الإمارات.

وفي حين يرى معارضون للمشروع أنّ هذا التوحيد لا يجوز، وأنه من علامات نهاية الأزمنة والعالم، اعتبر آخرون جميع الأديان السماوية الإبراهيمية تصلي للإله نفسه بطرق مختلفة، ولها تفسيرها اللاهوتي الخاص للرب الإله.

وعلى الصعيد السياسي، اعتبر خبراء أن البيت الإبراهيمي مترابط مع القوة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية التي أسستها الإمارات، والتي ترغب من خلالها بصنع سلام حقيقي بين جميع شعوب المنطقة تحت مظلة هذا البيت.

ولم يرَ الخبراء بهذا البيت نموذجاً جديداً مستحدثاً، إذ إنه في مدن عربية عدة، وخصوصاً في لبنان، تتعانق في شوارع بيروت وصيدا وطرابلس وغيرها، مآذن المساجد مع أجراس الكنائس وبجوارها الكنيس اليهودي. لكن ما يميز البيت الإبراهيمي في الإمارات هذه المرة أنه جاء بعد توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، والتأثير الكبير الذي باتت تتمتع به الإمارات على صعيد دول المنطقة.

وثيقة الأخوة الإنسانية

وخلال العام 2019، زار بابا الفاتيكان فرانسيس الإمارات، في أول رحلة بابوية إلى شبه الجزيرة العربية، حيث استضافت صلاة مسيحية ترأسها البابا، ضمت عشرات آلاف المصلين المسيحيين.

ووقّعت وثيقة الأخوة الإنسانية بين البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب، ليأتي في أعقاب الزيارة وتوقيع الوثيقة، الإعلان عن بناء بيت العائلة الإبراهيمية، مما مهّد الطريق لوجود قوي للجالية اليهودية في الإمارات.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.