الرئيسية » تقارير » “وديتوا الشعب فين؟”..القبضة الأمنية حالت بين السيسي وغضب المصريين

“وديتوا الشعب فين؟”..القبضة الأمنية حالت بين السيسي وغضب المصريين

وطن- جدل واسع شهدته مواقع التواصل في مصر والوطن العربي، عقب مرور يوم أمس، الجمعة 11 نوفمبر، دون ظهور أي مظاهر احتجاجية في أنحاء (المحروسة)، بعدما عجّت صفحات السوشيال ميديا خلال الأيام الماضية بالحديث عن ثورة محتملة ضد نظام السيسي، والدعوة لها وسط زخم إعلامي كبير.

القبضة الأمنية درع السيسي ضد الشعب

وبينما كان أمسِ مُحبطاً للبعض الذين كانوا يُمنون أنفسهم بثورة غاضبة على غرار ثورة يناير 2011، جرّاء الزخم الإعلامي الكبير الذي حظيت به هذه الدعوات، كان هناك على الجانب الآخر كثيرون متوقعون لما حدث تماماً، من خبرات السنوات السابقة في التظاهر ضد النظام القمعي في مصر.

هؤلاء وبحسب منشورات لهم على مواقع التواصل، كانوا على علم بأنّ “القبضة الأمنية” المشددة ستكون هي “الحائل الوحيد” بين السيسي وبين غضب المصريين الذي بلغ ذروته، جرّاء تدهور الوضع الاقتصادي، ووصول الحال بالطبقات المتوسطة والفقيرة إلى مستوًى معيشي كارثي بمعنى الكلمة.

مظاهرات 11/11.. هل تحولت مصر إلى إمارة سعو-إماراتية؟

وأظهرت صور متداوَلة من شوارع وميادين مصر أمس -روّج لها الإعلام المحسوب على النظام- خلوّ هذه الأماكن تماماً من أي تواجد بشري وأي مظاهر حياتية.

وبينما صدَّر النظام هذه الصور على أنها دليل انتصار له، وإعلان مقدم بفشل دعوات التظاهر، فقد جاءت محرجة له بشكل كبير في الوقت ذاته.

حيث أثبتت هذه الصور رعبَ النظام وتخوّفَه واحترازه الشديد من أي “شرارة احتجاجية”، وحرصه على وأد أيّ تحركات في مهدها، عبر سياسات الترهيب والتخويف والقبضة الأمنية المشددة، خوفاً من “انفجار شعبي” بات السيسي نفسه يتوقعه في أيّ لحظة، وسبق أنّ حذّرَ المصريين من التظاهر في خطابه قبل أسابيع بالمؤتمر الاقتصادي، متعلّلاً بأنّ ذلك سيؤدي لـ”خراب مصر.. والغلابة هم من سيدفعون الثمن”، حسب وصفه.

الكاتبة المصرية المعارضة “شيرين عرفة”، تطرّقت لهذا الأمر، وتساءلت: “حدثت دعوات للتظاهر ضد نظام السيسي يوم 11/11 ولم ينزل المصريون! فهل نعتبر هذا فشل أم نجاح؟”

وتابعت موضحة في سلسلة تغريدات لها بتويتر، رصدتها (وطن): “الحقيقة أن الأمور لا تقاس هكذا، وأمام حضرتك صورتان؛ تلخصان الوضع وتشرح الأحداث:الأولى:عدد ضخم من آليات للجيش والشرطة سيطرت على شوارع المنصورة مساء10/11 عقب دقائق من دعوات النزول.. والثانية: ميدان التحرير ناحية كوبري قصر النيل وقت الظهيرة 11/11”.

ولفتت إلى استنفار النظام باعتقال أسرة اليوتيوبر المصري “عبدالله الشريف”، بعد دعوته لهذه التظاهرات: “في البداية يوتيوبر تم اعتقال أفراد عائلته جميعا، من قِبَل نظام قمعي، يشتغل بقواعد المافيا، فدعا الناس في بلاده من خلال فيديو، للنزول واسقاط النظام المجرم وتخليص المظلومين.
أمر منطقي ودعوة نبيلة لا يُلام عليها”.

غياب الفصيل القادر على التنظيم والحشد

وتابعت: “واستجابة الشعب الأولية لدعوته من خلال ملايين المشاهدات، ثم استجابة الدولة الفورية ونزول جحافلها الأمنية (جيش وشرطة) بهذه القوة والحشد الرهيب، وايقاف مظاهر الحياة الطبيعية للمصريين، من خلال فرض حظر تجوال غير مُعلن، يعني أن الدعوة لم تفشل، هي فقط لم تتمكن من تحقيق اهدافها”.

وأرجعت الكاتبة المصرية ذلك لعدة أسباب، قالت، إن أهمها “القبضة الأمنية المفزعة”، وسيطرة النظام الحديدية على كافة المؤسسات، مستذكرة كلمة السيسي للمذيع المقرب منه “يوسف الحسيني”، خلال مداخلته الشهيرة، عندما قال له: (هما ناسيين أني كنت رئيس المخابرات الحربية ومسئول عن الاجهزة الامنية والتاريخ كله عندي يا يوسف).

موضحة، أن السيسي خلال هذه المداخلة أصدر تهديداً مبطّناً، بما يملكه من تسجيلات على الجميع: قادة، وسياسيين.

وأضافت: “وبالرغم من دناءة التهديد وانحطاطه، وكونه لا يليق أبدا بحاكم،
لكنها توضح لك مدى سيطرة السيسي على قيادات أجهزة الدولة”.

ومن خلال الأحداث السابقة، يمكننا بحسب الكاتبة رؤية عدة نقاط بوضوح:

أولاً- نظام السيسي يعلم يقيناً بوجود سخط شعبي غير مسبوق تجاه حكمه، وتُرعبه أيّ دعوة مهما صغرت للنزول.

ثانياً- القبضة الأمنية في مصر مخيفة، وتكشف حجم سيطرة هذا النظام على أجهزته، سواء بالترغيب: من خلال العطايا اللامحدودة والزيادات الفلكية للرواتب وإطلاق يدهم في البطش والفساد. أو بالترهيب: من خلال الانتقام منهم، سواء بالاعتقال أو الفصل أو الفضح، طبعاً مع اقتناعهم بالتورّط في جرائم كبرى ارتكبها السيسي (كالخيانة وبيع الأرض وتضييع المقدرات)، مما يجعل مصيرهم مرتبطاً بمصيره.

ثالثاً- دعوات النزول للتظاهر بدون فصيل منظم يحرّك الجماهير وقيادات للحراك، (كما حدث في يناير 2011، حين تولّت جماعة الإخوان هذا الدور)، هو أمر محفوف بالفشل وصعب الحدوث.

رابعاً- السيسي اعترف مؤخراً -ولأول مرة- بفشل مشاريعه وسياساته، وقال صراحة في المؤتمر الاقتصادي: (حد يقول لنا نعمل ايه ومستعدين نسمعه له ، ييجي يقدم لنا حلول)، وهو -بحسب شيرين عرفة- اعتراف بالعجز التام.

كما أنه اعترف بيأس الدول الخليجية (الداعم الاقتصادي لانقلابه) وتخليها عنه، وقالَها صراحةً: (حتى الأشقاء والأصدقاء أصبح لديهم قناعة، بأن الدولة المصرية غير قادرة على الوقوف مرة أخرى)، وهو اعتراف بالفشل والتخبط مع العجز التام.

سقوط السيسي مسألة وقت.. توافرت كل أسباب الانفجار ولكن

وأكملت، أنه إذا كانت هذه، هي قناعة السيسي نفسه، فالأمر إذن لا يحتاج لمحللين أو خبراء، يؤكدون لنا أنّ سقوطه مجرد “مسألة وقت”، وأن ما يقيم نظامه هو القبضة الأمنية المرعبة وخوف الناس، وهي أمور لا يمكن لها أنْ تبقى على الدوام، تقول الكاتبة.

من جانبه، رفض السياسي والحقوقي المصري البارز “أسامة رشدي”، لومَ الشعب، مؤكّداً أنّ المصريين لم يتخلّفوا يوماً عن القيام بواجباتهم العامة عندما تُهيّأُ لهم السبل، ويثقون في فاعلية خطواتهم، ويثقون في وجود قيادة يطمئنون لها ولتوجهاتها.

وأوضح في تغريدات له بتويتر عبر حسابه الرسمي، أنه في حالتنا (يقصد جمعة 11ـ11)، توافرت كلّ أسباب الانفجار والغضب الشعبي، ولكن غابت القيادة وعدمت الخطة، حسب وصفه.

وتابع موضحاً: “صحيح أن قيادات المعارضة والمؤثرين في توجيه الرأي العام عانوا وعائلاتهم من أحقر وأسوأ موجة قمع في تاريخ مصر.. وتعرضت الجماعات والاحزاب والكيانات السياسية لأشد صنوف التنكيل على أيدي العصابة التي تخطف مصر منذ انقلاب يوليو 2013. ولكن يجب ان اسجل للسيسي ابرز نجاحاته على الاطلاق وهو زرع الفتنة والانقسام والتشرذم بين المصريين”.

وهو الأمر الذي لا يزال يعمل -بحسب رشدي- رغم أنّ الجميع علم الآن أنّ ما حدث من فتنة بعد الثورة، كان من تدبير الثورة المضادة، التي لعبت بالجميع واستخدمت مَن استخدمت منهم، لوأد الثورة ومنعها من تحقيق أهدافها، ومن ثم تسليم السلطة لأعدائها مرة أخرى، ليبدأ “سفر جديد من المعاناة من الفاشية البوليسية الغير مسبوقة”.

وأكد السياسي المصري، أن السيسي تمكّن من السيطرة على المال العام، ووضعه في صناديق خاصة، بعيداً عن رقابة أحد ليوظّفه في عملياته القذرة

لتكريس الفتن والتجسس على الجميع، وتعزيز سلطته بالتزوير وتفريغ مؤسسات الدولة من الكفاءات، وجمع الأصفار حوله ليُنفّذوا كلّ مؤامراته ومشاريعه الفاشلة، التي لم تعد على مصر إلا بالخراب والانهيار.

وعن الحلّ الذي يراه، يقول “رشدي”: “ما لم تراجع المعارضة في مصر (كيانات وشخصيات تصدروا للقيادة) أنفسهم ويبنوا مظلة وطنية جامعة ويحدثون الشعب بلسان واحد يطمئنهم على المستقبل ويقنعون القوى الدولية ذات التأثير بتوافر البديل.. فالنتيجة هي ما ترون الآن العالم ليس جمعية خيرية.

ولا تقودهم الأم تريزا.. كلهم يبحثون عن مصالحهم في إضعاف مصر وتركيعها وهذا ما يحققه لهم السيسي”.

واستطرد: “لا تلوموا الناس .. بل لوموا القيادات التي تسيئ التقدير وتعمل بشكل فردي واحيانا متعارض وتستعلي على العمل الجماعي المؤسسي ولا تزال تستدعي حالة الانقسام والتشرذم وتعيش فيها.. وبعضهم يعتقد انه سيقوم بثورة بمعزل عن هذا التيار اوذاك استنادا لآراء وتقييمات ساذجة وتكريسا للانقسام الذي زرعه السيسي”.

وأوضح، أنه “إذا حدث التوافق بين مختلف القوى الوطنية الراغبة في التغيير، فوقتها سيثق الشعب في وجود رجال دولة يطمئن لقيادتهم، وقد استوعبوا دروس الماضي، وأعدوا أنفسهم للمستقبل”.

دعوات 11\11 وأسباب الفشل

وشهدت مصر أمس، الجمعة، استنفاراً أمنياً لم يحدث منذ سنوات، وتم غلق جميع الشوارع والميادين العامة، ونشر لجان تفتيش عشوائية، لوأد أيّ تجمع قبل بدايته، خوفاً من انطلاق شرارة احتجاج قد يحدث بعدها مالا يُحمد عقباه للنظام.

وكانت السفارة الأمريكية في القاهرة، قد حذّرت مواطنيها في مصر، من احتجاجات محتمَلة أمس “11\11″، ودعتهم لتجنب أماكن التظاهرات.

الدعوات الكبيرة ذات الزخم على مواقع التواصل، لم تتحقق على الأرض أمس، لعدة أسباب أهمها: القبضة الأمنية الشديدة وترهيب المواطنين، فضلاً عن كونها دعوات عشوائية يغيب عنها وجود فصيل قيادي لديه قدرة على الحشد والتنظيم.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.