الرئيسية » الهدهد » تقرير: بوصلة انتظار في الصراع بين الجزائر والمغرب

تقرير: بوصلة انتظار في الصراع بين الجزائر والمغرب

انتقلت الأزمة الطويلة بين الجزائر والمغرب حول الصحراء الغربية، إلى مرحلة ترقّب وترصّد، لاسيما بعد الأحداث المأساوية الأخيرة.

حرب لحسم الصراع!

ويشير بعض المحلّلين إلى أن تكرار مثل هذه الأحداث العنيفة، يفيد بأن الرباط تسعى إلى شن حرب من شأنها أن تحسم الصراع بشكل نهائي لصالحها. وذلك بعد نصف قرن تقريبًا من انسحاب إسبانيا من المستعمرة السابقة.

نشرت صحيفة “إل بوبليكو” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن استياء دول على غرار، موريتانيا وإسبانيا، بشأن ووصول الأزمة بين الجزائر والمغرب إلى أقصى الحدود.

وعلى الرغم من أن العلاقات متدهورة منذ وقت ليس ببعيد، إلا أنها حاليا، تفاقمت بسبب واقعة 1 نوفمبر الماضي.

تلك الواقعة التي قُتل فيها ثلاثة جزائريين على ما يبدو في هجوم من قبل القوات المغربية.

وحسب ما ترجمته “وطن”، لا المفوضية الأوروبية ولا أي دولة أخرى في الاتحاد أبدت أي تعليق أو صرّحت بخطورة الأحداث الأخيرة.

وذلك بالرغم من تأزم الأوضاع بشكل عميق، خاصة وقد تتسبّب شرارة أخرى في نزاع مسلح بين البلدين على حدودهما.

كما ينطبق ذات التصرف أيضًا على الولايات المتحدة وسياستها الكارثية في الشرق الأوسط.

سياسة الصمت

من الواضح أيضا أن الرباط كان صامتا بشأن ما نسب له، وهو موقف ليس جديدا لأن المغاربة، عادة ما يخلقون التوترات ثم يغلقون أفواههم.

وما يعزز فكرة أنهم أشعلوا نيران غضب الجزائريين عمدا،  أنهم تبنوا ذات الصمت الرسمي عند أزمة المهاجرين في سبتة الصيف الماضي.

بالإضافة إلى الاشتباك الأخير مع ألمانيا بشأن الصحراء الغربية، وحتى عندما دعت روسيا وفدا من جبهة البوليساريو إلى موسكو قبل أسابيع قليلة فقط من الحادثة.

على المستوى العالمي، لم تتحدث سوى الجزائر عن الحادثة الأخيرة.

هل تريد المغرب جر الجزائر لحرب؟

وعلى الرغم من أن الرباط والأوروبيين والأمريكيين ليس لديهم ما يقولونه بشأن ما حدث، فمن المحتمل أن يكون من الخطأ التزام الصمت وإخفاء المشاكل.

وفي الواقع، ليس هذا الحادث الأول، الذي يتسبب فيه المغرب، ويعكس تصاعد التدهور بين البلدين، الأمر الذي لا يبشر بالخير إذا استمرا في نفس الاتجاه.

اقرأ أيضا: أزمة برلمانية بين المغرب والجزائر بعد تحرك البرلمان الجزائري من تحت الطاولة ضد الرباط

في سياق متصل، تتساءل بعض وسائل الإعلام عما إذا كان المغرب يريد جر الجزائر إلى حرب.

وذلك قبل وصول الدبلوماسي الشمالي المخضرم ستافان دي ميستورا إلى المغرب العربي. والذي عينه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، للتفاوض مع الأطراف المعنية بالنزاع الصحراوي.

ويعتقد آخرون أن رد الجزائر سيتكون من تعزيز جبهة البوليساريو عسكريا، خاصة عندما تتضاعف الاعتداءات المغربية.

طائرات بدون طيار

هذا خيار سيفكّرون فيه بالتأكيد في الجزائر العاصمة.

وربما تلجأ الجزائر إلى توفير طائرات بدون طيار لتعزيز جبهة البوليساريو لمواجهة استخدام الطائرات المغربية بدون طيار.

عموما، على الرغم من أنه من البديهي أن تقيس الجزائر رد فعلها، إلا أنه من الصحيح أن “للصبر حدود”.

من جانبه، حذر الوزير الجزائري السابق محمد ولد أمين هذا الأسبوع في مدونته من خطر اندلاع حرب بين البلدين.

ولفت في تحليله، أنه “إذا اندلعت حرب، فإن فرنسا ستقف إلى جانب المغرب وإسبانيا إلى جانب الجزائر. وسيتم تقسيم الأوروبيين إلى مجموعتين حتى تكون الحرب جادة وطويلة الأمد”.

ولإكمال التحليل بشكل جيد، لا يمكن أن نستخلص من صمت الاتحاد الأوروبي،  الكيان متعدد الدول،  إلا أنه هيكل محدود وغير قادر على توحيد القوى أو إنشاء سياسة مشتركة قائمة على العدالة.

فعلى سبيل المثال، ظلت باريس، لسنوات متورطة في أزمة طويلة مع الجزائر بسبب الفترة الاستعمارية التي لم تتمكن فرنسا بكل نفوذها  من معالجة قضاياها، ولا تهتم إلا بمصالحها الضيقة.

جبهة البوليساريو

وبحسب هيئة إحصاء الرباط، هاجمت جبهة البوليساريو وحدات عسكرية مغربية أكثر من ألف مرة في العام الماضي، رغم أن الصحراويين يقولون إن العدد أعلى من ذلك بكثير.

وتقول “The Economist”، إن جبهة البوليساريو ربما تروج لحرب بين الجزائر والمغرب. لأنها لا ترى أي طريقة أخرى لإجبار المغرب على الانسحاب من الصحراء نهائيا.

تجدر الإشارة إلى أن  الصراع على الصحراء الغربية، التي يبلغ طولها 2700 كيلومتر، يعتبر الأطول في العالم في العصر الحديث.

وهي عمليا “حدود” يجد المغرب صعوبة في مراقبتها، وحتى يتمكن من السعي لوضع حد له على وجه السرعة، سيسْعى بشتى الطرق لتحييد الجزائر.

تأثير جو بايدن

في أغسطس / آب، علقت الجزائر العلاقات مع الرباط، وبعد ذلك بوقت قصير أوقفت تزويد المغرب بالغاز عبر خط أنابيب غاز يمتد إلى إسبانيا.

يشار إلى أن هذا الإجراء من شأنه أن يخلق مشاكل العرض في إسبانيا.

من جانبها، أصبحت إدارة جو بايدن أكثر تَرامبية مما كان متوقعًا.

في عام 2020، أجبر دونالد ترامب المغرب على الاعتراف بإسرائيل مقابل اعتراف واشنطن وإسرائيل بالسيادة المغربية على الصحراء.

في المقابل، توقع الكثيرون أن بوصول جو بايدن للبيت الأبيض،  يمكن أن يغير مساعي المغرب وقرارات ترامب الجنونية، إلا أنه لم  يفعل شيئا.

اقرأ أيضا: القشة التي قسمت ظهر البعير.. تقرير يكشف ما وراء الكواليس بأزمة المغرب والجزائر

ناهيك أن الأمريكيون، شاركوا العام الماضي في تدريبات عسكرية كبيرة  في المغرب، الأمر الذي شجع محمد السادس أكثر.

عراقيل متعمدة

يُذكر أنه بعد ثلاثة عقود من الاحتلال، اتفق المغرب وجبهة البوليساريو في عام 1991 على إجراء استفتاء تحت رعاية الأمم المتحدة.

لكن المغرب يتعمد تَأخيره بوضع العراقيل. ولم يجر الاستفتاء وربما لن يحدث، الأمر الذي يضع مزيدًا من الضغط على جبهة البوليساريو.

إن جبهة البوليساريو، التي تحظى بدعم الجزائر التي تدافع عن فكرة أن الصحراويين هم من يجب أن يختاروا مستقبلهم.

ولا تقبل الجبهة اقتراح الرباط بمنح الحكم الذاتي للصحراء، وأعلنت أخيرا تم تجاهل قرار وقف إطلاق النار.

وفي الوقت الراهن، يسيطر المغرب على ما يقرب من 80 بالمئة من الأراضي الصحراوية.

بينما تهيمن جبهة البوليساريو على 20 بالمئة فقط من الأراضي المتبقية.

إسرائيل والعلاقة بين الجزائر والمغرب

لطالما كانت العلاقة بين الجزائر والمغرب معقدة، حيث يتهم الجزائريون المغاربة بالترويج للحركة الإسلامية العنيفة في بلادهم، وليست هذه هي المرة الأولى التي يغلق فيها البلدان الحدود المشتركة بينهما  لسبب أو لآخر.

من جهة أخرى، تلعب إسرائيل، أوراقها علانية أو سرا في جميع الصراعات في الشرق الأوسط. حيث وقفت رسميا إلى جانب المغرب.

زيادة على ذلك، قبل بضعة أشهر فقط، تبيّن أن المغاربة كانوا يتجسسون على هواتف كبار المسؤولين الجزائريين باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية.

هذا الأمر أدى إلى تفاقم الصراع المغاربي وإثارة المزيد من التشاؤم بشأن المستقبل.

 

«شاهد كل جديد عبر قناتنا في  YOUTUBE»

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.