الرئيسية » حياتنا » اعتقال وتهجير وظلم.. هكذا دفع الفنانون السوريون ثمن معارضتهم لنظام الأسد

اعتقال وتهجير وظلم.. هكذا دفع الفنانون السوريون ثمن معارضتهم لنظام الأسد

وطن – مع بداية الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الأسد في مارس/ آذار 2011. انقسم الفنانون السوريون ما بين مؤيد للثورة ومعارض لها.

بيان “حليب الأطفال”

ففيما أعلن عدد من فناني الدراما السوريون انحيازهم لإرادة الشعب، آثر آخرون الاصطفاف مع النظام الذي يحكمهم بالنار والبارود.

وقد بدأ هذا الانقسام واضحاً مع ما عرف بـ “بيان حليب الأطفال”. الذي وقعه عدد من الفنانين السوريين من بينهم “خالد تاجا” و”منى واصف” و” يارا صبري”. والذي وطالب بإدخال الحليب إلى أطفال مدينة درعا أولى المدن الثائرة ضد النظام.

ووقف آخرون في منطقة رمادية، فلم يؤيدوا النظام أو ينتقدوه. وفي الوقت ذاته لم يعلنوا تأييدهم للثورة رغم أنهم تبيّنوا الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

نهج الأسد الأب

ويعود تخوّف نظام الأسد من الفنانين إلى فترات سبقت الثورة بعقود. ومنذ أيام الأسد الأب الذي قام بالتضييق على الفنانين عموماً، ما نتج عنه حالة من التدجين الفنّي إن صحّ التعبير. من خلال تحكّم أجهزة الأمن بالمؤسسات الفنية وأفرادها الذين اقترنت أنشطتهم وأعمالهم بمستوى علاقاتهم الشخصية بضبّاط الأمن وعناصر فروعه. بحسب دراسة لمركز عدالة بعنوان (الأسد واغتيال الفنّ السوري).

ومن نجوم الدراما السورية الذين أعلنوا معارضتهم للنظام الفنان والممثل “مكسيم خليل”، الذي غادر سوريا قبل سنوات بسبب تعرضه لمضايقات من النظام السوري والموالين له.

ولاحقت مكسيم هذه المضايقات حتى بعد خروجه، إذ تم وضع اسمه وزوجته الفنانة “سوسن أرشيد” على قوائم المطلوبين لمخابرات مليشيا الأسد. فاعتبر ذلك بمثابة “وسام شرف يضعه على صدره”، على حد وصفه.

سليم صبري وابنته يارا

وفيما بقي الفنان سليم صبري عل موقفه الرمادي مع زوجته ثراء دبسي. آثرت ابنتهما الفنانة يارا صبري المجاهرة بمعارضتها لنظام الأسد.

ودأبت يارا على نشر أخبار المعتقلين السوريين في سجونه والمطالبة بالإفراج عنهم. وكانت أحد الموقعين على بيان الحليب والمطالبة بفك لحصار الخانق الذي فرضه النظام على مدينة درعا في مايو أيار 2011.  وكذلك فعل زوجها الممثل ماهر صليبي

من التظاهر إلى صلاة الاستسقاء

ومن أبرز الوجوه الفنية المعارضة للنظام الفنانة الراحلة “مي سكاف”، التي اتخذت موقفاً مشرفاً إلى جانب الشعب السوري. وتم اعتقالها لفترة بعد مشاركتها بمظاهرة الفنانين في حي الميدان أمام مسجد الحسن.

وادعت مذيعة على قناة النظام الإخبارية حينها، أن الفنانين نزلوا ليصلوا صلاة الاستسقاء كي ينزل المطر. مما أثار سخرية الكثيرين.

وقام أحد شبيحة ما عرف بـ “اللجان الشعبية” التابعة للنظام السوري، بالاستيلاء على منزلها بعد كسر القفل وتغييره، واتخاذها مسكنًا له ولعائلته. كما تمت مقاطعتها كغيرها من جميع شركات الإنتاج التي يهيمن عليها مرتبطون بالنظام.

اقرأ أيضا:

فارس الحلو وعائلته

ومن الفنانين السوريين الأحرار ” فارس الحلو “، الذي شارك في الحراك الشعبي للثورة السورية منذ الأسابيع الأولى . وهتف يسقط الأسد.

وجلس الحلو في بيوت عزاء الشهداء في درعا، لذلك سرعان ما لاحقه النظام السوري وتوعده. فقرر الخروج من سوريا برفقة زوجته الفنانة سلافة عويشق وابنتيه.

ورغم ظروفه الاجتماعية الصعبة، فقد رفض بطل مسلسل “الأيام المتمردة” منذ سنوات عرضا للمشاركة في عمل فني ضخم. يُصوّر خارج سوريا بدعوى مشاركة فنانين آخرين، معروفين بتأييدهم التام والمطلق للنظام السوري. وعلى رأس هؤلاء الفنان “مصطفى الخاني” الذي اشتهر بشخصية (النمس) في مسلسل باب الحارة ، ولم يكف عن تمسيح الجوخ للنظام ومهاجمة الثورة أينما حل.

كما يقول ناقد سوري فني فضّل عدم ذكر اسمه لـ”وطن”. مضيفاً أن الفنان المتحدر من بلدة مشتى الحلو بريف حمص الغربي، لم يكن من النوع الطيع أو تابعاً كغيره لأجهزة الأمن ورجالاتها. والمتابع لمسيرته الفنية يرى أنه لم يكن ينال من الأعمال إلا أقلها رغم أنه مصنف ضمن فناني الصف الأول بسوريا، وخاصة في الكوميديا.

 مجسم من أجل الملك

أما بطل مسلسل ” باب الحارة “، الفنان السوري سامر المصري، فقد جاهر بمعارضته للنظام.

وألقى الفنان المعروف بلقب “أبو شهاب” ، باللائمة على بعض الفنانين الذين “جرحوا الشعب السوري وجمهورهم من أجل حاكم”، بحسب تعبيره.

وتابع المصري المقيم في دبي، في حديث عبر الهاتف مع مراسلة وكالة الأناضول للأنباء أن : “الحرية جديدة وطارئة على الكثيرين. وحتى من يطالب بها قد يسيء استخدامها، وهو ما يجب أن نعيه جميعا”.

جهاد عبدو عامل ديلفيري في أمريكا

وكذلك فعل الفنان السوري “جهاد عبدو”، الذي ظهر في العديد من المسلسلات الدرامية مع الفنان ياسر العظمة كفنان عادي بداية.

وبعد اندلاع الثورة السورية في 2011، خلال رحلة له إلى بيروت التقى صحفيّة من مجلة لوس انجلس تايمز . تكلم جهاد ضد حكومة الأسد وكيف أن بشار الأسد كان مسؤولاً عن قتل المدنيين في سوريا.

بعد عودته إلى سوريا وصلته تهديدات كثيرة بقتله بسبب المقال الذي نشر. مما اضطره للجوء إلى الولايات المتحدة الامريكية في أكتوبر 2011 ليعمل كديليفري يوصل طلبات البيتزا . كما كشف في عدد من اللقاءات.

ولكن تمكن عبدو فيما بعد من أن يحجز مكانة خاصة في السينما العالمية، ليمثل العديد من الأدوار الهامة. ومنها فيلم “مجسم من أجل الملك” وفيلم ” ملكة الصحرا”. إلى جانب الفنانة العالمية ميريل ستريب.

كما مثّل جهاد في  فيلم “وادي الذئاب”. وشدد المصري على أن الفنان يجب أن “يحترم التباين الحاد في المواقف بين المؤيدين والمعارضين لنظام بشار الأسد. إذ أنه حتى ولو كان مؤيدا فلربما احتاجه هذا الشعب بكل أطيافه في يوم من الأيام من اجل ردم الهوة ودمل الجراح بين أبناء شعبه”.

وساهم الفنان المتحدر من مع زوجته  الفنانة فاديا عفاش في حملات للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السوريين في اقبية النظام .

الولادة من الخاصرة

أما الفنان “عامر السبيعي”، الذي ظهر في عدد من المسلسلات الشامية، وفي العديد من أعمال الفنان ياسر العظمة. فأيّد الثورة السورية منذ انطلاقتها ربيع العام 2011.

ولكن هذا التأييد كان صامتاً ومن خلف الستار خوفاً من بطش النظام الذي لم يوفر كبيراً ولا صغيراً. مشهوراً ولا مهمّشاً.

وتأييده للثورة جعله ينفض غبار الخنوع -كما قال لكاتب هذه السطور- قبل سنوات، ولكنه بالمقابل خسر أقرب المقربين إليه، والده الفنان رفيق السبيعي أبو صياح. الذي ظل مصرّاً على موالاته للنظام. بل حرمه مع شقيقه بشار المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية من الميراث على خلفية موقفهما من النظام.

ولم يجرؤ شقيقه الممثل والمخرج “سيف الدين السبيعي “، على دعوته للمشاركة في مسلسله “الولادة من الخاصرة”. الذي صور في لبنان خوفاً من مساءلته.

واعترف الفنان “عامر السبيعي” في اللقاء المذكور، أن فاتورة معارضته للنظام السوري ووقوفه إلى جانب المظلوم ضد الظالم كانت غالية.

مستدركاً: “أجري سأتقاضاه لاحقاً فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً”.

ورغم التزامه بخط الثورة ضد النظام حتى آخر لحظة من حياته، ولكنه في الآن نفسه ظل حزيناً على وضع الفن في الثورة.

وأكثر ما كان يحزنه أن “نظام الأسد” استمال أغلب الفنانين السوريين الذين ساروا في ركابه، وأصبحوا أداة يضرب بهم الثورة.

بينما انفضت الثورة عن أبنائها الفنانين، رغم أن هناك المئات من رجال الأعمال المحسوبين عليها، وكان جديراً بهم أن يدعموا هؤلاء الفنانين الأحرار”.

الائتلاف السوري المعارض

أما الفنان “جمال سليمان” الذي اشتهر بعدد كبير من الأعمال الدرامية على المستوى السوري والعربي، فلم يكتف بإعلان معارضته فقط. بل شارك سياسيا من خلال اجتماعات ولقاءات مع المعارضة.

وانضم سليمان لفترة إلى الائتلاف السوري المعارض، قبل أن يعلن استقالته.

وفي أحد لقاءاته يقول سليمان، الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية: «أنا شخص علماني وأحترم جميع الطوائف. وأعتقد أن ما حصل في سوريا هو استحقاق تاريخي كان سيحدث بشكل أو بآخر في أي وقت. نتيجة وجود حكم شمولي اعتمد كثيرا على أدوات القمع».

ظلم ذوي القربى

ومن الفنانين السوريين الذين عانوا “ظلم ذوي القربى”، جراء معارضتهم للنظام، الفنان “محمد آل رشي” ابن الفنان الراحل عبد الرحمن آل رشي. الذي جاهر بدعمه للنظام واعتاد على أداء أغان تعزف سيمفونية الصمود المزعوم.

ولكنه تبرأ من ابنه الذي  ظهر بداية الثورة في فيديو وهو يهتف بالحرية وسقوط النظام، ويقول “كاذب.. كاذب.. كاذب.. الإعلام السوري كاذب”. و أدت الضغوطات التي مورست عليه بعد إطلاق سراحه إلى الهجرة إلى بيروت.

واعتقل الممثل “عبد الحكيم قطيفان” الذي شارك في عشرات المسلسلات السورية والعربية سنة 1983. عندما كان لا يزال في الخامسة والعشرين من عمره ، بتهمة إثارة الرأي العام ضد النظام الجمهوري السوري خاصة، وضد الأنظمة العربية عامة. وأفرج عنه نهاية العام 1991 بعد قرار العفو العام.

نجوم في سجون النظام

وسجن عدد من نجوم الدراما السورية الذين انحازوا للثورة، منهم الفنانة سمر كوكش ابنة المخرج علاء الدين كوكش. والفنانة الراحلة ملك سكر التي نشطت في المجال الإنساني، وتقديم العون للنازحين و الهاربين من بطش النظام. وهو الأمر الذي لم يرق للنظام فتم اعتقالها أواخر العام ا2013.

وتم ايداعها في الفرع (215)، لتتم محاكمتها بتهمة تمويل الإرهاب لمدة 5 سنوات. وتم الإفراج عنها بتاريخ 28 شباط عام 2017.

ويذكر أن الفنانة سمر كوكش هي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا عام 1995. وشاركت بالعديد من الأعمال في المسرح والإذاعة والتلفزيون. كما شاركت بدبلجة مسلسلات الأطفال و الرسوم المتحركة .

كما تعرضت الفنانة ليلى عوض للاعتقال بعد عودتها إلى سوريا التي خرجت منها في السابق لتخوفها من الاعتقال. ووردت أنباء تفيد بأن الفنان دريد لحام هو من أقنعها واستدرجها للعودة ليتم اعتقالها على الحدود السورية اللبنانية.

زكي كورديللو وابنه مهيار

ومن الفنانين السوريين الذين لا يزالون في زنازين النظام منذ سنوات، الفنان “زكي كورديللو”. وابنه الفنان “مهيار كورديللو”، الذي كان طالباً في المعهد العالي للفنون المسرحية عندما اعتقل سنة 2012.

وإلى اليوم لا تعلم عائلة كورديللو السبب الذي أدى إلى اعتقالهما.

واعتقل أيضاً الفنان والمؤلف “محمد أوسو” المشهور بلقب “كسمو” أكثر من مرة بسبب مشاركاته في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.

كما تم اعتقال الفنان “جلال الطويل”، وتعرض للضرب من قبل الشبيحة إثر مشاركته في تظاهرة حاشدة في حي الميدان الدمشقي.

وتم الإعتداء على الفنان ” نوار بلبل” نجل  المخرج المسرحي المعروف فرحان بلبل في منطقة أبو رمانة.

لا مكان للفنانين الحياديين لدى النظام

لم يكتف النظام بسجن وملاحقة الفنانين السوريين الذين وقفوا ضده، بل لجأ إلى مصادرة أملاك من تمكنوا من الخروج من سوريا.

حيث أصدرت محكمة القضاء المختص بدمشق مذكرة “مصادرة أملاك بعض الفنانين، مثل أصالة نصري، وفارس الحلو، يارا صبري، كندا علوش، سامر المصري. عبد الحكيم قطيفان، جمال سليمان، مي سكاف، عابد فهد، فدوى سليمان.

أو أن يقوم نقيب الفنانين السوريين، بوضع قائمة سوداء تضم الفنانين جمال سليمان، ومكسيم خليل. بدعوى “الإساءة لرموز السيادة الوطنية والمشاركة في سفك دماء السوريين. عبر تأييد المعارضة المسلحة أو الدعوة للتدخل العسكري في سوريا. بحسب موقع “ساسة بوست”.

ولم يسلم من التضييق حتى الحياديين في موقفهم من النظام، فلا وجود للون الرمادي أو للمواقف الصامتة. والسبيل الوحيد لحمايتهم هو الإجهار بالولاء المطلق.

وسبق أن صرح نقيب الفنانين الراحل زهير رمضان، بأن الفنان يجب أن يكون بعثياً. ليؤكد خطابه ضرورة الانصهار ببوتقة النظام الإعلامية لضمان السلامة واستمرار العمل.

 

المصدر: (خاص وطن)

اقرأ أيضا:

قد يعجبك أيضاً

رأي واحد حول “اعتقال وتهجير وظلم.. هكذا دفع الفنانون السوريون ثمن معارضتهم لنظام الأسد”

  1. شفت معرّصين بس مثلك يا خالك الأحمد ما شفت.. الحين الخيانة وتدمير البلد صارت خيط ابيض يا معرّص؟؟ ثوّارك مرتزقة وقابضين حق عمالتهم ضد بلدهم.

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.