الرئيسية » تقارير » دبلوماسي أردني يكشف كيف خان عبدالله الثاني وصية والده وأزاح الأمير حمزة؟

دبلوماسي أردني يكشف كيف خان عبدالله الثاني وصية والده وأزاح الأمير حمزة؟

وطن- نشر موقع “ذا كاردل” تقريراً هاماً تحدث فيه عما وصفه بـ”الصراع على السلطة” في الأردن، زاعماً أن النظام الملكي الأردني سيواجه مستقبلاً مجهولاً، بسبب النزاعات الداخلية التي سيخلّفها الملك المستقبلي الأمير الحسين، وسط الاحتجاجات العامة ضد الفساد.

وقال الموقع في تقريره، إن الاحتجاجات الأخيرة في الأردن سلّطت الضوء على حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد، والتي يغذيها جزئيًا ارتفاع الأسعار وتدهور الظروف المعيشية. وقد ساهم أيضًا في حدوث هذا الاضطراب غياب دور مهم للأردن في جواره -واعتماده المطلق على المساعدات الخارجية- الذي كان يومًا وسيطًا إقليميًا حيويًا.

وأشار التقرير إلى أن هذه الاضطرابات العامة تخفي أيضًا صراعًا مستمرًا على السلطة والثروة داخل العائلة المالكة الهاشمية، مدّعياً أن هذه المنافسة لا تقتصر على الملك عبد الله الثاني وأخيه غير الشقيق ولي العهد السابق الأمير حمزة بن حسين؛ بل تشمل أيضًا الملكة رانيا والدة ولي العهد الحالي الأمير حسين بن عبد الله والملكة السابقة نور الحسين والدة الأمير حمزة.

خان عبدالله الثاني وصية والده وأزاح الأمير حمزة
خان عبدالله الثاني وصية والده وأزاح الأمير حمزة

الانقلاب الفاشل

واستذكر التقرير، أنه في 3 أبريل 2021، أصدرت السلطات الأردنية إعلانًا مذهلاً بأنها أحبطت محاولة انقلابية، واتهمت الأمير حمزة بالتآمر ضد المملكة، إلى جانب مجموعة من الشخصيات رفيعة المستوى. وكان من بين المتورطين باسم عوض الله، الرئيس السابق للديوان الملكي ووزير المالية، والذي كان حتى اعتقاله من المقربين من الملك عبد الله الثاني، وأحد أبرز المستشارين الماليين لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

واستعرض التقرير أنه حُكم على عوض الله -الذي أفادت التقارير بأنه أضرب عن الطعام هذا الأسبوع- وحسن بن زيد، المبعوث الخاص للملك إلى المملكة العربية السعودية، بالسَّجن 15 عامًا بعد اتهامهما بـ”التحريض على النظام الحاكم” و”الفتنة”.

ولفت التقرير أيضاً، إلى أنه بينما أقرت لائحة الاتهام بالتورط المباشر للأمير حمزة في المؤامرة، لم يكن هو نفسه قيد المحاكمة. وبدلاً من ذلك، اختار الملك عبد الله التعامل مع الأمر داخل حدود العائلة المالكة، ووضع أخيه غير الشقيق قيد الإقامة الجبرية والحد من تحركاته واتصالاته.

وأكد التقرير على أن الخلاف بين الأخوين غير الشقيقين ليس جديداً، وله جذوره في تعيين عبد الله الثاني ولياً للعهد من قبل والدهما الملك حسين، الذي خلع شقيقه حسن بن طلال وهو على فراش الموت، حيث ينص دستور البلاد لعام 1951 على أن أبناء الملك يجب أن يكونوا الملك وولي العهد، وكان يتوقع أن يعيّن الملك عبد الله أخاه الأمير حمزة خلفًا له.

بعد اعتذاره وندمه في قضية الفتنة.. ما رسائل تنازل الأمير حمزة عن لقبه؟
بعد اعتذاره وندمه في قضية الفتنة.. ما رسائل تنازل الأمير حمزة عن لقبه؟

حمزة الوريث الحقيقي

وفي هذا السياق، كشف دبلوماسي أردني سابق تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لـ”ذا كاردل”، أن “الملك عبد الله تعهد لوالده الراحل في عام 1998 ليس فقط بتعيين حمزة ولياً للعهد، ولكن أيضًا بتسليم السلطة إليه بعد خمس سنوات، وهو ما لم يلتزم به عبد الله. وبدلاً من ذلك، أعفى حمزة من مهامه في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، وانتقل تسلسل الخلافة تلقائيًا إلى نجل عبد الله الأكبر، الأمير حسين. في يوليو 2009، وأكد عبد الله هذا التغيير من خلال تسمية الحسين رسميًا وليًا للعهد”.

ووفقًا للدبلوماسي، كان الملك حسين يهيئ الأمير حمزة للخلافة بينما لم يكن عبد الله في موقع القوة بعد، وكان يواجه صعوبة في التحدث باللغة العربية، وكان الملك الراحل قد عيّن سميح البطيخي، مستشاره للأمن القومي، للإشراف على نقل السلطة، لكن عبد الله أطاح به من السلطة وسجنه بتهم فساد في عام 2003.

من جانبه، أشار صحفي مخضرم مقيم في عمان إلى أن الملك عبد الله ببساطة لم يكن على استعداد لتسليم الملكية إلى حمزة بعد خمس سنوات من وفاة والدهم، قائلاً: “ربما كان الملك حسين يفضل أن يخلف حمزة ، لكن عبد الله لم يكن على وشك التخلي عن السلطة في لحظة حساسة بالنسبة للأردن والمنطقة ، بعد احتلال العراق وموت ياسر عرفات ، ناهيك عن أنه كان يستقبل الدعم الأمريكي”.

عمليات التنازل والسلب

قال التقرير إن في صراعه مع الأمير حمزة لجأ الملك عبد الله إلى اتهامه بالجنون و”التآمر مع جهة خارجية” دون تفصيل، حيث انتشرت شائعات في البلاد حول دعم محمد بن سلمان المزعوم لانقلاب حمزة الفاشل، لكن هذه المزاعم تفتقر إلى الأدلة وقوبلت بإعلان السعودية دعم الملك عبد الله.

ولفت التقرير إلى أن للأسرة الهاشمية تاريخاً حافلاً بالمؤامرات والخداع والصراعات والتدخلات الخارجية في أثناء انتقال العرش من عبد الله الأول إلى الحسين ثم إلى عبد الله الثاني، حيث واجه الأمير طلال بن عبد الله الأول والد الحسين نفس تهمة الجنون وأطيح به عام 1952 بدعم من البريطانيين.

ونوّه التقرير بأن الرجل القوي في النظام في ذلك الوقت، الشريف ناصر بن جميل (شقيق الملكة زين، والدة الحسين) لعب دورًا رئيسيًا في صعود الملك حسين إلى العرش. وفي وقت لاحق، سعى الملك حسين لإقالة شقيقه ولي العهد الأمير الحسن لصالح نجله عبد الله، مستخدماً الحق الدستوري لابنه ليخلّف الملك، لكن حسن انسحب بأمان وقدم استقالته.

شعبية الأمير حمزة تقلق الملك

ووفقاً للتقرير، فإنه على الرغم من أن الأمير حمزة نأى بنفسه عن الأنظار وتنازل عن لقب الأمير في ربيع عام 2022، فإن الملك عبد الله الثاني لا يزال قلقًا بشأن نفوذ أخيه القوي بين مختلِف العشائر الأردنية، مثل: الحويطات، وبني صخر، وبني حسن، وآخرون.

الفساد المستشري

أكد التقرير على أن ولي العهد السابق يتمتع بسمعة طيبة بين هذه الجماعات، غير ملوث بالفساد، بينما تلطخ صورة الملك بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والفضائح المالية التي أحاطت بثروته الشخصية، التي تقدر بأكثر من 500 مليون دولار كما كشفتها “أوراق باندورا”.

وفي هذا السياق، قال المصدر الدبلوماسي السابق: “لطالما كان الفساد موجوداً في الأردن. في عهد الملك حسين، تم خصم العمولات من الصفقات الأجنبية. واليوم تنتشر أخبار عن ودائع ضخمة يملكها الملك في الخارج، وحاول نقل ملكية أراضي الدولة إلى حسابه الشخصي”.

من جانبه، سلّط الصحفي المخضرم (المجهول) في عمان الضوء على فضيحة طائرات التورنيدو البريطانية، حيث زُعم أن ثمن الطائرات وعمولة الملك حسين قد تم دفعها من أموال ممالك الخليج العربي. لكن الصفقة توقفت بعد انكشاف الفضيحة. وأشار إلى أنه “اليوم في ظل غياب المال الخليجي والدعم الخارجي، فإن أي تبديد أو فساد سيكون على حساب الخزينة الأردنية”.

وفق التقرير، ما قالته صحيفة “الأوبزرفر” في 19 مارس 1989، إن حصة الملك والوسطاء في صفقة 800 مليون جنيه إسترليني للأردن للحصول على ثمانية مقاتلات تورنادو كانت تصل إلى 30 بالمائة.

التنافس بين ملكتين

ويعتقد الصحفي أن السبب الرئيسي للصراع بين الملك عبد الله الثاني والملكة السابقة نور -والدة حمزة- هو سيطرتها على ممتلكات الملك حسين خارج الأردن: “نحن نتحدث هنا عن 1.4 مليار دولار من الأموال والممتلكات في جميع أنحاء العالم التي يسيطر عليها الملكة نور”.

وقال إنه يدور صراع موازٍ على السلطة بين الملكة رانيا والملكة السابقة نور جنباً إلى جنب مع المعركة على الملكية: كلاهما يتنافس لتأمين خلافة أبنائه على العرش الأردني.

وأوضح أن الملكة رانيا تستفيد من موقعها كملكة حالية لتمهيد الطريق لابنها الحسين لتولي السلطة، بينما تسعى نور لاستغلال علاقاتها بالحزب الديمقراطي الأمريكي كقوة موازنة لعلاقة الملك عبد الله الوثيقة مع البنتاغون.

واعتبر التقرير أنه سيكون لانضمام الأمير حسين أو الأمير حمزة إلى العرش آثار بعيدة المدى على هيكل الحكم الملكي في الأردن؛ حيث إنه بما أن الملكة رانيا من أصل فلسطيني، فإن بعض سكان شرق الأردن يخشون أنه إذا تولى الحسين بن عبد الله العرش، فقد يؤدي ذلك إلى نهاية الحكم الهاشمي لصالح الفلسطينيين، وتحقيق مشروع “الوطن الفلسطيني البديل” -وهي فكرة أن لطالما استخدمت من قبل الأسرة الهاشمية للحفاظ على ولاء العشائر الأردنية.

ولفت التقرير إلى أن فك الارتباط عام 1987 بين الأردن والضفة الغربية يفتقر إلى الصلاحية القانونية لأن الدستور الأردني لا يزال يعترف بالضفة الغربية كجزء من الأراضي الأردنية، موضحاً أنه في مقال نشر في يونيو 2022 على قناة العربية، اقترح الصحفي السعودي علي الشهابي ضمّ الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأردن وإنشاء مملكة للفلسطينيين والأردنيين.

واعتبر التقرير أن المقال الذي لاقى انتقادات شديدة على الإنترنت، يعتبر مؤشراً مهماً لمستقبل الأردن المحتمل وسط جهود دولية وإقليمية مستمرة لإيجاد “حل” مستساغ للصراع الفلسطيني وتحقيق التطبيع الكامل مع إسرائيل، على حساب الفلسطينيين والأردنيين.

مستقبل النظام الملكي في الأردن

في هذا السياق، أكد الموقع على أنه بالرغم من كل ما سبق، يبقى السؤال عما إذا كان الأمير حمزة كان يستعد بالفعل للقيام بانقلاب ملكي. كما يقول الدبلوماسي الأردني لـ”ذا كاردل”.

وقال الدبلوماسي: “لا يوجد دليل قوي على أن حمزة كان يستعد لانقلاب ناجح. على الأرجح، أراد أن يهز الأرض تحت أقدام عبد الله، حتى يقتنع الأمريكيون بأن الملك لا يستطيع تحقيق الاستقرار في الأردن، وسيبدأون في البحث عن بدائل تضمن استمرار النظام في لعب الأدوار المطلوبة منه”.

وأوضح أنه بغض النظر عن نوايا الأمير حمزة، فإن التحدي الذي يواجه الملك عبد الله كبير. الدعم الشعبي القوي لحمزه وطموحه للحكم، فضلاً عن احتمال سعي الملكة رانيا إلى اعتلاء العرش مبكرًا من أجل ابنهما الحسين، زاد من ضغوطه. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن يؤدي استيعاب الفلسطينيين في الدولة الأردنية كـ”وطن بديل” إلى زوال الحكم الهاشمي.

واعتبر التقرير أنه على الرغم من الإنجازات الأخيرة التي حققها الملك عبد الله، مثل الموافقة على زيادة المساعدات العسكرية الأمريكية للأردن وصفقة الطائرات المقاتلة F-16 Block 70، إلا أن الفساد لا يزال سببًا جذريًا لخطر البلاد على المدى المتوسط والطويل.

واختتم الموقع تقريره بالقول، إنه لا تزال الحكومة الأردنية تموّل الفساد الضروري لإرضاء دوائر صنع القرار، وتواجه ديونًا تقدر بنحو 41 مليار دولار. كما أنها لم تتعلم من أخطاء مشروع العاصمة الإدارية المصرية الفاشلة، حيث أعلنت مؤخرًا عن مشروع العاصمة الجديدة للأردن بتكلفة 11.5 مليار دولار. هذا لا يؤدي إلا إلى زيادة الفساد والغضب الشعبي، مما يعزز حجج معارضي الملك.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.