الرئيسية » الهدهد » استراتيجية الصين الحديثة في الشرق الأوسط: تعزيز الشراكات مع إيران وسوريا

استراتيجية الصين الحديثة في الشرق الأوسط: تعزيز الشراكات مع إيران وسوريا

وطن – بحسب ما ترجمته “وطن” نقلا عن مجلة “أتلايار” الإسبانية، فإن إستراتيجية الصين في الشرق الأوسط تتقدم بشكل تدريجي.

مبادرة الحزام والطريق

في الآونة الأخيرة، دخلت الاتفاقية الرسمية بين حكومتي إيران والصين (معاهدة التعاون الشامل التي مدتها 25 عامًا) حيز التنفيذ. في حين وقعت سوريا تفاهمًا للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق.

ووفقا للمجلة، ساعدت المبادرات التجارية والاستثمَارية الضخمة، الصين على ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، ترغب إيران وسوريا أيضا تعزيز الروابط التجارية والتبادلية، لا سيما مع تلاشي الصراع السوري. علما وأن نهاية الصراع في سوريا تمثل بداية عصر جديد من العلاقات التجارية بين الدولتين.

اقتراح البحار الخمسة

هذا وقد وقعت سوريا والصين مذكرة تفاهم للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، تحت عنوان “اقتراح البحار الخمسة”. وهو ما ذكره الرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة في عام 2009،  الذي يعكس مشروع طريق الحرير الحالي في الصين.

علاوة على ذلك، تربط مبادرة البحار الخمسة البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر والخليج الفارسي وبحر قزوين والبحر الأسود. في محاولة لتوحيد جميع الدول في المنطقة.

أوضحت المجلة أن اقتراح مبادرة الحزام والطريق، التي ستشمل إيران وسوريا، سيكون له آثار عديدة. فمنذ ولاية باراك أوباما، تعمل الولايات المتحدة على إنهاء أو إفشال صفقات الشرق الأوسط مع الصين. ومع ذلك، تصر الصين على دمج الشرق الأوسط في مبادرة الحزام والطريق.

طريق الحرير

تشمل مبادرة الحزام، وجهة أولى تبدأ  من طريق الحرير الصيني، طهران، بغداد إلى نهر الفرات عبر البوكمال ودير الزور والرقة وحلب واللاذقية. وبالتالي، يمكن للصين الاستفادة من ميناء اللاذقية، الذي يمكن الوصول إليه عن طريق البر، كمركز لوجستي مهم. وبذلك، تعزز مبادرة الحزام والطريق الصينية، علاقات التواصل والتعاون بين الصين وإيران وصولاً إلى سوريا. ولطالما كانت دمشق محطة تاريخية على طريق الحرير.

ووجهة ثانية، تبدأ من طهران إلى دمشق ثم إلى بيروت. لهذا سعت الصين للحصول على أموال لإعادة إحياء ميناء بيروت بعد الانفجار الكبير. ومن خلال التفاوض على ميناء بيروت مع لبنان، سيكون للصين ميناءان مفتوحان على البحر الأبيض المتوسط​، مما يمنحها ميزة كبيرة.

وكنتيجة الاتفاق، أقيمت سوريا أنها لن تقدم تنازلات للغرب. حتى بعد أن أعادت بعض الدول العربية العلاقات مع سوريا وعينت فرنسا سفيرا لها فيها، إلا أنها تواصل الإساءة للغرب.

سوريا وإيران غير مهتمتان

في المقابل، لا تظهر روسيا وإيران  اهتمامهما بالتعاون بين سوريا والصين. وعلى الرغم من إمكانية التوصل إلى نتيجة إيجابية للمناقشات حول أنشطتها النووية، فإن إيران تفعل ما “يحتاجه المجال” وتبرمُ صفقات مع الصين سَتلتزم بها لمدة ربع قرن وما بعده.

وهكذا تلتقي روسيا وسوريا وإيران في منطقة واحدة. فعندما ظلت الصين هادئة طوال الصراع السوري، اشتد تنافسها العالمي مع الولايات المتحدة، وتزامن ذلك مع تحرك سوريا في “الوقت الذي يجب فيه تطبيق الإجراءات المضادة”.

أفادت المجلة، أن روسيا عادت إلى الشرق الأوسط، وستَتبعها الصين قريبًا. بعد سنوات من الترقب، انضمت سوريا أخيرًا إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية. وانضمت سوريا إلى المبادرة بعد مذكرة تفاهم وقعها رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي السورية فادي الخليل، والسفير الصيني في دمشق، فنغ بياو، بعد تصريحات رسمية وزيارات متبادلة على طول خط بكين – دمشق. أشارت إلى انضمام سوريا الوشيك إلى مبادرة الحزام والطريق.

الارتباط والمصالح المشتركة

حول مبادرة الحزام والطريق الصينية، قال الرئيس السوري بشار الأسد إن “سوريا بإمكانها المشاركة من خلال تطوير البنية التحتية. فالصين دولة عظيمة تحاول زيادة نفوذها في العالم، ولكن ليس بطريقة سيئة، ولكن التأثير بمعنى الاعتماد على الأصدقاء. لأنها تعتمد على الارتباط ومصالح مماثلة، وليس على الهيمنة”.

وتابع الأسد: “سوريا تنضم إلى طريق الحرير، هذا لأن الصين تعتبرنا متساوين وليس كأمة كبيرة مع دولة أصغر. هناك مصالح مماثلة .. الفائدة تعد للصين وسوريا ودول أخرى على هذا المسار. في النهاية، يعود الانضمام إلى مبادرة الحزام، بالفائدة على جميع الدول. وهذا يعني استقرارًا عالميًا أكبر”.

وهكذا، يبدو أن العرض السوري، الذي تضمن ستة مشاريع صينية تتماشى مع نموذج الحزام والطريق. قد لقي قبولًا جيدًا في بكين، التي اختارت في النهاية إدراج دمشق ضمن جهودها.

المشاريع التي سيتم تنفيذها

أوردت المجلة أن هناك عدد من المشاريع، التي يمكن تنفيذها كجزء من هذه المبادرة. ومن بينها خطوط السكك الحديدية بين طرطوس والحدود العراقية. والطرق السريعة التي تربط جنوب البلاد بالشمال، وتوليد الكهرباء. والتنقيب عن النفط والغاز. وكذلك المناطق الحرة الصينية في سوريا.

وقد أعلنت دمشق هذه السياسة ردًا على ما تعتبره تورطًا للولايات المتحدة ودولًا غربية في الحرب ضد سوريا.

تتوافق “سياسة الميل نحو الشرق” التي ينتهجها الرئيس السوري بشار الأسد، مع مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ.

البحار الخمسة

بالاضافة إلى ذلك، قارن كثيرون المبادرة الصينية بمشروع الرئيس السوري “البحار الخمسة”. في إشارة إلى البحر الأبيض المتوسط ​​وبحر قزوين والأسود والخليج الفارسي والبحر الأحمر.

وفي واقع الأمر، نما تدخل الصين في سوريا منذ عام 2018. وفي بيان نقلته وكالة أنباء شينخوا، أعرب السفير الصيني تشي تشيانجين، عن رغبة بلاده في لعب دور أكبر في الشؤون الاقتصادية والسياسية والعسكرية لسوريا.

وقال المبعوث الصيني خلال زيارته لأحد المستشفيات في دمشق: “أعتقد أن الوقت قد حان للتركيز على نمو وإعادة إعمار سوريا. وأعتقد أن الصين ستزيد من دعمها للشعب السوري وحكومته”. ولعل المساعدات الإنسانية التي بلغت 44 مليون دولار مؤخرًا لسوريا تعزز مزاعم السفير الصيني.

مبادرة الحزام والطريق

وفي رسالة في آب / أغسطس 2019، شدد السفير الصيني على تطوير السكك الحديدية والموانئ السورية. بعد تعهد بتقديم  20 مليار دولار لسوريا واليمن ولبنان والأردن لإعادة التأهيل والنمو الاقتصادي.

في سياق متصل، أعلنت الصين عن مبادرة الحزام والطريق في عام 2013. أنها تهدف إلى ربط الدول في جميع أنحاء العالم بشبكة من الطرق السريعة والسكك الحديدية والموانئ وخطوط أنابيب النفط والطرق البحرية وشبكات الاتصالات.

وفي الحقيقة، تتكون المبادرة من جزأين: الحزام الاقتصادي لطريق الحرير. والذي يهدف إلى ربط الصين بأوروبا عبر جنوب آسيا وآسيا الوسطى. وطريق الحرير البحري الذي يهدف إلى ربط الصين بأوروبا عبر جميع أنحاء جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تحسين الروابط التجارية للصين

من جهته، أعلن الرئيس السوري مؤخرًا أنه توصل إلى اتفاق رسمي مع الصين للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق. وقد بدأت الصين هذه المبادرة في عام 2013. وهي عبارة عن مشروع بنية تحتية واسع النطاق يهدف إلى تحسين الروابط التجارية للصين.

وبموجب الاتفاقية الموقعة بين الصين وسوريا، سيتم تمويل السكك الحديدية السورية والطرق السريعة الدولية. ومحطات الطاقة وتوسيع الموانئ من قبل الصين. مع دفع سوريا جزءًا كبيرًا من النفقات بمرور الوقت.

ومع ذلك، لن تتنافس الصين مع روسيا على ميناء طرطوس. ولكنها ستَسعى بدلاً من ذلك إلى تطوير ميناء اللاذقية من خلال نفس الشركة التي تعمل بالفعل على توسيع ميناء طرابلس في لبنان.

الاتفاق الصيني الإيراني

قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن “اتفاقية التعاون الشامل. بين إيران والصين (25 عاما) بدأت مرحلة التنفيذ”.

ولقد التقى عبد اللهيان بنظيره الصيني وانغ يي في بكين. حيث تلقى دعوة رسمية لمناقشة التطورات الحالية في العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي. وبالإضافة إلى دعم حقوق إيران النووية وتخفيف الحظر. ناقشوا المحادثات الجارية في فيينا حول رفع الحظر.

وعلى الرغم من عدم الكشف عن محتوى هذه الاتفاقية الإستراتيجية، وهي خطة تعاون طويلة الأمد بين البلدين. إلا أنه تم التوصل إلى توافق في الآراء.

ستشمل هذه الاتفاقية التعاون الاقتصادي كعنصر رئيسي يجب توقيعه وتنفيذه في شكل اتفاقيات منفصلة بين البلدين.

شراكة استراتيجية شاملة

في 27 مارس 2021، أعلن البلدان عن “شراكة استراتيجية شاملة” في بيان مشترك. ووفقا للفقرة 6 من الإعلان، فإن جميع الأطراف مستعدة لمناقشة وتطوير اتفاقية تعاون طويلة الأجل. وفي 27 أبريل، وقع محمد جواد ظريف ووانغ يي، وزيرا خارجية إيران والصين، على هذه المعاهدة.

كما أنه في السنوات الأخيرة، بلغ حجم التجارة بين البلدين حوالي 20 ألف مليون دولار. علما وانه منذ عام 1995، صدرت إيران حوالي 9 مليارات دولار إلى الصين واستوردت بما قيمته 9 مليارات و 13 مليار دولار.

تعتبر الصين مورد رئيسي للمنتجات الكهربائية والسمعية البصرية والكيميائية والصناعية لإيران. من ناحية أخرى، إيران هي أحد موردي النفط الرئيسيين للصين. ولقد كانت واردات النفط قبل العقوبات تمثل حوالي 6 بالمئة من إجمالي الواردات. ومع ذلك، تظهر بيانات غير رسمية أنه خلال فترة العقوبات، كانت الصين أكبر مشتر للنفط الإيراني.

تحرير الصين من الحصار البحري

وطبقا لما ذكرته المجلة، فإن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري هما طريقان تجاريان اقترحهما الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013.

وتربط هذه المبادرة الصين وآسيا الوسطى وروسيا والشرق الأوسط بأوروبا. كما يربط طريق الحرير البحري الصين بجنوب شرق آسيا وأفريقيا عبر البحر، ويصل إلى أكثر من 60 دولة آسيوية وأوروبية وأفريقية.

بالإضافة إلى ذلك، سيغطّي المشروع 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و 35 بالمئة من التجارة العالمية. وله ثلاثة أهداف أساسية.

الهدف الرئيسي هو تحرير الصين من الحصار البحري والاعتماد الكامل على مضيق ملقا. وهكذا ستبحر أكثر من 150 سفينة. معظمها ناقلات نفط صينية ويابانية، عبر المضيق كل يوم.

القوة الاقتصادية الرائدة في العالم

وقالت المجلة، إن الصين ستصبح  القوة الاقتصادية الرائدة في العالم. من خلال تصدير المنتجات والخدمات التكنولوجية والهندسية إلى الدول الأخرى.

وستكون إيران أحد الموردين الرئيسيين للطاقة والمواد الخام مثل خام الحديد والبتروكيماويات الخام إلى الصين. مما يجعلها بلد ذو أولوية قصوى لمبادرة الحزام والطريق.

من جانبه، أعلن وزير الاقتصاد أن الاتفاقية التي تبلغ مدتها 25 عامًا بين إيران والصين تقترب من الاكتمال.

ولقد أعلنت الصين عن استثمار 400 مليار دولار في إيران. منها 280 مليار دولار لقطاع النفط والغاز و 120 مليار دولار للنقل.

أبرز مشاريع النفط والغاز

حاليًا، تمتلك الحكومة حوالي 100 ألف مشروع اقتصادي وتنموي غير مكتمل. والتي تحتاج إلى تريليون تومان (1،000،000،000،000 تومان) من الائتمان لإكمالها. بالإضافة إلى الاستمرار في شراء النفط الإيراني، يساعد الصينيون في بناء احتياطيات كبيرة من النفط والغاز وتحديث مصافي النفط الإيرانية.

وذكرت المجلة  أن أبرز مشاريع النفط والغاز التي يمكن مشاركة الصين فيها هي المرحلة 11 من جنوب فارس. وتطوير حقل غاز شمال بارس. وتطوير حقلي أزاديغان ويادافاران النفطيين، وإصلاح المصافي القديمة مثل عبادان وطهران.

فروع للبنوك الإيرانية

ومن بين مبادرات الطاقة الأخرى في البلاد هي تطوير الطاقة المستدامة وتجديد التركيبات الكهربائية القديمة. كما أن تعزيز التعاون المصرفي والمالي والتأميني، وإنشاء فروع للبنوك الإيرانية. وتشكيل بنك إيراني صيني مشترك، كلها أعمال مصرفية ومالية مجدية.

ومن الأعمال الأخرى التي تسعى الصين للقيام بها، بناء السكك الحديدية في أجزاء مختلفة من البلاد، كهربة السكك الحديدية مثل خط طهران-مشهد. بالإضافة إلى تطوير شبكات المترو في المدن الإيرانية الرئيسية، والمشاركة في تطوير شواطئ مكران،  وتطوير الموانئ الإيرانية مثل تشابهار، وإكمال الطرقات السريعة الوطنية والدولية في إيران . كجزء من اتفاقية مدتها 25 عامًا.

وختاما، تم الإبلاغ عن مشاركة الصينيين في بناء المساكن الصناعية لحركة الإسكان الوطنية وبناء أربعة ملايين منزل في أربع سنوات.

فضلا عن ذلك فإن مجالات التعاون المحتملة الأخرى خلال 25 عامًا هي الاتصالات السلكية واللاسلكية والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والصحة والسياحة.

 

المصدر: (واترلوتايمز – ترجمة وتحرير وطن)

اقرأ أيضا:

لماذا يخشى بعض الإيرانيين من تخلي الصين عنهم لصالح السعودية؟

(شاهد) صور أقمار صناعية تكشف أن كوريا الشمالية أنشأت قاعدة صواريخ دفاعية قرب حدودها مع الصين 

هكذا ساعدت الإمارات إيران في تهريب نفطها إلى الصين رغم عقوبات حلفيها السابق ترامب

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.