الرئيسية » الهدهد » وفاة شفيق الغبرا.. السرطان يهزم الأكاديمي الكويتي وهذه تفاصيل اللحظات الأخيرة بحياته

وفاة شفيق الغبرا.. السرطان يهزم الأكاديمي الكويتي وهذه تفاصيل اللحظات الأخيرة بحياته

وطن- أعلنت العديد من وسائل الإعلام الكويتية اليوم، السبت 4 سبتمبر 2021، عن وفاة الأكاديمي الكويتي البارز الدكتور شفيق الغبرا، بعد صراع مع مرض السرطان عن عمر ناهز 68 عاما.

ويشار إلى أن شفيق الغبرا، هو باحث وأكاديمي كويتي من أصول فلسطينية، وشهدت حياته تحولات كبيرة منذ سنوات طفولته المبكرة مما كان له الأثر الأكبر على مسيرته الأكاديمية الممتدة لأكثر من 40 عاماً.

إذ عاش صعوبات الشتات عندما فرت عائلته الفلسطينية إلى مصر بعد نكبة 1948 وانتقلت لاحقًا إلى الكويت.

كما عرف شفيق الغبرا الكفاح العسكري كمقاتل ضمن صفوف منظمة التحرير الفلسطينية.

وشغل مناصب إدارية كمؤسس وأول رئيس للجامعة الأميركية في الكويت. لكنه اختار، في نهاية المطاف، التدريس والبحث.

وكتبت الإعلامية إيمان الحمود ناعية الدكتور شفيق الغبرا:”رحم الله صديقنا وأستاذنا الكبير د. شفيق الغبرا .. كان رمزًا للعطاء مؤمنًا بالحريات حتى آخر رمق.”

وتابعت:”تحدثت معه قبل أسابيع فقال لي إنه عاد الى الكويت لأنه بدأ يشعر بالتحسن وأن أمامه الكثير من المشاريع المنتظرة.. كان شعلةً من النشاط الذي لم تطفئ جذوته قسوة المرض.”

فيما دونت الكاتبة دلع المفتي:”الكويت حزينة الليلة. د. شفيق الغبرا في ذمة الله.”

شفيق الغبرا

ودشن النشطاء وسم بعنوان “شفيق الغبرا” نعوا فيه وفاة الأكاديمي البارز، وعبروا عن حزنهم البالغ لفقده مقدمين التعازي لأسرته وأهله ومحبيه.

وقال دكتور ساجد متعب العبدلي عبر الوسم:”خالص العزاء بوفاة البروفيسور شفيق_الغبرا الرجل المبدئي الخلوق.. الوداع أيها الصديق المحترم.”

بينما علق الكاتب محمد الوشيحي ناعيا الدكتور شفيق الغبرا بكلمتين فقط “مثله يُفقد.”

وقال محمد فروانة:”الدكتور شفيق الغبرا خير نموذج للإنسان الذي يبذل كل ما يملك في سبيل نصرة قضيته، والمثقف الذي لا يدنّس مسيرته بمواقف متقلّبة، والباحث الذي ينصر الحق بالحجّة المتماسكة مسيرة مليئة بالصدق، اللهم ارحمه واغفر له”.

وغرد علي السند، الأستاذ المساعد في الدراسات الإسلامية:”كان متصالحا مع فكرة الرحيل.. قالها لي بكل عفوية مع ابتسامته المعهودة: هذه المحاولة الأخيرة.. إذا مافادت.. بنودعكم!”

من هو الدكتور شفيق الغبرا؟

وشفيق الغبرا هو أكاديمي ومحلل سياسي كويتي من أصل فلسطيني في مدينة حيفا.

وهو الابن الأكبر للدكتور ناظم الغبرا. شارك في برامج حوارية حول أحداث كثيرة مرت على الساحة العربية – أحداث البحرين – ثورة سوريا – ثورة مصر – ثورة تونس.

ولد الدكتور شفيق الغبرا في العاك 1953 وتوفي اليوم، السبت 4 سبتمبر، عن عمر ناهز 68 سنة.

شفيق الغبرا والقضية الفلسطينية

ويشار إلى أن تجربة عائلة الدكتور شفيق الغبرا الفلسطينية في المنفى،  ساهمت في دفعه إلى تكريس معظم أبحاثه للقضية الفلسطينية، والتركيز على مفهوم الشتات، فضلاً عن دراسة آليات السلطة والمجتمع داخل الكويت الذي ولد وعاش فيه أغلب سنوات عمره.

وسبق أن قال الغبرا في مقابلة عبر الهاتف “لا تزال القضية  الفلسطينية تحتاج للكثير من الجهد  لسد الفراغ العلمي في التعريف بتفاصيلها كأي مأساة انسانية، خصوصاً في ظل السعي الإسرائيلي لاختلاق التاريخ، ومحو هوية السكان الأصليين الذين انتهت مصائرهم إلى الشتات.”

عبر دراساته العديدة، سعى الغبرا إلى رصد وتوثيق الدور المركزي الذي لعبته العائلات الفلسطينية في الشتات لإحياء الذاكرة الجماعية، ودرس الكيفية التي تضمن استمرار الصلات بين من هم داخل فلسطين ومن هم خارجها، وكشف كيف تحمل بعض أفراد هذه الأسر تكلفة تعليم اقاربهم وسد كافة أعبائهم المالية لحماية المجتمع الفلسطيني من التفكك الذي كرسته النكبة وسياسات الاحتلال الإسرائيلي.

شفيق الغبرا من الكفاح المسلح إلى التدريس

جاءت  التجربة الأكثر أثراً على مسيرته الأكاديمية من  التحاقه بفصائل الثورة الفلسطينية، عقب تخرجه من جامعة جورج تاون الاميركية، حين التحق كمقاتل ب “السرية الطلابية” التابعة لحركة فتح أوائل السبعينات، وانطلق من جنوب لبنان، ليبدأ بعدها أولى خطواته في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

إنّ تجربة الغبرا النضالية جعلته جريئاً في أطروحاته السياسية والأكاديمية، مع الكثير من التواضع “لأن التجربة القتالية جعلته يستصغر أي أمر أقل من الموت.”

قال الغبرا “ساهمت تجربة النضال العسكري لنحو ست سنوات في تطوير تجربتي الأكاديمي لأنها علمتني التعمق في قراءة الأحداث، وامتلاك فهم أوسع للحركات السياسية على اختلاف ايديولوجيتها وطرق تفاعلها مع الواقع. كما أنها ساهمت في تنمية الشعور بالزهدً في المناصب الإدارية أو القيادية، والإيمان أن موقع الأستاذ الجامعي هو الموقع الأكثر ملاءمة لخياراتي الشخصية.”

المسيرة العلمية للدكتور شفيق الغبرا

عقب الحصول على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة تكساس في أوستن عام 1987 عمل الغبرا مسؤولاً إعلامياً في سفارة الكويت في العاصمة الأميركية.

لكنه، لاحقاً، اختار العمل الأكاديمي والبحثي عن أي مسؤوليات أخرى، وعاد للتدريس في جامعة الكويت.

تأسيس الجامعة الأميركية في الكويت

في عام 2003، تم اختيار الغبرا لتأسيس الجامعة الأميركية في الكويت، في أول تجربة لبناء مؤسسة أكاديمية في مسيرته المهنية إلى جانب مهامه الأكاديمية.

تضمنت المهام الموكلة إليه الإشراف على بناء الجامعة وتصميم برامجها الأكاديمية للطلاب والأساتذة والتدخل في كل التفاصيل الإنشائية والتعليمية، وذلك خلال عام ونصف فقط.

وسبق أن قال في تصريحات له” الجامعة مثل الكائن البيولوجي؛ إما أن يكون مستعداً للتطور أو الخمول، وأن العوامل التي تساعد في هذا  التطور هي تطوير كتابات الطالب النقدية، وتعلم مهارات البحث والاستقصاء والعمل ضمن مجموعة، وتنمية ثقافة الحرية داخل”.

حرص الغبرا، رغم اتفاقيات التعاون الأكاديمي التي أبرمها مع جامعة  دارتموث الأميركية  في برامج العلوم الإنسانية والآداب والتعاقد مع أكاديميين أمريكيين للتدريس، على ألا تنفصل الجامعة عن المجتمع الموجود فيه وتعاليمه وتقاليده وخصوصيته الاجتماعية.

ويعتقد الغبرا أن تجربة تأسيس فروع لجامعات أجنبية في المنطقة العربية أمر جيد؛ لكن التجربة أثبتت أن هناك تحديات تؤثر على مستوى جودتها  مثل سيطرة العقلية التجارية والكسب المادي على بعضها، وغياب الحريات الأكاديمية في المنطقة، والأهم الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تنعكس سلباً على أوضاعها كحال الجامعة الأميركية في بيروت جراء أزمة لبنان الحالية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: أزمة مزدوجة تعصف بالطلاب والجامعات في لبنان).

شفيق الغبرا الأستاذ الإنسان

يعتقد الغبرا  أن غياب الحرية في العالم العربي أثر سلباً على تطوير العلوم الاجتماعية وأدى لانصراف الأساتذة العرب للعمل الإداري وترك البحث في القضايا الشائكة. (اقرأ التقرير ذو الصلة: الرقابة الذاتية مشكلة شائعة لكن مسكوت عنها في الأوساط الأكاديمية العربية).

وقال في تصريحات سابقة له ”القوانين لا تحمي الأستاذ الجامعي في أغلب الدول العربية، لذلك أصبح غالبية الأساتذة يفضلون المنصب الإداري عن البحث الذي قد يقود للسجن أو الفصل، في ظل غياب ضمانات ومحاذير متنوعة حول القضايا البحثية.”

“السمة الرئيسية لطريقة تدريس الغبرا للنظريات السياسية هي الربط بينها وبين السياسات العملية، حيث يعطي أهمية كبيرة للبحث الميداني كمصدر للمعلومة إلى جانب المصادر الأكاديمية.”

وأشارً إلى أن الكثير من طلابه الدارسين للدكتوراه في أمريكا وأوروبا يرفضون ترجمة أطروحاتهم إلى العربية خشية اتهامهم في بلدانهم بتهم دينية أو أمنية، وإدراكهم بعدم حماية القانون لهم.

انعكست  هذه الرؤى على طرق تدريس الغبرا للنظريات السياسية لطلابه، حيث يدفع طلابه دائما نحو آفاق جديدة في البحث واختيار موضوعات مغايرة .

شفيق الغبرا ومرض السرطان

رغم المشقة التي واجهها الغبرا خلال العام ونصف الماضية في فترة العلاج من مرض السرطان، إلا أنه ظل متمسكاً بمقاومة المرض من خلال الاستمرار في إجراء البحوث والتدريس.

إذ أصدر مؤخراً كتاب” نظريات سياسية حول العلوم الاجتماعية”. كما انتهى، خلال فترة علاجه في أمريكا، من تأليف كتاب جديد حول النكبة الفلسطينية منذ بداياتها في القرن 19 حتى الزمن الحالي، سيصدر نهاية العام الجاري.

وكان شفيق الغبرا قبل موته يعكف على مراجعة النسخة الإنجليزية من كتابه “حياتي غير آمنة” الذي صدرت طبعته العربية الأولى عام 2012.

وقال في تصريحات سابقة “سأستمر في العمل طالما أنني قادر على الكتابة والتفكير،”.

موضحاً أن تجارب النضال والعمل البحثي الممتد لعقود طويلة ساعدته على تحمل تجربة المرض.”

قد يعجبك أيضاً

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.