الرئيسية » الهدهد » لماذا تأزمت أوضاع اليمن بعد أن كانت في طريقها إلى ثورة الربيع العربي؟

لماذا تأزمت أوضاع اليمن بعد أن كانت في طريقها إلى ثورة الربيع العربي؟

في مقال رأي نشره موقع “إل مونيتور دي أورينتي”، قال الكاتب عمر محمد، إن بالإمكان تعريف الثورة بأنها الإطاحة بالقوة لحكومة أو أمر اجتماعي مرفوض على نطاق واسع، لصالح نظام جديد.

ومن الواضح أن هذا المصطلح قد تم تطبيقه بسهولة أو قبل الأوان في سلسلة من البلدان تحت عنوان ثورات الربيع العربي، التي امتدت في أجزاء من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2011.

أشار الكاتب إلى أنه يمكن اعتبار تونس، مركز بداية الربيع العربي، فضلا عن أن ثورته تعد ناجحة بعد موجة الانتفاضات المؤيدة للديمقراطية.

وعلى الرغم من أن الإطاحة التاريخية بالرئيس زين العابدين بن علي قد أدى إلى إرساء نظام ديمقراطي، إلا أن الأسس كانت دائما هشة، لأن الثورة لم تقطع نهائيا مع النظام القديم كما هو متوقع أو مرغوب فيه منذ البداية، ناهيك أن العديد من النخب السياسية احتفظت بسلطتها وامتيازاتها.

اقرأ أيضاً: ماذا يعني سقوط مأرب الغنية بالنفط بيد الحوثي؟!

يبدو أن الوضع في البلاد غير آمن، ذلك وأن البلاد تعيش أزمة سياسية منذ أن أقال الرئيس قيس سعيد رئيس الوزراء هشام المشيشي، وعلق عمل البرلمان، الأمر الذي قاد النقاد إلى اتهام سعيد “بالانقلاب على الدستور”.

ليبيا ومصر وسوريا

في ليبيا البلد المجاورة، كانت الإطاحة بمعمر القذافي شبيهة تماما بموت وسقوط نظام صدام حسين في العراق، لأنه كان تدخل عسكري قادته الولايات المتحدة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس الليبي، مما أدى إلى انهيار البلد الغني بثرواته ونشوب حرب أهلية دامت لسنوات، لكن مع توقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار في العام الماضي لخوض انتخابات مقرر إجراؤها في الشهر القادم، لا يمكن التنبؤ بانتخابات نزيهة وآمنة، ناهيك أنه هناك إمكانية للعودة إلى الصراع والقتال.

قال الكاتب إن ثورة مصر كانت ناجحة، ايضا، حيث ان الشعلة الشعبية أجبرت أخيرا حسني مبارك على التخلي عن السلطة بعد عقود، مما يمهد الطريق لأول لظهور زعيم مدني منتخب بحرية في البلاد، محمد مرسي.

ولكن سرعان ما عاشت البلد انقلابا أدى إلى تولي الجيش القيادة وواصل الحفاظ على زمام القوى بدعم من السعوديين.

حسب الكاتب، تعتبر الثورة السورية، نجحت فقط في جذب معظم انتباه المجتمع الدولي وقسم آراء مجلس الأمن الدولي. ففي الأيام الأولى خُيّل لنا أنها ثورة شبيهة بالربيع العربي، وكانت بداية الانتفاضة تسير الى انها “ثورة كغيرها”.

لكن سرعان ما توترت الأوضاع وتصاعد الصراع، ذلك وأن سوريا دولة أكثر تعقيدا مقارنة بالبلدان المذكورة أعلاه، فضلا عن انها بلد تعيش فيه عديد من الطوائف، مما زاد الأمر سواء.

أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية

وبعد تونس ومصر، وصلت العدوى إلى اليمن، أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية والتي عاشت على الرغم من الاضطرابات المختلفة، فترة طويلة من الاستقرار النسبي في ظل رئاسة علي عبد الله صالح الذي حكم لأكثر من 30 سنة.

انطلقت أول مظاهرات الثورة اليمنية من جامعة العاصمة صنعاء في 27 كانون الثاني/يناير عام 2011، لتعم الاحتجاجات بعدها كل مدن البلاد.

وتردد شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” في جميع مناطق اليمن، ليتمكن المحتجون بعد 11 شهرا من إسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي استمر أكثر من 30 عاما.

وبعد عشر سنوات من بدء الثورة، يبدو اليمن بعيدا عن تحقيق مطالب الشعب الذي خرج مطالبا بالتغيير، إذ يعيش حربا لا تبدو لها نهاية في الأفق، منذ سيطرة الحوثيين على الحكم عام 2014، كما يعاني سكان البلاد من المجاعة والفقر.

كان اليمن من أوائل الدول التي وصلتها رياح الربيع العربي في العام 2011، لكن بعد عشر سنوات على هتاف المواطنين مطالبين بإسقاط سلطة حكمتهم لعقود بيد من حديد، يغرق البلد الفقير في مستنقع حرب دامية دفعته إلى حافة المجاعة.

صراع دامي على السلطة

لكن بعد عقد من الزمن، يشهد اليمن صراعا داميا على السلطة اندلع في 2014 حين سيطر الحوثيون المقربون من إيران على العاصمة، في إطار حملة عسكرية فتحت أمامهم الطريق للسيطرة على مناطق شاسعة في جنوب وغرب البلاد.

وعجزت الحكومة عن صد الحوثيين الذين تحالفوا مع صالح بعد تحييده عن الرئاسة، فاستعانت السلطة بتحالف عسكري تقوده السعودية منذ آذار/مارس 2015، ما أدى إلى تفاقم النزاع ومقتل وإصابة عشرات آلاف الأشخاص.

واليوم، يشهد اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، ويواجه ملايين من سكانه خطر المجاعة، وقد دمر اقتصاده وقطاعاته التربوية والصحية وغيرها، فيما يواصل الحوثيون محاولتهم التقدم نحو مناطق جديد

الثورة ليست مثالية على الإطلاق

يرى الكاتب، أن الثورة ليست مثالية على الإطلاق أو لديها دعم واسع النطاق في جميع أنحاء البلاد، ناهيك أن القمع ضد جرائم المعارضة والحرب المرتكبة موثقة جيدا.

في الحقيقة، إنها تعتبر ثورة غير مكتملة، بمعنى أن الجنوب متنازع بالفعل بين القوات التي تدعمها المملكة العربية السعودية التي تقاتل نيابة عن حكومة هادي ومجلس الانتقال الجنوبي بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة بشأن مدينة عدن الساحلية، التي تهدف إلى أن تكون عاصمة مؤقتة لحكومة هادي.

ومع ذلك، قررت القوات المشتركة للجيش الهوتي عزمها على العودة إلى “عدن” وبقية البلد، على الرغم من هدفها المباشر هو المعقل غير المقيد الذي يظل في الشمال، مبوب.

في المقابل، لا يزال التهديد مستمر لخلايا تنظيم القاعدة وداعش أيضا، والتي ستظل تحديا كبيرا بالنسبة للأمن في المستقبل القريب.

لفت الكاتب إلى أنه يمكن وصف سلطات صنعاء بأنها محاذية بوضوح لإيران وحلفائها الإقليميين، بعد عقود من الخضوع للسعودية.

محاولة تعزيز الثورة في دول أخرى

وأوضح البروفيسور الراحل فريد هاليداي، المتخصص في العلاقات الدولية والشرق الأوسط، أن “جميع الدول الثورية، دون استثناء تقريبا، حاولت تعزيز الثورة في دول أخرى.

لا يقترح التحدي المطروح على النظام الدولي شكلا جديدا من الدبلوماسية أو العلاقات الدولية الرائدة بطريقة مختلفة، ولكن القيام به يتطلّب تغيير العلاقات الاجتماعية والسياسية في الدول الأخرى كجزء مهم في السياسة الخارجية “.

ختم الكاتب بالقول بأنه لا حل للأزمة اليمنية سوى بإنهاء انقلاب الحوثيين في الشمال، والانتقالي الجنوبي في الجنوب واستعادة الدولة والعاصمة صنعاء كخطوة أولى، ومن ثم البدء بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي اتفق عليها جميع اليمنيين سياسيين بما فيهم المواطنين بما يكفل إجراء انتخابات ديمقراطية رئاسية ونيابية ومحلية وتسليم السلطة للأيادي الأمينة.

(المصدر: الكونفيدينسيال – ترجمة وتحرير وطن)

«تابعنا عبر قناتنا في  YOUTUBE»

 

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.