الرئيسية » الهدهد » ذعر في لبنان.. “غيمة سوداء” ومواد غريبة تتساقط من السماء

ذعر في لبنان.. “غيمة سوداء” ومواد غريبة تتساقط من السماء

وطن- أكدت دراسة صادرة عن جمعية “غريب غلوب” عام 2019، أن منطقة “ذوق مصبح” من بين أكثر المناطق تلوّثاً في لبنان لأسباب عدة؛ أبرزها المعمل الحراري لتوليد الكهرباء.

حيث تسجل ارتفاعات ملحوظة في أعداد المصابين بالأمراض السرطانية إلى جانب شكا، بر الياس، القرعون، بيروت، الجية، طرابلس، الشويفات، برج حمود وانطلياس، ومعظمها مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة، تعاني بسبب مصادر تلوث عالية الخطورة.

بين المدن الأكثر تلوثًا في العالم

وأظهرت نتائج تحليل أجرته منظمة “غرين بيس”، عام 2018 لبيانات صادرة عن الأقمار الصناعية، أن مدينة جونية (التي يقع معمل الذوق عند مدخلها) بين المدن الأكثر تلوثًا في العالم، حيث احتلت حينها المرتبة الخامسة عربياً، الـ23 عالمياً، من حيث نسبة الغاز الملوث ثاني أكسيد النيتروجين في الهواء NO2، لتسبق بذلك مدناً كبرى، مثل: القاهرة ونيودلهي.

بقع سوداء كالطلاء

وكان عدد من أبناء “ذوق مصبح”، قد اشتكوا من مواد كيميائية تتساقط عليه من السماء كأنها “فوشار أسود”، تترك على السيارات والشرفات بقعاً سوداء كالطلاء وتلتصق بشدة، وتتسبب باهتراء الملابس وتترك فيها ثقوباً بعد أن تغير لونها، وكأنها تحرقها حرقاً.

وبحسب تقرير لموقع “الحرة” الأمريكي، فقد استدعت الواقعة استنفاراً بيئياً عاماً لمعظم الخبراء والمختصين، بمن فيهم وزارة البيئة اللبنانية، والمدعي العام البيئي في منطقة كسروان، بسبب المخاطر الصحية والبيئية الناجمة عن هذا الدخان.

تطمينات غير واقعية

وجاءت تطمينات غير واقعية صادرة عن وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، من خارج السياق العام، تزعم أن الدخان الأسود “قد يكون مزعجاً، لكنه غير مؤذ صحياً”.

مما أثار صدمة لدى الخبراء وفي الأوساط العلمية، وسلّط الضوء على حجم الاستخفاف بالرأي العام، واستسهال خداعه عبر تقديم معلومات مغلوطة، وتطمينات غير مبنية على أي حقائق علمية، تتعلق بصحة المواطن وسلامته وبيئته، حسب ناشطين.

دخان قاتل

وزارت النائبة في البرلمان اللبناني نجاة صليبا، وهي أستاذة متخصصة في كيمياء الغلاف الجوي، معمل الذوق الحراري، على خلفية تصاعد الدخان الأسود، للبحث في أسبابه.

ونشرت تغريدة على حسابها الخاص في ” تويتر”، تقول فيها: “قمت بزيارة معمل الذوق للاستطلاع على سبب الدخان الكثيف الذي شهدناه الثلاثاء الماضي.. وكان الجواب ان وزارة الطاقة ورئيس مجلس الوزراء اخذوا قرار بتشغيل المعمل بالرغم من التحذيرات التقنية. الدخان الذي شهدناه يتصاعد من الدواخين هو قاتل”.

لبنان يعلن رفع الدعم بشكل كامل عن المحروقات وتسعيرها بالدولار

إجبار على التشغيل رغم التلوث

وفي تعليقها لموقع “الحرة” على تصريحات وزير الطاقة، تقول “صلبيا”: إن “هذا الكلام غير صحيح إطلاقاً، ووفق ما عاينته شخصياً واستمعت إليه حين قمت بجولة على المعمل، حيث أن المهندسين كانوا قد أبلغوا المعنيين بعدم القدرة على تشغيل المعمل”.

وتابعت موضحة: “وذلك لكونه سيخرج هذا الدخان الأسود الذي رأيناه جميعاً، لكنهم أجبروهم على التشغيل، وتحديداً رئيس الحكومة ووزير الطاقة، وذلك من أجل توفير ساعة تغذية كهربائية كانت مطلوبة للمطار والمرافق الحيوية”.

غيمة سوداء

وتساءلت النائبة اللبنانية للمصدر ذاته: غيمة سوداء بهذا السماكة، فيها كبريت ويترسب فوق بيوت الناس، كيف يجرؤون على القول إنها غير مؤذية؟

وتابعت: “ليس معقولا ألا تكون مؤذية، صحيح أن هذه الغيمة قد لا يطول وقتها، ولكن هذا لا يعني انها لا تحتوي على مواد كيميائية سامة ومسرطنة، وإذا ما أصبحت وتيرة التشغيل يومية فهذا يعني أن الناس تستشق يومياً هذه المواد المسرطنة مع ما يعنيه ذلك من أخطار على صحتهم وأجهزتهم التنفسية”.

يجب التحرك السريع

وبحسب رئيس قسم الكيمياء في كلية العلوم لجامعة القديس يوسف (USJ)، الدكتور شربل عفيف، تبين أن احتمالية الإصابة بالسرطان في منطقة الذوق ترتفع نسبتها إلى 170 في المليون، “وهذه نسبة كبيرة جداً بحسب المقياس المعتمد، حيث لا يجب أن يكون الخطر أعلى من 1 على مليون وفق المعايير العلمية العالمية، وهذا واقع يستدعي التحرك السريع لتصحيحه”.

فحص تلوث الهواء

ويضيف عفيف: “كمية التلوث في الذوق كبيرة جداً، وكان الأمر واضحاً من خلال فحص تلوث الهواء عبر الأقمار الاصطناعية، حيث ظهرنا كنقطة حمراء لافتة، وبحسب العينات التي أخذناها فإننا نتخطى المعايير الموصى بها لمنظمة الصحة العالمية بأكثر من ٦ مرات، لناحية نسبة الجزيئيات الدقيقة في الهواء، وهذا يعطينا فكرة عن حجم التلوث الموجود أصلاً”.

تحمل التلوث الناجم عن المعمل

من جهته، أكد رئيس البلدية “الياس بعينو” الواقعة، دون أن يسميها “تهديداً”، وتابع، “نعم تعرّضنا لضغوط من هذا النوع للقبول بالأمر الواقع، تلقينا لوماً على الاعتراض، ووضعنا أمام مسؤولية الحرص على المصلحة الوطنية وما إلى هنالك”.

وأضاف، أن وزير الطاقة طلب منهم تحمل التلوث الناجم عن المعمل في هذه المرحلة الدقيقة، “بسبب الحاجة الماسة للكهرباء في سجن رومية والمطار والمرفأ ومحطات المياه وتكرير الصرف الصحي”.

وبحسب نشطاء، سجّلت البلدة عدداً كبيراً من الإصابات بالسرطان الرئوي والجلدي والعينين والأمراض التنفسية، “وهناك قناعة عامة لدى الناس أن كل ذلك سببه المعمل المذكور”، متسائلاً: “لماذا في مناطق أخرى لا تسجل هذه النسب من السرطانات؟ فليفسروا ذلك”.

خلال ساعات قليلة.. 7 اقتحامات متتالية للمصارف اللبنانية

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.