الرئيسية » تقارير » تمَوقع قطر في قلب العملية الدبلوماسية الأفغانية.. هل هو علاقة ودية أم أسلوب للسيطرة على ثروات المنطقة؟

تمَوقع قطر في قلب العملية الدبلوماسية الأفغانية.. هل هو علاقة ودية أم أسلوب للسيطرة على ثروات المنطقة؟

وطن- دفاعا عن مصالحها، لا تزال قطر حليفا رئيسيا لحركة طالبان، كما أنها أصبحت نقطة عبور إلزامية بالنسبة لجميع البلدان المهتمة بالمسألة الأفغانية.

وتميزت بداية الجلسة الجديدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتطرق إلى العديد من القضايا الحالية، مثل جائحة فيروس كورونا و أزمة المناخ.

كما كانت أفغانستان موضع نقاش مهم أيضا، بسبب الوضع الحالي والأحداث الأخيرة، وهي قضية كانت حاضرة جدًا في الخطابات والمناقشات الأولى، في هذه المرحلة الجديدة التي افتتحتها الأمم المتحدة.

في الحقيقة، تم ذكر أفغانستان بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل معظم قادة العالم الرئيسيين. وبينما لمح رجب طيب أردوغان إلى وضع اللاجئين الأفغان مشيرا إلى أحوال الهجرة المتردية في تركيا، تحدث جو بايدن عن افتتاح حقبة جديدة من الدبلوماسية، بعد إنهاء فترة حرب لا يمكن إيقافها. وفق تقرير مجلة “Atalayar“الاسبانية المرموقة

وأشار إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الجديد، إلى أوضاع أفغانستان الحالية موجها أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة.

أمير قطر والوضع في أفغانستان

من ناحية أخرى، خاطب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، جميع ممثلي العالم للتحدث بشكل مباشر عن المشهد الأفغاني الحالي. وقال آل ثاني في هذا السياق،  “من الضروري أن تفي الأطراف الدولية بالتزاماتها”.

وأكد أيضا أنه “بالتنسيق مع شركائنا الدوليين، سنواصل بذل كل ما يلزم لضمان الحفاظ على المكاسب الملموسة التي تحققت في إطار مسار الدوحة”. حسب ترجمة “وطن”.

قطر وأفغانستان
قطر وأفغانستان

يُذكر أن قطر، كان لها دورا مركزيا، في المفاوضات الأخيرة بين الولايات المتحدة وطالبان، التي توجت باتفاق الدوحة، الذي انسحبت بموجبه القوات الأجنبية، مقابل قطع طالبان علاقتَها بالمجموعات الإرهابية. علاوة على ذلك، خدمت قطر، حركة طالبان كقاعدة دبلوماسية.

هذا وحث أمير البلاد المجتمع الدولي على الدخول في حوار مع طالبان. وقال “إن مقاطعتها لن تؤدي إلا إلى الاستقطاب وردود الفعل، في حين أن الحوار يمكن أن يكون مثمرا”. ودعا أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى فصل المعونة الإنسانية عن “الخلافات السياسية”.

واستغل آل ثاني تدخله للإشارة إلى انسحاب الولايات المتحدة من البلاد، وقال في هذا الصدد،  “إنها ليست مسألة انتصار أو هزيمة، بل مسألة استحالة استيراد نظام سياسي”.

وأضاف أنه “بصرف النظر عن النوايا أو الجهود المبذولة أو الأموال المستثمرة، فإن هذه التجربة قد انهارت بعد 20 عاما”. وفي ذات السياق، شدد الشيخ على عدم تكرار أخطاء الماضي في أفغانستان، لفرض نظام سياسي من الخارج.

ليست هذه هي المرة الأولى، التي تقترح فيها الأمم المتحدة إجراء محادثات مع حركة طالبان. ومؤخرا أكد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أن الحوار مع طالبان ضروري الآن أكثر من أي وقت مضى، لتجنب انهيار الاقتصاد الأفغاني.

ماذا وراء ارتباط الدوحة بحركة طالبان

في عام 2013، سمحت قطر لطالبان بفتح مكتب لها في الدوحة، وهو أمر رحب به الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما. وكان الديمقراطي، الذي تعهد بطرد القاعدة من أفغانستان، يسعى للتفاوض مع طالبان لوضع خطة انسحاب من البلاد.

لطالما كانت العلاقة بين قطر وطالبان، على الرغم من حقيقة أن الغرب قد استفاد منها، محل انتقاد القوى الغربية والشرق أوسطية الدوحة، بسبب علاقاتها الوثيقة بالمتطرفين، بل وذهبت إلى حد اتهامها “بالترويج للإرهاب”. من جانبها، دأبت السلطات القطرية على نفي هذه الاتهامات.

علاوة على ذلك، سهلت العلاقات الطيبة بين الدوحة وكابول، عمليات الإجلاء، وهي حقيقة اعترفت بها دول عديدة. وفي هذا الخصوص، شكر زلماي جليل زاد، المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان، الحكومة القطرية على مساعدتها في تسيير رحلات دولية من مطار كابول. كما أشار خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، إلى دعم قطر عملية ترحيل جميع المتعاونين من أفغانستان.

قيادات طالبان في قطر
قيادات طالبان في قطر

من جانبها، تقول دينا اسفندياري، الخبيرة في منظمة  مجموعة الأزمات الدولية، غير الحكومية، لبي بي سي: “لم يتمكن أحد من تنفيذ عملية إخلاء كبيرة، دون مشاركة القطريين بطريقة أو بأخرى”.

لم تعلق قطر علاقاتها مع أفغانستان بعد صعود المتمردين إلى السلطة، كما فعلت العديد من الدول. في الواقع، كان الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، أول دبلوماسي أجنبي كبير يزور أفغانستان بعد استيلاء طالبان على كابول.

كما تظل القوى الأخرى مثل تركيا أو روسيا، على نفس مسار قطر، وقد اختارت الحفاظ على وجودها الدبلوماسي في كابول.

مصالح قطر الإقليمية والدولية

أحد الأهداف الرئيسية للدوحة، هو الحصول على نقلة نوعية، على مستوى العلاقات الإقليمية والدولية، وذلك لمواجهة التأثير الكبير للدول الأخرى ذات الصلة في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية أو إيران.

كما أوضح جويدو شتاينبرغ، المحلل في مؤسسة العلوم والسياسة الألمانية، لوسائل الإعلام DW، “لقد قدمت قطر نفسها كوسيط في السياسة الإقليمية، لما يقارب من عقدين من الزمن. إنها تفعل ذلك أساسًا لأنها تريد تحسين موقعها الإقليمي”.

اللاجئين الافغان
اللاجئين الافغان

بالإضافة إلى سعيها لتحسين وضعها، فإن قطر لديها مصالح أخرى في أفغانستان. تمتلك الدولة الآسيوية كمية كبيرة من الموارد الطبيعية، مثل الغاز والنفط والحديد والنحاس والرخام والأحجار الكريمة. وبالمثل، يجدر تسليط الضوء على الاحتياطيات الكبيرة من الليثيوم والكوبالت، والمواد الرئيسية لتصنيع التكنولوجيا، والتي تتنافس عليها الصين أيضا.

وقد تكون هذه الثروة، التي تقدر بثلاثة تريليونات دولار أميركي ، سببا آخر وراء رغبة الدوحة في الحفاظ على علاقاتها مع طالبان وتعزيزها.

بيد أن بلدانا أخرى مثل الصين وتركيا تنظر بطموح إلى هذا الكنز الأفغاني العظيم. ومن ناحية أخرى، تمثل هذه الموارد القيّمة إغراءً كبيرا، للقوى الدولية التي ترفض التفاوض مع الطالبان لعدم احترامها لحقوق الإنسان.

ختاما، إذا تمكن الإسلاميون من إقامة علاقات تجارية مع بلدان أخرى، فإن قطر قد تستفيد أيضا. وعندئذ ستكون الدوحة جسر العبور الرئيسي للاستثمار الدولي في أفغانستان.

وللقيام بذلك، يتعين على طالبان أن تَظهَر أكثر اعتدالا، وهو أمر كانوا يحاولون القيام به منذ بعض الوقت من خلال الحملات الدعائية على وسائل الإعلام الاجتماعية، وعلى الرغم من هذه الجهود، إلا أن الصحفيين والناشطين، أكدوا أن حركة طالبان، لم تغّير في سياساتها منذ تسعينات القرن الماضي.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.