عندما أغضب الحسن الثاني الملكة “إليزابيث”.. ولماذا وصفت رحلتها إلى المغرب بـ”الجحيم”؟

وطن- تزامناً مع وفاتها، استذكرت وسائل إعلامية رحلة الملكة إليزابيث الثانية إلى المغرب، في أكتوبر/تشرين أول عام 1980، والتي أطلق عليها آنذاك بـ”رحلة الجحيم”، حيث استقبلها حينها الملك الراحل الحسن الثاني.

وظهرت روايات تؤكد أن الملكة إليزابيث الثانية غضبت من الطريقة التي عاملها بها الملك الحسن الثاني، وموظفيها، حيث كشف روبرت هاردمان، مراقب المشهد الملكي البريطاني الحديث، في فيلمه المشهور عالميًا Our Queen (ITV 2013)، تفاصيل هذه الرحلة سيئة السمعة.

وفي مقال نشرته صحيفة ديلي ميل، ونقله موقع “موروكو ميل”، فقد تم الكشف عن “القصة الحقيقية لما حدث عندما قامت الملكة بزيارة إلى المغرب عام 1980”.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية خلال الرحلة: “لقد كانت زيارة دولة فريدة من نوعها؛ حيث لم يتمّ فعليًا تنفيذ أي شيء كان مخططاً سابقًا، وإذا حدث ذلك أثناء تنظيمه، فقد حدث في مكان مختلف”.

هوس أمني

ووفقاً لما ورد، فإنه بعد أن نجا من عدد من محاولات الاغتيال، بما في ذلك مذبحة في حفل عيد ميلاده، فإن الملك الحسن الثاني ملك المغرب -“شخصية تشبه القط”، الذي “يمكن أن ينقضّ عليك في أي لحظة”، وفقًا لأحد الدبلوماسيين- كان متعمدًا في عدم انتظام تحركاته، حيث تم نقل وجبات الغداء من قصر إلى آخر في أي وقت، أو كان يتم إلغاؤها ببساطة.

وبحسب ما ورد على لسان المسؤول في الخارجية البريطانية آنذاك، فإنه “في الساعة الواحدة، اختفى الملك ليعطي الأوامر لرؤسائه، تاركًا الملكة للجلوس في الشمس معظم فترة ما بعد الظهر، حتى ظهر مرة أخرى”.

وأشار إلى أنه في حدث آخر، حينما حضرت الملكة لتناول الطعام، حوالي الساعة الخامسة مساءً من ذلك اليوم بثوبها الكامل لحضور مأدبة رسمية، وجدت القصر مغلقًا.

الملكة إليزابيث ترفض إساءة الحسن الثاني لموظفيها

وأوضح، أن “كل هذه الإهانات قوبلت بهدوء فرح. لكن ما لم تتسامح معه الملكة، هو أن الملك الحسن الثاني يسيء معاملة موظفيها”، حيث في وقت ما خلال وجبة متأخرة أخرى، أشار إلى روبرت فيلوز، مساعد السكرتير الخاص بها، وقال: “إنه الشخص المسؤول عن هذا الارتباك الرهيب”.

وكشف أن الملكة إليزابيث الثانية ردّت عليه بالقول: “سأشكرك على عدم الحديث عن موظفي بهذا الشكل”، لافتاً إلى أن ذلك تسبب في أزمة أخرى.

ووفقاً لأحد أعضاء الوفد المرافق للملكة، فإنه وفي وقت لاحق في نفس اليوم، عندما كانت الملكة إليزابيث الثانية ستصطحب الملك الحسن الثاني، لرؤية مركز ليونارد شيشاير للمعاقين المموّل من بريطانيا، “أخبر الحسن الثاني الملكة أن الأوان قد فات للذهاب إلى منزل ليونارد شيشاير، وأنه سيعيدها إلى القصر”.

وأكّد أن الملكة قالت له: “حسنًا، يمكنك إيقاف السيارة وسأذهب لوحدي”، وهو ما فعلته تماماً.

وأشارت الرواية، إلى أن “كوميديا الأخلاق وصلت ذروتها في الليلة الأخيرة، حيث كانت الملكة تستعد لإقامة مأدبة وداع للملك على متن السفينة البريطانية”.

رد فعل غير متوقع من ترامب فور تلقيه خبر وفاة الملكة إليزابيث الثانية (شاهد)

تأجيل العشاء مع الملكة

وقال وزير الخارجية السابق لورد [دوغلاس] هيرد، الذي رافق الملكة في هذه الزيارة: “تقدم وزير البلاط وقال إن الملك سيكون ممتنًا، إذا تم تأجيل المأدبة لبضع ساعات”.

وأوضح أن السبب الحقيقي، هو أنه كان يسير من قصر إلى آخر، لأسباب أمنية في هذه المرحلة، موضحاً أنه كان من الممكن أن تغادر الملكة على الفور، إلا أنها بدلاً من ذلك، أوضحت بهدوء أنه لا يمكن تأجيل الحدث. وأضافت: “سأتفهم تمامًا ما إذا كان صاحب الجلالة قد يتأخر”.

وكشف “هيرد”، أن الحسن الثاني تأخّر 54 دقيقة فقط، وأحضر معه العديد من الأقارب غير المدعوين: “لذلك كان علينا إضافة الكثير من السكاكين والشوك”، في حين أحضر الملك أيضًا مبردات مملوءة بالطعام، لأنه كان خائفًا من أن يحاول شخص ما تسميمه.

غضب الحسن الثاني

وعلى الرغم من كل ما حدث، كان الحسن الثاني غاضبًا، لأن الأوسمة الفخرية البريطانية الممنوحة لبعض أفراد عائلته، لم تتضمن لقب الفروسية.

من جانبه، كشف أحد أبناء الأسرة المالكة، أنّ الحسن الثاني اقترب من الملكة خلال العشاء، وبذل قصارى جهده لإغراء حول ما يعتقده، بينما كان يهمس في أذن “هيرد” أنه ينبغي إقالة السفير البريطاني في المغرب، بسبب عدم حصول أي من فراد عائلته على وسام الفروسية.

وفي هذا السياق، قال “هيرد”: “استشرت الأمير فيليب، الذي انفجر ضاحكًا، وقال لا تفعل شيئًا على الإطلاق، وانتظر حتى الغد”.

من المؤكد أن العاصفة قد هبّت. يقول اللورد هيرد: “في اليوم التالي كان كل شيء يبتسم”. “أخذنا إجازتنا، وكانت هناك هدايا من البلاط الملكي، وما إلى ذلك”.

الملكة تتجنب كارثة دبلوماسية مع المغرب

وبعثت الملكة برسالة شكر فورية للملك الحسن، أشادت فيها “بضيافته الحارة والسخية”، وأضافت: “لقد تأثرنا بشكل خاص بالطريقة التي أبديت بها جلالتك اهتمامًا شخصيًا ببرنامجنا”.

وأكد “هيرد” على أنّه هكذا، تمّ تجنب كارثة دبلوماسية في وقت، كان آخر شيء تريده بريطانيا هو الخلاف البارز مع واحدة من أكثر الدول الموالية للغرب في العالم العربي.