الرئيسية » تقارير » لبنان .. لن يخرج من أزمته العميقة وشبح الحرب الأهلية يطارد أرْزته!

لبنان .. لن يخرج من أزمته العميقة وشبح الحرب الأهلية يطارد أرْزته!

نشر موقع “إنفو با إي” الأرجنتيني، تقريرا سلط من خلاله الضوء على نتائج الحروب، التي تكون عادة وخيمة وكارثية، تستمر مع مرور الوقت. معتبرا أن لبنان مثلا، عانى من حرب أهلية مدمرة بين عامي 1975 و 1990. ولكن لم يكن أحد يتوقع إمكانية عودة ذكرى الرعب إلى نفوس اللبنانيين.

لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فبعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، والذي أودى بحياة 216 شخصًا وجرح أكثر من 6 آلاف آخرين، تأزمت الأوضاع أكثر وتصاعدت المواجهات الطائفية.

قال الموقع في تقرير ترجمته “وطن“، إن الحدث كان مؤلمًا للغاية، حيث ضاعف الانهيار الاقتصادي، بصفة غير مسبوقة، ناهيك أنه تسبب في تفاقم الاشتباكات المسلحة في الشوارع.

في الوقت الراهن يعاني اللبنانيون من زيادة الاضطرابات النفسية ونقص الأدوية اللازمة لمعالجة تزايد الحالات، بناء على تصريحات الطبيبة النفسية الدكتورة جوسلين عازار من مستشفى دير الصليب في بيروت.

وقالت “إننا نعاني من أزمة اقتصادية، بالإضافة إلى تضاعف عدد حالات كوفيد-19. لقد تراكمت المصائب شيئا فشيئا، والآن نجني ثمار هذا كله، حيث يعاني اللبنانيون من مشكلة صحية نفسية خطيرة”.

تعمل الطبيبة أزار بالتنسيق مع المنظمة الإنسانية Direct Relief، والتي أبلغت عن زيادة هائلة في حالات القلق والاكتئاب الأقل حدة. ولكن أيضًا في الحالات الأكثر خطورة مثل الفصام.

من جانبه، قال وسيم كبارة من فريق العمل الأمريكي من أجل لبنان في نفس التقرير، “إن المكالمات الهاتفية، التي نتلقاها من خلال الخط الساخن الذي خصص لمحاربة ظاهرة الانتحار في لبنان، ارتفعت بشكل لا يصدق”.

“عاصفة كاملة”

لقد أدى اندلاع الاقتتال الطائفي المفاجئ في 14 أكتوبر / تشرين الأول في بيروت إلى خلق “عاصفة كاملة”.

كل شيء حدث كان يشير إلى إمكانية اندلاع حرب أهلية جديدة.

بيد ان اللبنانيين، لا يمتلكون ذات القدرة والقوة أو القناعات التي أظْهروها في تلك السنوات الخمس عشرة من المواجهة. لعيش نفس اللحظات المدمرة والقاتلة حاليا، هم مستنزَفون عاطفيا. ناهيك أنه لا يبدو أن هناك مخرجًا للأزمة في المستقبل القريب.

في ذات السياق، إن أحد الأسباب العديدة التي جعلت الاشتباكات تحظى بمثل هذه الأهمية الكبيرة هو مكان وقوعها.

كانت ضاحية عين الرمانة المسيحية، الواقعة في الركن الجنوبي الشرقي من بيروت. وهو المكان الذي اندلعت فيه الحرب الأهلية في نيسان / أبريل 1975، بعد سلسلة من الحوادث التي بلغت ذروتها، بعد إطلاق النار من قبل مسلحين مسيحيين على حافلة محملة بالفلسطينيين. ما أدى إلى مقتل أكثر من 20 شخصا.

على مدى السنوات الخمس عشرة التالية، كانت عين الرمانة على الخطوط الأمامية لحرب أهلية دائمة التغير، ضد ضاحية الشياح المجاورة ذات الأغلبية الشيعية.

ومن الشياح أشعلت مجموعة من المتظاهرين الشيعة الاشتباكات في 14 تشرين الأول (أكتوبر) باقتحام عين الرمانة مرددين شعار طائفي بسيط ومدمّر: “شيعة، شيعة، شيعة!”

يذكر أن السبعة الذين قتلوا في الاشتباك هم من الشيعة أيضا، بعضهم من جماعة حزب الله المدعومة من إيران وحركة أمل المتحالفة معها. وأثار الحادث تبادل عنيف للاتهامات والنفي بين التحالف الشيعي وحزب القوات اللبنانية المسيحي.

حرب أهلية

في هذا السياق، اتهم زعيم حزب الله حسن نصر الله  حزب القوات بإرسال قناصين لإطلاق النار من فوق أسطح المنازل في محاولة لإشعال حرب أهلية قال فيها حزب الله “لن ننجرف”.

على الرغم من أنه ذكر أن لديه 100 ألف مقاتل على استعداد لهزيمة أي خصم.

ورد سمير جعجع بأن حزبه ليس لديه ميليشيا خاصة به ولا يسعى للحرب.

كما اتهم حزبَ الله بمحاولة التستر على مسؤوليته في الانفجار الكبير الذي وقع في مرفأ بيروت، وأنه ضغط لإبعاد القاضي عن القضية. وهو ما أشعل فتيل المظاهرة الشيعية.

بلغ التوتر في لبنان منتهاه. خلال الاشتباكات في عين الرمانة، خشي السنّة في المناطق المجاورة والمسيحيون في منطقة الأشرفية شرق بيروت، من إعادة سيناريو “7 مايو/أيار”.

كان ذلك التاريخ هو اليوم الذي هاجم فيه مقاتلو حزب الله الغرب في عام 2008، لسحق المعارضين السنة والدروز.

وقال مصدر عسكري لمراسل بي بي سي المخضرم جيم موير، “لو كان القتال قد شارك فيه سنة وليس مسيحيين. لكانت المشاكل قد اندلعت في جميع أنحاء البلاد في غضون ساعة. كما أن حالة التوتر بين الطوائف، وصلت إلى أقصى حد، وهكذا ستكون المواجهة مع حزب الله هي القشة التي قصمت ظهر البعير”.

من جانبه، أضاف سياسي مسيحي مخضرم آخر: “لا أرى حربًا أهلية في الأفق، لكنها ستندلع، اولا سيسبق الحرب المزيد من الحوادث. تماما كما بدأت في عام 1975، يكمن المشكل في كيفية إيقاف النزاعات الحالية؟.

عناصر جيوسياسية مختلفة 

في سياق متصل، هناك عناصر جيوسياسية مختلفة الآن مقارنة بما حدث قبل 46 عامًا.

آنذاك أرادت الفصائل المسيحية اليمينية (التي أصبحت فيما بعد حزب القوات) تدمير سلطة منظمة التحرير الفلسطينية والدولة داخل الدولة التي أقامتها بعد الترحيب بها كلاجئين.

بيد أنهم لم يتمكنوا من القيام بذلك بمفردهم، لذلك أشركوا سوريا في البداية، في عام 1976، ثم إسرائيل لمساعدتهم.

وانتهت بالغزو الإسرائيلي عام 1982 الذي أطاح بياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية.

والآن حزب القوات دولة أخرى داخل الدولة، هذه المرة يتمثل في حزب الله، والذي خرج أقوى بعد الحرب. وكان الفصيل الوحيد المسموح له بالاحتفاظ بالسلاح بموجب اتفاق الطائف للسلام عام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية، بسبب دوره “كمدافع عن لبنان ضد إسرائيل”.

منذ ذلك الحين قام ببناء ميليشيا ذات خبرة قتالية كبيرة في الحرب السورية الآن والتي لعب فيها دور البطولة ضد إسرائيل.

كما قام بتكوين شبكة كبيرة من الخدمات الاجتماعية والمستشفيات وغيرها من الهياكل لمجتمعه.

وفوق كل شيء، تقف إلى جانبه إيران وتستجيب لطموحاته الإقليمية.

وهذا يجعل لبنان دائما وأبدا جبهة مفتوحة للحرب بين السنة والشيعة.

ويواجه حزب الله، وهو شيعي تموله إيران، حزب القوات الذي يتلقى مساهمات مهمة من المملكة العربية السعودية السنية. والتي بدورها حليف للولايات المتحدة.

وقال كاتب عمود في جريدة الأنوار: “الإيرانيون والأمريكيون يقاتلون بعضهم البعض في أراضي لبنان والعراق واليمن”.

دولة فاشلة محتملة

في خضم أزمة اقتصادية غير مسبوقة، صعد نجم قطاع الاتصالات الملياردير نجيب ميقاتي كرئيس جديد للوزراء في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد أشهر من الخلافات حول توزيع السلطة في البلاد.

وهذا الأمر بالكاد يبعث الثقة في قدرة الحكومة الجديدة على التغلب على مشاكل لبنان.

علما وأن نقص الوقود، جراء أزمة العملة التي أفلست بسببها البلاد فعليًا، ليس إلا مجرد حلقة أخرى من سلسلة المشاكل الأوسع نطاقا التي قادت البنك الدولي إلى تصنيف الأوضاع في بيروت “كأخطر أزمة في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر “.

من جهته، أجرى مجلس العلاقات الخارجية تقييما للوضع وأعلن أن لبنان قد استوفى بالفعل جميع المعايير لتسميته “دولة فاشلة محتملة”.

وتبين أن 75 بالمئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر. وكذلك 1.7 مليون لاجئ سوري وضعهم أسوأ من وضع المواطنين اللبنانيين.

ناهيك أن انقطاع الكهرباء يستغرق مدة 22 ساعة في اليوم، ودين لبنان العام بلغ 175 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

هذا وليس لليرة اللبنانية أي قيمة عمليا في الوقت الراهن. فقد تراجعت قيمتها بنسبة 90 بالمئة مقابل الدولار في العام الماضي.

علاوة على ذلك، تجاوزت الزيادة في الأسعار نسبة 400 بالمئة وأصبحت السلع الأساسية بعيدة المنال بالفعل بالنسبة لمعظم الناس.

بالإضافة إلى ذلك، انكمش الاقتصاد اللبناني أكثر من 20 بالمئة في 2020. وبالطبع بسبب استفحال الفساد داخل مؤسسات الدولة.

في مؤشر مدركات الفساد العالمي، المعترف به عالميا، باعتباره التقييم الأكثر موثوقية في هذا المجال. يحتل لبنان المرتبة 137 من قائمة 180 دولة ينخر الفساد مؤسساتها العامة. ويحتل المرتبة إلى جانب روسيا وبابوا غينيا الجديدة وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

لبنان أرض خصبة للحروب

لطالما، كانت لبنان أرض خصبة للحروب. لكن في الوقت الراهن هناك ما يعيق اندلاع الحرب، وهنا يلعب حزب الله، دورا مهما وحاسما بما أنه يمثل أهم قوة يمكن أن تنتصر في صراع لبنان الداخلي.

لكن كل هذا يمكن أن يؤدي إلى حرب جديدة تستمر لعقود، حيث سيواجه ليس فقط المسيحيين، ولكن أيضًا السنة وربما الدروز أيضًا.

غزو ​​المناطق المسيحية من شأنه أن يقضي على تحالف حزب الله مع خصوم جعجع المسيحيين، بالإضافة إلى التيار الوطني الحر للرئيس ميشال عون وصهره القوي جبران باسيل.

اقرأ أيضاً: السعودية تنتقم لنفسها من جورج قرداحي من كلّ لبنان بقرارات “ثقيلة”

في هذا الشأن، قال أحد كبار المحاربين القدماء في الحرب الأهلية المسيحية لمراسل بي بي سي “لا يوجد حل في لبنان يتضمن القضاء على حزب الله. إلا من خلال حرب شاملة لا يستطيع اللبنانيون القيام بها”.

وتابع، “حزب الله موجود وعلينا أن نتعايش معه. أفضل رهان هو تعظيم الجيش اللبناني وتعزيز المعارضة لحزب الله في البرلمان. وينبغي علينا أن نتكيف مع الحل الوسط السياسي “.

وختم التقرير بالقول: ستجرى انتخابات برلمانية حاسمة في 27 مارس 2022، فضلا عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لمحاولة حل أعباء الديون، التي قد تبدأ في نوفمبر الجاري. إنه أيضًا السياق الأهم. لا سيما أن اللبنانيون يعيشون في خضم ظروف لا توصف ويعانون فيه من عواقب وخيمة على صحتهم النفسية.

«تابع آخر الأخبار عبر: Google news»

«وشاهد كل جديد عبر قناتنا في  YOUTUBE»

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.