الرئيسية » الهدهد » هكذا استخدم نظام الأسد فيديوهات “التعذيب والاغتصاب” لإدانة معارضيه

هكذا استخدم نظام الأسد فيديوهات “التعذيب والاغتصاب” لإدانة معارضيه

وطن- لطالما اعتبرت مقاطع الفيديو دليلاً على حوادث القتل والسرقة والاغتصاب وبخاصة بعد أن انتشرت كاميرات المراقبة والكاميرات الأمنية في كل مكان. ولكن نظام الأسد استخدم توثيقه لمئات الآلاف من الجرائم التي ارتكبها عناصر شبيحته كدليل إدانة شخصية لهم في حال تم فتح تحقيق قانوني دولي بهذا الخصوص أحياناً.

وفي أحيان أخرى استخدم نظام بشار هذه المقاطع لإثبات وجهة نظره فيما يجري والإدعاء بأن هذه الجرائم تصرفات فردية مستخدماً أساليب الفبركة والتلفيق على طريقته المعتادة.

“الكذب هو سلاح العاجز”

ولأن “الكذب هو سلاح العاجز” اعتاد نظام الأسد على الفبركة والكذب منذ الأيام الأولى للثورة السورية ضده عندما عرض وزير خارجية النظام “وليد المعلم” الذي توفي فيما بعد مقاطع قديمة لعدد من الشبان اللبنانيين في “باب التبانة” بطرابلس شمال لبنان. على أنهم من “الجماعات المسلحة في سوريا” التي “قتلت آلاف العسكريين من الجيش وقوات الأمن”- حسب زعمه-

بينما الفيديو الأصلي تم التقاطه في “سقي طرابلس” أثناء المعارك التي جرت بين “باب التبانة” و”جبل محسن” عام 2018.

ورأى الناشط الحقوقي والمعتقل السابق “منصور العمري” في دراسة له على موقع “سوريا على طول”، أن للفيديوهات المفبركة أهدافاً قصيرة وطويلة المدى، بما فيه الترويج لخطاب الأنظمة ونظريات المؤامرة بين الموالين لها وعلى مستوى البلاد.

كما أنها تقدم ـ بحسبه ـ مواداً للدعاية الإعلامية الخاصة بهم، إلى جانب استخدامها لدعم مزاعمهم والرد على الاتهامات في المحافل الدولية، بما في ذلك أروقة الأمم المتحدة، كما فعلت روسيا ضمن حملتها في تشويه صورة “الخوذ البيضاء”.

“أرشيف الشر” يفضح “الأسد”.. “صنداي تايمز” تكشف عن وثائق سرية خطيرة بشأن أوامر التعذيب والقتل

وقد تحتوي الفيديوهات اعترافات قسرية وادّعاءات مزيفة، بالإضافة إلى شهادات زور من قبل ممثلين مأجورين أو موالين أو موظفين حكوميين لتكذيب رؤية المعارضين للأحداث.

وباتت مقاطع الفيديو والصور تمثل الجزء الأكثر تأثيرا في صناعة الرأي العام وتغيير العقليات وبث الأفكار والأخبار والشائعات، يكفي فقط أن تعبر صورة عما تريد لتجد في عالم المتلقين قطاعا واسعا مستعدا لتقبله.

“متعاونة مع المخابرات”

وروى العمري أنه قابل في عام 2014 صحفياً كان يعمل في قناة “الدنيا” التابعة للنظام السوري، قبل عام 2013، وصف له عملية صناعة أحد الفيديوهات المفبركة، التي ساعد بنفسه في إنتاجها. حيث استدعت الأجهزة الأمنية الصحفي والمصور لتلقين امرأة، متعاونة مع المخابرات، الادعاء بأنها تعرضت للاغتصاب، بناء على نص مكتوب.

وبحسب المصدر زعمت المرأة في “شهادة الزور” أنها تعرضت للاغتصاب من قبل معارضي الأسد في فيديو مفبرك. لاحقاً، سرّب أحد زملاء الصحفي الفيديو الأصلي غير المحرر، تظهر فيه المرأة وهي تضحك، وتلوم عثراتها أمام الكاميرا على النص المكتوب.

ويتألف فريق تزوير الاعترافات والشهادات عادة من: الضحية، الإعلامي العامل في مؤسسات النظام الإعلامية، ورجال الأمن أو فريق التعذيب.واستخدم النظام أساليب الترهيب والترغيب لجعل الضحايا يتحدثون أمام الكاميرا، مقابل وعوداً بوقف تعذيبهم أو إطلاق سراحهم.

“انقلاب وجداني”

والمفارقة أن إعلامياً سوريا يدعي الإنتماء للثورة كان قد صرح تعليقاً على فيديو المعلم المفبرك، بأن الإعلام الرسمي في سوريا تحول إلى وسيلة قمع جديدة منذ انطلاق الثورة. مشيراً إلى أنهم كإعلاميين ومراقبين على علم تام ومسبق ومثبت بما يجري من “فبركات” داخل أروقة الإعلام السوري.

ومنذ شهر ظهر “شريجي” المشكوك بعمالته للنظام في فيديو حديث له ليتهم الثوار بمثل هذه الاتهامات في “حالة انقلاب وجداني” مدعياً أن بعض مقاطع الفيديو المصورة في بداية الثورة السورية خضعت لمونتاج من أجل خلق صورة نظيفة خالية من الشعارات الجهادية الإسلامية.

وقال شربجي في مقطع فيديو ناقش فيه مسلسل “الاختيار” المصري -بحسب موقع “المدن“- أن ناشطين سوريين من داريا والميدان كانوا يأتون إلى مكتبه في دمشق الذي توفر فيه حينها خط إنترنت سريع بحكم كونه مكتباً لمجلة مرخصة.

وكانت مقاطع الفيديو تخضع لعملية تنقية بالمونتاج لإخفاء الشعارات الإسلامية والجهادية منها مثل: “قائدنا للأبد سيدنا محمد، تكرم عينك ياعرعور، وحياة ربي العزة بعد الشام على غزة”، وغيرها، مبرراً ذلك بأنه كان فعلاً وطنياً يدعم به الخطاب العام للثورة السلمية لتنقيتها من الشوائب النادرة فيها لكن ذلك جعل الإرهاب الذي كان موجوداً فيها يتمدد بدل محاربته من الداخل.

ويتذكر الكثيرون قصة الشابة “روان قداح” ابنة مدينة نوى بريف درعا التي اعتقلت في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2012 من قبل عناصر الأمن العسكري على أحد الحواجز كرهينة لإجبار والدها الذي كان أحد القادة الميدانيين في الجيش الحر على تسليم نفسه.

“كذبة الاستغلال الجنسي”

وعندما يئس النظام من جدوى الاحتفاظ بها راح يبحث عن سبل أخرى لاستغلالها فأخرج رواية دراماتيكية صادمة وسيئة الحبكة عبر قنواته. من خلال تلقينها وإجبارها على سرد قصة خيالية لا أساس لها من الواقع عما سمي الاستغلال الجنسي لها من قبل والدها لينكشف زيف هذه اللعبة القذرة من قبل النظام وإعلامه الذي مارس بدوره “اغتصاباً” بحق طفلة لا ذنب لها بهدف تلويث سمعة عائلتها واستخدام قصتها المفبركة في حربه الإعلامية ضد خصومه.

“عباءة الإرهاب”

ليس بعيداً عن “روان القداح” قصة ابن مدينتها الشاب الجامعي “حازم الحريري” الذي كان عائداً من الأردن إلى سوريا ذات يوم من عام 2012 ولم يتوقع أن يتم اعتقاله في أقبية النظام ومساومته على الظهور على شاشاته وإلباسه عباءة “الإرهاب” طواعية. وإرغامه على الاعتراف بتلقيه مبالغ مادية للخروج بمظاهرات ضد النظام السوري، مقابل كف التعذيب عنه، قبل أن يتم تحويله إلى سجن “صيدنايا” من ثم إعدامه دون محاكمة في نهاية عام 2014.

اتهامات باطلة

وحاولت عائلة حازم آنذاك-كما يقول شقيقه “باسل الحريري”لـ”وطن” معرفة أي معلومات عنه أو عن مكان اعتقاله دون جدوى، وكان فرع الأمن السياسي يزعم أنه محتجز لفترة مؤقتة وسيُفرج عنه قريباً إذا لم يكن متهماً بشيء.

إلى أن ظهر بعد خمسة أشهر من اعتقاله على “الإخبارية” السورية ليدلي باعترافات غريبة ومنها ارتكابه أعمالاً إرهابية وتفجير ساحة “سعد الله الجابري” بحلب وبأنه ساهم باغتيال مدير مستشفى حلب الجامعي الدكتور “محمود تسابحجي” وهي اتهامات –حسب شقيقه- باطلة لا علاقة له بها ومعظمها جرى في الفترة التي كانت عائلته نازحة في دمشق.

“يوتيوب” هو المصدر الأول للسوريين

وبحسب محطة BBC فإن “يوتيوب” هو المصدر الأول للسوريين تحديداً لتوثيق جرائم الحرب التي تُرتكب في مناطقهم منذ بدء الصراع.-حسب وصفها- ويهدف الأرشيف المذكور من خلال جمع الأدلة البصرية لانتهاكات حقوق الإنسان على الأرض السورية وتنظيمها وتحليلها إلى حفظ البيانات كذاكرة رقمية وإنشاء قاعدة بيانات محقّق منها لانتهاكات حقوق الإنسان.

ويسعى “الأرشيف السوري” من خلال ذلك ليكون أحد الأدوات التي تساهم في تطبيق العدالة وتعزيز المساءلة كمفهوم وكتطبيق في سوريا.

“مسح لأرشيف الثورة السورية”

ومن جانب آخر عمد موقع “يوتيوب” في كانون الثاني 2019 إلى إغلاق العديد من القنوات الثورية كـ”شبكة أوغاريت” و”شام” بشكل كلي مما يعني حذف مئات الآلاف من الفيديوهات المصوّرة خلال 9 سابقة من الثورة السورية، في خطوة رأى ناشطون أنها تندرج ضمن سياسة تزوير ومسح لأرشيف الثورة السورية.

ما يعني خسارة كبيرة للذاكرة السورية والحرمان من الأدلة التي يمكن استخدامها في قضايا العدالة والمساءلة القانونية.

وسبق لإدارة “يوتيوب” أن حذفت في أيلول سبتمبر/2017 أكثر من 50 قناة تابعة للثورة من بينها قناة “زمان الوصل” و”شبكة شام الإخبارية”، و”شبكة بلدي نيوز”، و”وكالة خطوة” والعشرات من القنوات التي توثق بشكل يومي تفاصيل حياة السوريين في ظل جحيم الموت الذي يلاحقهم على يد نظام الأسد وحلفائه.

اعتقال وتهجير وظلم.. هكذا دفع الفنانون السوريون ثمن معارضتهم لنظام الأسد

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.