الرئيسية » الهدهد » هكذا حكم السوريون القدامى وهم يجلسون فوق عظام آبائهم

هكذا حكم السوريون القدامى وهم يجلسون فوق عظام آبائهم

اعتادت جماعة “توراجا” في جزيرة “سولاويزي” الإندونيسية على إخراج الموتى من قبورهم وتنظيفهم سنوياً في مهرجان يعرف بـ«حفل تنظيف الجثث»!

وقبل هذه الطقوس المخيفة بآلاف السنين كانت مملكة “قطنة” المعروفة باسم المشرفة اليوم شرق مدينة حمص تشهد طقوساً مثيلة لا تقل غرابة عن طقوس الإندونيسيين. وتم العثور داخل القصر  الملكي في هذه المملكة الموغلة بالقدم منذ سنوات على مجموعة من اللُقى الهامة التي كانت موضوعة داخل تابوتين من البازلت. وهي عبارة عن قلادات وحلي ذهبية نقش عليها موضوعات هامة. تعكس تأثر الفن السوري القديم بالفنون المصرية. وكشفت هذه اللقى عن طريقة تفكير أهل قطنة وطقوسهم الغريبة التي تمثلت في أنهم كانوا يكدسون الهدايا الذهبية والأحجار الكريمة والمجوهرات الثمينة في جرار أو مزهريات كبيرة ويضعونها أمام الأموات. وكانت الأسرة المالكة والبلاط وأفراد الحاشية يجتمعون في ” الناووس” – وهو شكل للمدافن الجماعية كان معروفاً- آنذاك يجتمعون حول ثلاث طاولات وثلاث مساطب ضخمة. ويتناولون وجباتهم الدسمة قرب التوابيت الحجرية. أملاً في إشراك الراحلين في حياتهم اليومية.

في مطلع عام 2006 أدخل عالم الآثار الألماني الشاب البروفيسور”بيتر بغالنستز” رأسه المجعد الشعر. من خلال ثقب صغير موجود في الأرض الطينية لتلة قطنة القديمة. فلمعت أمام عينيه بتأثير ضوء مصباح الجيب الذي كان يحمله الخواتم الذهبية. وظهرت إلى جانبيها أوان من “الألباستر” تتخايل بصورة شاحبة. وفي الزاوية استقر ناووس مهيب.

بينما صدرت من رئيس البعثة الألمانية التي كانت تقوم بالتنقيب في تل المشرفة (قطنة القديمة) صرخة مدوية أن ما تم اكتشافه الآن وكان مستقراً تحت غبار آلاف السنين لم يشاهده أحد من العصور الحديثة على الإطلاق. إنه قبر لملك سوري قديم بكل موجوداته التي لم تُمس. وفي الوقت الذي أتيح لعلماء الآثار في مصر ووادي الرافدين أن يرفعوا المصوغات الذهبية بالأطنان من القبور القديمة. كان علماء الآثار في سوريا قبل هذا الاكتشاف الفريد يحدقون دائماً في سارقي القبور منذ زمن طويل.

أهل قطنة وثقافة الموت

ويقول بغالنستز واصفاً لحظة الإكتشاف: لقد ظننا بادىء الأمر أننا وجدنا ممراً لتوريد الغذاء ودخول الخدم. ولكن بعد التنقيب خلال 40 متراً من الأخشاب المحروقة والحطام. انتهى الممر فجأة بكهف داخل الصخر. وتابع -بحسب ما ورد في مخطوط بعنوان( أوابد وإبداعات حضارية من سوريا) لكاتب هذه السطور: لقد دخلنا إلى عالم ومملكة الموتى في قطنة.

وهكذا ولأول مرة استطعنا إلقاء نظرة على ثقافة الموت وعالمه تلك الأيام وكان القبر الخاص بأجداد ملوك قطنة.

بينما يضيف البروفيسور الشاب: ( لقد حكموا وهم يجلسون فوق عظام آبائهم ) وهذا ما أعطاهم حق الملك، وخوفاً على سلامة المنقبين لم يدخل أحد الغرفة الكبيرة الرئيسية في البداية خشية من وجود فطور وجراثيم ذات خاصية سامة تنبعث من الجثث المتحللة. وأرسلت عينات من الهواء والغبار إلى مؤسسة “روبرت كوخ” في برلين. بقصد التحليل التي أفادتهم بسلامة الجو وأعطتهم الأمان.

(المصدر: وطن)

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.