الرئيسية » الهدهد » لغة فريدة لا يفهمها أحد غير أهلها.. تعرف على قرية كمزار التي يتكلم سكانها لغة خاصة

لغة فريدة لا يفهمها أحد غير أهلها.. تعرف على قرية كمزار التي يتكلم سكانها لغة خاصة

نشرت هيئة الإذاعة البريطانية ” بي بي سي ، تقريراً حول قرية كمزار العمانية التي يعرف عن سكانها الحديث بلغة خاصة لا مثيل لها في العالم.

قرية كمزار العمانية

وقالت “بي بي سي” إن صحراء صخرية تمتد على مسافة تصل إلى مئة كليومتر، تفصل القرية العمانية عن باقي أنحاء السلطنة.

وتنعم هذه القرية بعزلة رائعة، على نحو أدى إلى أن تصبح لها لغتها وثقافتها الخاصة.

ويقول التقرير البريطاني إن القرية العمانية الصغيرة والتي تحمل أسم كمزار، تضع بين مضائق ذات تضاريس حادة شمالي السلطنة، وتبدو هذه القرية وكأنها مختبئة في خليج وادع، يفصل بين الجبال ومياه المحيط.

عزلة رائعة ولغة خاصة

والغريب حسب تقرير ” بي بي سي”، أن القريبة التي تقع أقصى الحدود الشمالية للسلطنة لا خارجها، تتسم بطابع مميز عن باقي أنحاء عُمان.

حيث أدت العزلة الرائعة، التي تنعم بها هذه القرية، إلى أن تصبح لها لغتها وثقافتها الخاصة بها.

كيف يمكن الوصول إلى القرية الفريدة من نوعها

“بي بي سي”، قالت إن السبيل الوحيد لبلوغها (الوصول للقرية) يتمثل في ركوب البحر؛ إما عبر رحلة بقارب سريع تستمر لنحو ساعة، أو على متن سفينة شراعية تقليدية تُعرف بـ “داو”، تنطلق من “خصب”، وهي أقرب مدينة. وستستغرق الرحلة في هذه الحالة ساعتيْن ونصف الساعة.

وتدين كمزار للجغرافيا، فيما يتعلق بالكثير من السمات، التي تُشَكِل ملامح شخصيتها الفريدة من نوعها، وفق التقرير.

فهي تقع في شبه جزيرة مسندم، التي تشكل جيبا ساحليا صغيرا، تفصل بينه وبين باقي أنحاء عُمان، صحراء صخرية تمتد لنحو مئة كيلومتر، وتقع في دولة الإمارات.

ويُطلق على مسندم لقب “نرويج الجزيرة العربية”، وذلك في ضوء ملامح ساحلها ذات الطابع البري بشكل دراماتيكي، والذي تتخلله أخوار شبيهة بالمضايق البحرية.

لكن الفارق يتمثل في أن هذه الخلجان الصخرية الصغيرة، لم تتشكل جراء الانزلاقات المستمرة للأنهار الجليدية، كما حدث لنظيرتها الإسكندنافية، وإنما بفعل تصادم الصفائح التكتونية، التي تؤدي إلى تصدع القشرة الأرضية من أسفلها، وكأنها تحركات مخلوقات مرعبة، تتصارع لكي تخرج من قلب بيضة.

ويقع مضيق هرمز ومن ثم إيران، خلف خليج كمزار. ولنحو 700 عام، تشرّب القرويون مزيجا من التأثيرات القادمة من هذا المضيق، الذي طالما شكَلَّ بوتقة للأحداث الدرامية للغاية، المتعلقة بالتجارة الخارجية، وكذلك بالجوانب الثقافية، والقضايا الجيوسياسية أيضا.

ويتجسد ذلك على نحو لافت للنظر بشدة، في اللغة السائدة في القرية، والتي تختلف عن أي لغة أخرى سواها، وفق التقرير البريطاني.

مفردات عتيقة عربية وفارسية

وقالت مكية الكمزاري، وهي إحدى القاطنات في القرية، إن تلك اللغة تمثل مزيجا من مفردات عتيقة عربية وفارسية، بجانب كلمات من لغات أخرى، مثل الأكادية والسريانية والتركية والإنجليزية والهندية.

وأشارت هذه السيدة، التي تدرس لغة المدينة وثقافتها، إلى أن اللغة المُستخدمة في القرية، لا توجد في أي مكان آخر في العالم.

وتمثل اللغة الكمزارية، مصدرا قويا للشعور بالفخر في هذه المنطقة.

وقال لي معاذ الكمزاري، وهو ربان إحدى سفن الـ “داو” التي تقوم برحلات في المنطقة المحيطة بمسندم، إن “الكمزارية هي لغتنا الأم. وعندما نكون معا لا نتحدث بغيرها، رغم أننا جميعا نتقن العربية أيضا”.

وقد تبدو الكثير من مفردات اللغة الكمزارية مألوفة للناطقين بالإنجليزية. وفي الوقت نفسه، تُنطق الكثير من المفردات التي أخذتها الكمزارية من العربية والفارسية، على نحو أقرب لما كانت عليه كلمات هاتين اللغتين في العصور الوسطى، لا العصر الحديث.

لغة القرية أثارت اهتمام اللغويين

ومنذ أمد بعيد، أدى مزيج التأثيرات المختلفة التي تحملها اللغة الكمزارية في طياتها، فضلا عن قدرتها على البقاء والصمود في بيئة تغلب عليها اللغة العربية بشكل هائل، إلى إثارة اهتمام اللغويين من أمثال كريستينا فان دير فال أنونبي وإريك أنونبي، اللذيْن عاشا وعملا فيها لمدة عام.

وقال إريك إن تلك القرية العُمانية، تقبع منذ قرون في قلب منظومة إقليمية نابضة بالحياة تاريخيا واجتماعيا، ما يجعل من قبيل الخطأ أن نفكر فيها، باعتبارها مكانا معزولا، حتى وإن كان لا يمكن الوصول إليها سوى عبر البحر.

وأضاف: “كمزار كانت مهمة للغاية من الوجهة التاريخية، فقد شكلت إحدى البقاع القليلة، التي يوجد بين جنباتها بئر يحتوي على مياه عذبة بكميات كبيرة، في المنطقة الواقعة بين مراكز تجارية مثل البصرة ومسقط وزنزبار والهند وما ورائها”.

وقد حظي إريك أنونبي وكريستينا أنونبي بالترحاب من جانب سكان المدينة، ممن أشعروهما بأنهما باتا جزءا من المجتمع المحلي هناك.

ويعتمد سكان كمزار على صيد الأسماك التي تعيش في الأخوار المحيطة بهم، في كسب قوت يومهم على مدار تسعة شهور من العام.

أما في شهور الصيف، والتي تهجر الأسماك خلالها المياه بسبب شدة الحرارة، فينتقل السكان إلى خصب، للمشاركة في عمليات حصاد تمور النخيل.

ونظراً لأن المياه التي تطل عليها القرية، هي التي تمنحها حياتها، فإنها هي التي تُشكِل أيضا اللغة التي يتحدث بها السكان، كما قال لي إريك.

اقرأ أيضاً: ما حقيقة ما يحدث لعاملات منازل من سيراليون في سلطنة عمان!

أشار إلى أنه وجد في المدينة “200 اسم مختلف لأنواع من الأسماك. وكثير من هذه الأسماء، تختلف عن تلك التي تُطلق على أنواع الأسماك، في لغات العالم الأخرى”.

موقع جغرافي فريد

ولم يقتصر تأثير الموقع الجغرافي الفريد لكمزار، القابعة بين جدران جبلية شاهقة من ثلاث جهات ومياه المحيط من الجهة الرابعة، على تشكيل المفردات اللغوية للسكان فحسب، بل امتد أيضا إلى الطريقة التي ينظر بها هؤلاء، إلى العالم من حولهم.

وبدلاً من استخدام الجهات الأصلية الأربع: الشمال والجنوب والشرق والغرب (كما نفعل في اللغتين الإنجليزية والعربية مثلا)، يتمحور عالم هؤلاء السكان حول اتجاهين أعلى نحو الجبال، و`أسفل` صوب المحيط.

كما أن الشؤون والتفاصيل المتعلقة بالملاحة البحرية، تلقي بظلالها طيلة الوقت، على التفاعلات الاجتماعية بين سكان المدينة. فهم – مثلا – يحيون بعضهم بعضا، بعبارة تقول ترجمتها “كيف هي الرياح؟”.

ويُقال كذلك إن الشغف بالأسماك، يمتد حتى إلى الماعز الموجودة في القرية، تلك التي تلتهم السردين، عندما لا تجد شيئا آخر تقتات عليه على البر.

ولذا، من غير المستغرب أن يهيمن البحر والمحيط بشكل كبير، على التقاليد الشعبية السائدة في كمزار.

الثقافة الكمزارية

وتتضمن الثقافة الكمزارية، جوانب أخرى نابضة بالحياة بدورها. فحسبما يقول إريك: “يُعرف سكان كمزار في مختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية، بحفلات الزفاف المفعمة بالحياة والحيوية.

وأضاف: “تستمر الواحدة منها أسبوعا، وتحفل طوال الوقت بالرقصات والأغنيات الشعبية والولائم الباذخة، التي يلتئم فيها شمل القرية بأسرها”.

ومع أن كمزار ربما تكون بعيدة عن أي مكان آخر، فلا يمكن اعتبارها بقعة منعزلة. فالقرية تنعم بالاكتفاء الذاتي، إذ أن فيها مدرسة ومستشفى ومحطة لتحلية المياه.

ويبدو الشعور بالفخر بالانتماء إلى هذا المكان، متقدا بشدة في نفوس سكانه. وما من مثال على ذلك أفضل ربما، من حالة فريق المدينة لكرة القدم، الذي تغلب بشكل لافت على فرق منافسة تفوقه من حيث الموارد البشرية والمادية، ليُتوج بطلا لمسابقة محلية في السلطنة عام 2016.

ويُعقّب معاذ على ذلك بالقول: “لقد كان هذا إنجازا عظيما لنادينا، ويشعر كل الكمزاريين بالفخر بهذه اللحظة. فقد شجع ذلك بالتأكيد شعورنا بالهوية المحلية”.

وبالرغم من ذلك كله، يبدو أن الغموض يكتنف مستقبل كمزار بشدة. فالقرية – كما يقول معاذ – تتغير، ويكرس الجيل الجديد من السكان فيها “الكثير للغاية من الوقت والجهد للتعليم، وكثيرا ما ينتقلون للحياة في مسقط، للدراسة هناك”.

وقد ولّت تلك الأيام، التي كانت فيها الأجيال السابقة من سكان القرية، تتحدث بـ “الكمزارية” وحدها، ولا تشجع تعلم العربية.

وقد بات شباب المدينة، يسعون في أغلب الأحيان بعد تخرجهم، للحصول على فرص عمل في باقي أنحاء عُمان، أو حتى في الإمارات.

اضراب سبل العيش

ويقول إريك إن عمليات الصيد التجاري، أدت إلى استنفاد مخزون الأسماك، ما قاد إلى اضطراب سبل عيش من يعملون في هذه المهنة من سكان كمزار.

وأضاف: “أدى نظام التعليم ذو المناهج الموحدة (القائم في مختلف أنحاء عُمان) وشيوع استخدام التليفزيون، والآن الإنترنت، إلى أن تجد اللغة العربية طريقها إلى الحياة اليومية، على مدار ساعات الليل والنهار.

وشهدت السنوات العشر الماضية، تغيرا كبيرا، إذ أصبحت غالبية الأًسر تُعلّم أبناءها العربية كلغة أولى. ورغم أن الأطفال لا يزالون قادرين على فهم الكمزارية، فإنهم لا يتحدثون بها جيدا، وبات تناقل اللغة بين الأجيال يتلاشى بسرعة”.

أسباب تدفع للتفاؤل

ومع ذلك، لا تزال هناك أسباب للتفاؤل. إذ يعكف خبراء من القرية وأشخاص متحمسون للغتها، على التعاون مع باحثين مثل إريك وكريستينا، لاستحداث نظام كتابة باللغة الكمزارية، ومساعدة أهل هذه المنطقة على الحفاظ على لغتهم وثقافتهم.

وقال إريك: “لحسن الحظ، هناك مجموعة متفانية من الكمزاريين، لا يريدون أن يفقدوا كل تاريخهم ومعارفهم الثقافية، وقدرتهم على البقاء والنجاح رغم كل الصعاب البيئية”.

وأضاف: “لا يرغب هؤلاء أيضا في فقدان هويتهم الكمزارية الفريدة، التي تُبقيها اللغة على قيد الحياة”.

وأكمل: “من شأن حفاظهم على الكمزارية، إثراؤهم للتراث الثقافي للعالم بأسره، نظرا لعدم وجود أي لغة أخرى على وجه الأرض مماثلة للكمزارية”.

وبرغم أن شباب المدينة يغادرونها للالتحاق بالجامعات المختلفة في السلطنة، فإن ارتفاع معدل المواليد في القرية، يعني أنه من غير المحتمل أن تعاني هذه البقعة، من نقص في العدد الكافي من الشبان، لحماية لغتها من الاندثار.

فوفقا لمعاذ، يتزايد الآن “عدد سكان القرية، ويتم تشييد منازل جديدة في الجبال التي تُطل عليها”.

تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد

 

أضغط هنا وفعل زر الاشتراك

قد يعجبك أيضاً

رأي واحد حول “لغة فريدة لا يفهمها أحد غير أهلها.. تعرف على قرية كمزار التي يتكلم سكانها لغة خاصة”

  1. خخخخخخ! هي لهجة وليست لغة! وفيها خليط من البرتغالية والفارسية والبلوشية ! ومسقط وعمان ما صدقت كل يوم تنشر كذب! الناس صايمة يا بلد الافلاس والفقر! خخخخخخخ

    رد

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.