الرئيسية » الهدهد » “ريبيليون”: الاضطرابات في المغرب العربي تصل إلى الخليج ولكن كيف ؟

“ريبيليون”: الاضطرابات في المغرب العربي تصل إلى الخليج ولكن كيف ؟

وطن- تحدث تقرير اسباني، عن الاضطرابات الدبلوماسية، التي عاشتها منطقة شمال إفريقيا مؤخراً، بالإضافة إلى العديد من المناورات المتوقعة في المنطقة خاصة ما يجري في ليبيا وتونس والمغرب وعلاقة الأمر بالخليج العربي.

وقال موقع “ريبيليون” الإسباني إن اتفاقية وقف إطلاق النار في ليبيا، لا تؤكد بالضرورة فرضية عودة الاستقرار والسلام في البلاد. وبالإضافة إلى أن عملية تجميد البرلمان وتوقف العملية السياسية في تونس وانهيار العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، أكدت بأن منطقة شمال أفريقيا تمر بأصعب ظروفها السياسية.

تونس: نحو تأكيد الانقلاب

في الحقيقة، تأكدت المخاوف الأولية بشأن الطبيعة الحقيقية للقرار الرئاسي، بتَعليق عمل البرلمان وتغيير رئيس الحكومة والوزارات الرئيسية.

ففي البداية، استند قيس سعيد على ذريعة أن هناك “خطر وشيك”، يهدد الأمن القومي، كمبرر لأفعاله وأكد أن الإجراءات يمكن أن يتم التمديد فيه لمدة شهر واحد حسب الظروف، لكن منذ تعليق عمل البرلمان إلى حد هذه الساعة، لم يعد هناك أي أساس قانوني لتغيير التوازن الدستوري، حيث بات الرئيس التونسي يضطلع  بكل السلطات السياسية في البلاد.

وحاليا تعيش تونس في بوصلة من عدم اليقين، بالإضافة إلى الحد من بعض الحريات، التي كانت أساسية في وقت ما بعد ثورة الربيع العربي، فضلا عن أن رئيس الجمهورية، يعتمد على تأييد شعبي كبير وواضح من غالبية السكان.

كما لم ينجح حزب النهضة الإسلامي، الأكثر عددًا من حيث الأصوات، في حشد السكان ضد الرئيس، الذي يعتمد بهدوء على الجيش الوطني، علما وأنها المرة الأولى منذ الاستقلال، في عام 1956، التي يلعب فيها الجيش دورا قياديا في السياسة التونسية.

الجزائر والمغرب: انهيار العلاقات الديبلوماسية

لم يكن انهيار العلاقات الدبلوماسية في الرباط والجزائر مفاجأة، حيث أن النزاع التقليدي بين البلدين اللذين يتنافسان تاريخيًا، على الهيمنة في المنطقة، قد تفاقم في الأشهر الأخيرة حيث ضاعفت الأزمات السياسية القديمة (الصحراء الغربية) مع الأزمات الجديدة،  من تعقيد الصراع  بشكل كبير وغير متوقع.

يكمن السبب، الذي ساهم في تعقيد العلاقات أكثر، في إعلان السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، دعم تقرير المصير لمنطقة القبائل الواقعة شمال الجزائر والتي تمتد أيضًا إلى المغرب.

المغرب والجزائر
المغرب والجزائر

وهذا ما جعل الجزائر العاصمة غاضبة، خاصة أنه منذ أيام قليلة، تحدث الملك محمد السادس بجدية عن تحسين العلاقات مع الجزائر.

بالإضافة إلى انتشار شبهة الازدواجية المغربية في المكاتب الجزائرية، التي أدت إلى اتهام المغرب بتمويل حركة تحرير القبائل، وهي منظمة جزائرية سرية.

“تعتقد الجزائر العاصمة أن الرباط استخدمت شركة بيغاسوس الإسرائيلية للتجسس على العديد من السلطات الجزائرية”

لطالما كان بين الجزائر والمغرب، ثقة ضعيفة وتقهقرت الآن بشكل خطير، عندما أصبح معروفًا أن المغرب كانت أحد عملاء شركة “Pegasus”، الإسرائيلية التي وفرت وسائل التجسس الإلكتروني. وهذا ما جعل الجزائر تعتقد أن الرباط استخدمت هذه الأداة للتجسس، على العديد من مؤسسات الدولة الجزائرية.

ومن هنا، تراكمت بعض الأزمات الاخرى، وذهبت الجزائر إلى حد تحميل الرباط مسؤولية إشعال الحرائق، التي اجتاحت مناطق معينة من البلاد هذا الصيف.

في سياق متصل، تعرض هذه الأزمة الدبلوماسية للخطر، اتفاقية الغاز بين البلدين (تصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا وأوروبا عبر المغرب)، والتي سَينبغي تجديدها في نهاية أكتوبر الجاري.

ولمح وزير الخارجية الجزائري إلى أن الجزائر ستلتزم بالاتفاقيات الدولية، لكنه تجنب أن تكون تصريحاته بشأن هذا الموضوع أكثر دقة.

أما بالنسبة لإسبانيا، هناك طريقة بديلة لضمان ما يقارب من 10 مليارات متر مكعب من الغاز الجزائري، وهي استخدام خط أنابيب الغاز الذي يمر عبر بحر البوران إلى ألميريا.

نبضة إقليمية

وعلى الرغم من أن الصحراء الغربية، التي دائما ما كانت سبب النزاع المستمر بين الجارتين منذ سبعينيات القرن الماضي، إلا أن إعادة تنظيم التحالفات الإقليمية إلى حدود الخليج العربي توضح سياق هذه الأزمات.

كرست اتفاقات إبراهيم، التي روج لها ترامب، التقارب بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة أو الموالية للغرب، على غرار المغرب والإمارات والبحرين والسودان. كما كان تطوير هذا الميثاق الإقليمي سريعًا نسبيًا، حيث أنه في منتصف الصيف، زار وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، يائير لبيد، الرباط وأصدر تصريحات تعتبرها الجزائر معادية.

البوليساريو والمغرب
البوليساريو والمغرب

وفي الحقيقة، كان من الممكن للجزائر أن تتغاضى عن هذه التصريحات، لولا جو التوتر الجزائري المغربي، الذي ساد بسبب الاضطرابات الدبلوماسية الكامنة في المنطقة.

يُذكر أن الإمارات، شاركت بفاعلية في الحرب الليبية لدعم المشير حفتر، إلى جانب دعم مصر وروسيا، وبالتالي لم يكن هناك تناغم مع الحكومة المؤقتة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، المدعومة من تركيا وقطر.

هذا وتستجيب عمليات إعادة الاصطفاف، أمام المَوقف المناهض للإسلَاموية.

فالجميع يعلم تقريبا أن الإمارات (مثل المملكة العربية السعودية) تحارب بضراوة ضد تسييس الإسلام، تماما مثل مصر، التي لم يتردد جنرالاتها في الإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين في عام 2013، بعد ثورة 2011 المضطربة، التي  لَعبت بقوة لصالح الحكومة الليبية المؤقتة، والتي يهيمن عليها الإسلاميون المعتدلون.

في المقابل، انحازت قطر، وهي خصم للسعوديين والإماراتيين، إلى أنقرة وطرَابلس.

ولكي تدخل تونس في هذا النوع من التحالفات، سعى الرئيس التونسي، على الحصول على الدعم من مصر والإمارات، للإطاحة بحزب النهضة. ومع مرور الوقت، أصبح واضحًا أن الرئيس قيس سعيد، يتصرف وفقا لسيناريو الجنرال المصري السيسي، لإنهاء الديمقراطية تحت ستار حماية البلاد من خطر الديكتاتورية الدينية.

بعد عملية الإطاحة بحزب حركة النهضة، سبقتها زيارة الرئيس التونسي، مصر في أبريل من هذا العام. ومن الصعب تصديق أن الرئيس التونسي لم يتطرق إلى هذا الموضوع الحساس مع نظيره السيسي، اعتقادا منه بأنه تصحيح مسار سياسي لإزاحة الإسلاميين من السلطة. وجدير بالذكر أنه في ديسمبر 2019، عندما كان حزب النهضة مؤثرًا للغاية، زار أردوغان تونس للحصول على دعمها في الحرب الليبية.

“تشارك الرباط أبو ظبي مبادرة التعاون مع إسرائيل برعاية واشنطن”

وصلت هذه المناورات الجزائر والمغرب، بسبب لعبة القوى الإقليمية، حيث تشارك الرباط، أبو ظبي في مبادرة التعاون مع إسرائيل برعاية واشنطن. مع العلم أن بايدن لم يعلق أبدا على إعلان ترامب بأن السيادة على الصحراء الغربية تعود إلى دولة المغرب، ولم يتحدث علنًا ضد مشاركة الإمارات (والجزيرة العربية) في الحرب في اليمن، التي تشهد دمارا على جميع الأصعدة، ووضعا غير مستقر، خاصة مع احتمالات التفاوض غير الواضحة إلى الآن.

حاليا تنظر الجزائر إلى الصدام الإقليمي بين العلمانيين والإسلاميين بعدم ارتياح. علاوة على ذلك، خلفت الحرب ضد الجبهة الإسلامية، للإنقاذ في التسعينيات العديد من الجراح في البلاد.

البوليساريو غير قادرة على مواجهة القوات المغربية
البوليساريو غير قادرة على مواجهة القوات المغربية

كما أن السلطات الجزائرية لا تريد أن تفتح جبهة أخرى مع الإسلاميين ولكنها تحاول تعزيز حوار بنّاء مع الإسلاميين المعتدلين، بينما في ذات الوقت تضطهد الراديكاليين.

ختاما، لا تريد دولة الجزائر مواجهة أي تجاوزات من جيرانها، لا من الإسلاميين ولا من العلمانيين. لقد كانوا حذرين جدا في تَصريحاتهم وقراراتهم أثناء الحرب الليبية وينظرون الآن،  إلى الأحداث في تونس بقلق.

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.